مقالات جريئة
التطبير رؤية فقهية إسلامية
الشيخ حسين الخشن    لعل من أغرب الوسائل المتبعة في إحياء الذكريات الدينية تلك الوسيلة أو الطريقة التي يعتمدها البعض في إحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين (ع) والمتمثلة بضرب الرؤوس بالسيوف، وهو العمل الذي اصطلح عليه في بعض الأوساط بــ "التطبير" 1،  فماذا عن شرعيّة هذه الوسيلة؟ ومتى جاءتنا ومن أين؟ وما هي مبرّرات المدافعين عنها؟ وهل هي مبرّرات مقبولة؟   في المقابل، ما هو مستند المعارضين لها وحجتهم في رفضها؟ هذا ما نحاول تسليط الضوء عليه فيما يأتي:   عادة حادثة ودخيلة   إنْ لم يكن من الواضح عندنا بشكلٍ تفصيلي متى وكيف نشأت هذه العادة؟ ومَن هو أوّل…
هل بُعث النبي بالذبح أو بالرحمة؟
قد يتمسك دعاة الذبح والنحر، وقطع الرؤوس والأعناق، بحديث مروي عن رسول الله (ص) يذكر فيه أنّه بعث بالذبح، وإليك نص الحديث قبل التعليق عليه: "عن عبد الله بن عمرو قال: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول الله (ص) فيما كانت تظهر من عداوته، وقد حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم في الحجر فذكروا رسول الله فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفّه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرّق جماعتنا وسبّ آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله (ص) فأقبل يمشي حتى استلم الركن فمرّ طائفاً بالبيت،…
حديث الكساء: صحيح أم مخترع؟!
يقول السائل: ﻫﻞ ﺻﺤﻴﺢ أﻥ ﺳﻤﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴيد محمد حسين فضل الله ﻳﻘوﻝ إﻥ: حديث ﺍﻟكساء ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ؟ والجواب هو: ﺳﻤﺎﺣﺘﻪ (قده) ﻳُﺸكل ﻓﻲ خصوص ﺍلحديث ﺍﻟﻤﺮﻭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ الجنان  ﺑﺎﻟﺸكل ﺍﻟمذكوﺭ ﻓﻴﻪ، ﺃﻣﺎ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍلكساء ﻭﻧﺰﻭﻝ ﺁﻳﺔ ﺍﻟتطهير ﺑﺤﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟبيت (عليهم ﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ) ﻓﻬﻲ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ‌ ﺇﺷكاﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭتدﻝ ﻋﻠﻰ عصمتهم ﻭﻣﻨﺰلتهم ﻭعظيم فضلهم عليهم ﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ. [1] ﻟﻸ‌ﺳﻒ ﺍلشديد ﻓﺈﻥَّ كلّ حديث ﺍلكساء ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻘﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ليس ﻟﻪ سند متّصل ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻮﻡ (ﻉ). فهم ﻳﺮﻭُﻭﻧﻪ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ عبد ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷ‌ﻧﺼﺎﺭﻱّ، ﻋﻦ ﻣﻮﻻ‌ﺗﻨﺎ فاطمة الزهراء (ﻉ)، ﻭلكن ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍلواسطة بينهم ﻭﺑﻴﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﻷ‌ﻧﺼﺎﺭﻱّ،…
ذرية الرسول(ص) بين المحبة والطبقية
غير خافٍ أنّ من أهم المبادئ التي أرساها الإسلام وحرص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) على التبشير بها مبدأ التساوي بين الناس، سواءً في أصل الخِلْقة الإنسانيّة، أو في الوظيفة والدور، أو في الحقوق والواجبات، محارباً (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ أشكال التمييز العنصري والتفاوت الاجتماعي، رافضاً الارستقراطيّة القرشيّة ومعاييرها الظالمة في تفضيل الناس بعضهم على بعضهم، مقدّماً معايير جديدة للتفاضل بين الناس لا تقوم على أساس النسب ولا العشيرة ولا اللون ولا الجنس ولا غيرها من المعايير الجاهلية، فـ "لا فضل لعربيّ على أعجميّ ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر…
دور المترفين في سقوط المجتمعات
السيد جغفر فضل الله* تحدّث الله تعالى عن المترَفين في أكثر من موضع من القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وإذا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قريَةً أمَرْنا مُترفيها فَفَسَقوا فيها فحَقَّ عليها القولُ فدَمَّرْناها تَدْميراً﴾(1)، فبيَّنَ أنّ المترفين هم السبب إنزال العذاب الإلهيّ على المجتمعات، وإهلاكهم وتدمير مقدّراتهم. وبما أنَّ ظاهرة المترفين هي ظاهرةٌ متكرِّرَةٌ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ، فإنّ من المفيد التوقّف عندها بشيء من التحليل؛ لأنّ العذاب الإلهيَّ المباشر إذا كان قد رُفع عن المجتمعات، فإنّ ذلك لا يعني عدم نزول العذاب ﴿بما كَسَبَتْ أيْدي النّاسِ﴾(2)، بحيث يتحوّل العذاب إلى جزءٍ من حركة السنن التي يختبرها الناس نتيجةً لمنهجهم في التعامل…
المرأة بين الشريعة وفهم الشريعة
إيمان شمس الدين إن المحنة التي تعيشها أمتنا المعاصرة هي من أشد المحن التي تمر عليها, فبالإضافة إلى ضعفها وبعدها الشديد عن الإسلام وأصالته, جاء الفساد على كل مستوياته كنتيجة طبيعية لهذا البعد لينخر فيما تبقى من جسدها, وللأسف كان العضو الأبرز في هذا الإفساد هو المرأة, حيث استطاعت من خلالها ما يسمى بالحضارة الغربية أن تخترق الأمة الإسلامية لتنشر الفساد وتعم الفوضى على كل مستوياتها الفكرية والإنسانية وغيرها من خلال المرأة التي ركز الآخر على بعدها الأنثوي وأهمل البعد الإنساني الذي يشكل أصالتها ويشترك بأرضيته وأبعاده مع البعد الإنساني عند الرجال. ولكن لا نريد هنا أن نلقي باللوم على…
السبي في الإسلام
س - ما رأى سماحتكم فى إشكال يثيره الخصوم حول إباحة الشريعة للسبي, فهل السبي قبيح عقلاً و كيف أباحته الشريعة اذن؟ ج -  نلاحظ أن القرآن الكريم لم يتحدث عن قضية السبي كخيار في التعامل مع  أسرى العدو، وإنما تحدث عن خيارين آخرين : وهما المن والفداء، قال تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}. وأما قضية السبي التي مارسها المسلمون في الزمن السابق فكانت - فيما نرجح - إجراءً تدبيرياً اعتمده مع الآخرين على قاعدة التعامل بالمثل، لأن السبي كان أسلوباً شائعاً ومألوفاً في ذلك الزمان عند كافة الشعوب،…
هل هناك مصطلح اسمه مرجع أعلى؟!
يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين: هذا المصطلح (مرجع اعلى) لا أساس له إطلاقاً بالشرع، ولا أساس له قبل الشرع الإسلامي في الفكر الإسلامي ... وأقول للتاريخ إننا في عهد الشهيد السيد محمد باقر الصدر نـحن مجموعة من الناس، وأنا واحد منهم رحم الله من توفاه، وحفظ الله من بقي حياً. نـحن اخترعنا هذا المصطلح. في النجف اخترعنا مصطلح مرجع أعلى. وقبل مرحلة الستينيات لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق. هذا المصطلح نـحن أوجدناه؛ السيد محمد باقر الحكيم، السيد محمد مهدي الحكيم، السيد محمد بحر العلوم، ولعله يمكن أن أقول بنحو المصادفة إن جانب السيد…
ماذا وراء شيطنة التشيّع؟!
السيد جعفر فضل الله* الصراع الدائر على مساحة العالم الإسلامي، بل العالم، حول التشيّع والشيعة وحركاتهم الإسلاميّة عموماً، له جانبان: الجانب السياسي والميداني، والجانب الثقافي والفكري المرتبط بموقعه من المجال الإسلاميّ العام الّذي يضمّه ومختلف المذاهب والحركات الإسلاميّة من جهة، ومساهمته في بلورة الرؤية الإسلاميّة الحضاريّة من جهة أخرى. ما سنحاول معالجته في هذه المقالة، هو ما يرتبط بالجانب الثّاني؛ لأنّني أعتقد أنّ الخلل في رؤية هذا الجانب، هو الّذي عقّد المشهد العامّ في ما يخصّ الجانب الأوّل. يبقى أن نُشير إلى أنّ "الشيطنة" الواردة في العنوان، هي نوعٌ من الصناعة التي يتمّ من خلالها صنعُ صورَةٍ لموضوعٍ ما على…