القضاء والقدر

س 12: ما هو رأي الطائفة المحقّة بمن يرى محصوريّة القضاء والقدر بالواقع الكونيّ دون الواقع الاجتماعي، إذ يقول في ردّه على الشيخ المفيد: إنّ مسألة القضاء والقدر لا تتصل بالأوامر والنواهي الصادرة من الله في التكاليف المتعلّقة بأفعال عباده، بل هي متّصلة بمسألة الواقع الكونيّ والإنسانيّ فيما أوجده الله وفعله وقدّره وطبيعته بالدرجة التي يمكن للإنسان أن يحصل فيها على تصوّر تفصيلي واضح للأسباب الكامنة وراء ذلك كلّه في معنى الخلق وسببه وغايته.

وقال في موضع آخر موضحاً بما نصّه: ليس هناك قضاء وقدر، الإنسان هو الذي يصنع قضاءه وقدره، ولكن هناك حتمية تاريخية، وهناك حتميات سياسية، وهناك حتميات اقتصادية، إنّك عندما تحدّث الإنسان عن حتميّاته فمعنى ذلك أنّك تعزله عن كلّ حركته. ولكن عندما يحدّثك الله عن القضاء والقدر فإنّه يقول لك: إنّك تصنع قضاءك وقدرك.. إلى أن يقول: نحن لا نقول بأنَّ الأمر الواقع هو القضاء والقدر، الأمر الواقع هو شيء صنعه الآخرون واستطاعت أن تحرّكه ظروف موضوعيّة معيّنة..

الشيخ التبريزي: بسمه تعالى، إنّ القضاء والقدر على قسمين:  1) ما كان معلّقاً على اختيار العبد كالخسارة والربح ـ مثلاً ـ فهذا راجع لمشيئة الإنسان، وعِلْمُ الله بوقوعه عن اختيار العبد ليس سبباً لوقوع العبد في ذلك العمل.  2) ما كان غير معلّق على مشيئة العبد فهذا قضاء حتمي كالغنى والفقر والآجال وليس بيد العبد، وهذا هو ظاهر القرآن الكريم نحو قوله تعالى: ﴿قُل لَّن يُصيبَنا إلاّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا﴾ [التوبة:51] وقوله تعالى: ﴿إنّا أنزَلناه في ليلةِ القَدر﴾ [القدر:1] والمقصود بليلة القدر ـ كما في الروايات ـ ليلة التقدير تقدير الأرزاق والآجال ونحوها والله الهادي للحق.

تعليق السيّد فضل الله: إنّ حديثكم عن القضاء والقدر صحيح، وهذا ما نقول به، لأنّ أسباب الحوادث التي تمثّل قضاء الله وقدره قد تكون اختيارية بإرادة الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿..إن الله لا يُغيّرُ ما بِقَومٍ حَتى يُغيَروا ما بِأنفُسِهِم..﴾ [الرعد: 11] وقد تكون غير اختيارية كما في الآجال والزلازل والبراكين.. والأمور الحادثة للإنسان من خلال الظواهر الكونية، أو بسبب الناس الآخرين.