الآية 41
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيـة
{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ}(41).
* * *
الدعوة إلى النفور خفافاً وثقالاً
ويعود النداء الإلهي من جديد، ليستحثهم ويحرّك فيهم إرادة الجهاد من خلال إرادة الإيمان الحي في نفوسهم، فماذا ينتظر المؤمن أمام نداء الله إلا أن يستجيب له، لأن في ذلك الخير كل الخير، والنجاح كل النجاح، لو وعى الإنسان حقيقة الموقف وحقيقة الإيمان.
* * *
نداء النفير العام
{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً} لأن القضيّة ليست في ما ترزحون تحته من أثقال المسؤوليات الحياتية أو في ما تملكونه من حرية الحركة من خلال الحمل الخفيف الذي تتحرك فيه مسؤوليتكم، فإن الأمر في الحالتين سواء، فلا عذر لمن يتمكن من الخروج ولا يخرج للجهاد الذي يمثل قصة المصير في حركة الإسلام في الحياة، إن النداء يشبه الدعوة إلى النفير العام على كلّ حالٍ، بعيداً عن الظروف المعوّقة أو المنشّطة.. {وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ} وذلك بأن تقدّموا للمعركة من أموالكم المقدار الذي تحتاجه مما يمكنكم بذله، فذلك هو لونٌ من ألوان الجهاد، في ما يمثّله من تضحيةٍ وجهدٍ ومشقّةٍ وتعب {وَأَنفُسِكُمْ} وذلك بأن تقفوا في خطّ المواجهة في المعركة، لتقاتلوا ولتقتحموا على العدوّ ساحته وتواجهوا الخطر كله {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} لأنكم مدعوّون إلى القتال من أجل حماية الإسلام والمسلمين من كل التحديات التي يوجهها إليهم الكفر كله، والشرك كله. فأنتم في سبيل من سُبُل الله، وبذلك فإن أجركم يقع على الله إن بقيتم على الحياة أو متُّم {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ} من الاسترخاء في ظلال الكسل وحب الراحة والبعد عن المسؤوليّة، لأن ذلك لن ينقذكم من المشاكل الصعبة التي يفرضها عليكم الذلّ في حالة السلم من قِبَل الأعداء، إذا تخلصتم من مشاكل الحرب، {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} وتعون دقّة المرحلة من خلال ما تفرضه من مجابهةٍ ورقابةٍ ومحاسبةٍ ودراسةٍ للوضع كله بعيداً عن حالات التشنّج والحيرة والضياع.
تفسير القرآن