من الآية 39 الى الآية 40
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيتــان
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}(39ـ40).
* * *
معاني المفردات
{فِتْنَةٌ}: هي ما تُمتحن به النفوس، وتكون، لا محالة، مما يشقّ عليها. وقد غلب استعمالها في المقاتل وارتفاع الأمن وانتقاض الصلح.
{انْتَهَوْاْ}: الانتهاء: الإقلاع عن الشيء لأجل النهي.
* * *
القتال إبعاداً للفتنة عن الدين
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}. وهذا توجيهٌ للمؤمنين إلى الروحية التي يجب أن تحكم أهدافهم في القتال، فهم يقاتلون على أساس منع القوة التي تمثلها قريش من الضغط على المسلمين بغرض فتنتهم عن دينهم، وإبعادهم عن خط التوحيد لله. فإن هذه القوة إذا انهارت، انهار الشرك كله، مما يدفع الجوّ إلى التغيير الجذري. {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ}، لأن الناس سينفتحون على الإسلام عندما تتحطم كل الحواجز المادية التي تمنعهم من الوصول إليه والانفتاح عليه، وهذا هو الخط الذي ينبغي للمؤمنين أن يسيروا عليه في ساحة الصراع، ليكون من أهدافهم البعيدة أن يضعفوا كل القوى الكافرة المهيمنة على الفكر والعمل، بالوسائل الواقعية التي يملكونها، على أساس الظروف الموضوعية المحيطة بهم، في ما تختزن من أوضاعٍ وما تطلقه من تحديات وما تتحرك به من خططٍ ومؤامرات، لأن إضعاف القوى المضادّة قد يكون إحدى الوسائل التي تتيح للدعوة الإسلامية أن تأخذ حريتها في الحركة، عندما يأخذ الآخرون من أفراد الأمة حريتهم في التفكير والقراءة والاستماع والحوار، بعيداً عن الضغوط الفكرية والسياسية والعسكرية، {فَإِنِ انْتَهَوْاْ} وأسلموا الأمر لله ودخلوا في الإسلام، أو انتهوا عن العدوان والفتنة؛ {فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ليجزيهم على ما عملوا بما يستحقون من جزاء. {وَإِن تَوَلَّوْاْ} وأعرضوا واستمروا على طريق الكفر والبغي والضلال، {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ} وناصركم عليهم مهما امتدوا في طغيانهم وعدوانهم. والله {نِعْمَ الْمَوْلَى} لأوليائه، {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} لهم على أعدائهم وأعدائه.
تفسير القرآن