تفسير القرآن
يونس / من الآية 101 إلى الآية 103

 من الآية 101 الى الآية 103
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيـات

{قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَـوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ* فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُواْ إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ الْمُنْتَظِرِينَ* ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} (101ـ103).

* * *

معاني المفردات

{تُغْنِي}: تكفي.

{وَالنُّذُرُ}: جمع نذير، وهم الرسل الذين أرسلهم الله لينذروا العباد.

* * *

دعوة إلى التأمل بآيات الله

{قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ} إنها الدعوة الدائمة للنظر الذي يتحرك في كل اتجاه، ليصعد إلى السماء، فيشاهد ما فيها من آيات الله، وليهبط إلى الأرض، فيتطلع إلى ما في داخلها وعلى سطحها وفي جنباتها من ألوانٍ ومخلوقات وظواهر، وليفكر في ذلك كله كيف يتحرك في نظام دقيقٍ لا ينحرف ولا يزول، بل ينطلق من حكمةٍ وتنظيمٍ عميق، ليخرج بالنتيجة الحاسمة، وهي أن الله هو الخالق الحكيم القويّ القادر الذي لا ينتقص أحدٌ من عزّته، ولا يساويه أيُّ شيء من خلقه. ولكن الكافرين لا يريدون الخوض في شؤون الإيمان من مواقع الفكر، بل ينطلقون إليها من موقع اللاّمبالاة، ولا يقفون من هذه الدعوة موقف الجدّية والاهتمام، بل يواجهونها من خلال اللاّمسؤولية البعيدة عن كل نتيجة حاسمة على طريق الخير والهدى والإيمان.

{وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ} التي أودعها الله في الكون أو التي أنزلها على الرسل {وَالنُّذُرُ} الذين أرسلهم الله لينذروا عباده ويخوّفوهم عقابه، {عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} ولا يحملون مسؤولية الإيمان، لأن الإنسان لا ينتفع بما لا يريد الانتفاع به.

* * *

الانتظار مع المنتظرين

ويطرح القرآن التساؤل: وماذا بعد ذلك؟ ماذا ينتظر هؤلاء من كل هذا الكفر والتمرد والعصيان؟ فهل ينتظرون إلا مثل أيام الخزي في الدنيا والآخرة، وهل يعتبرون بذلك، أم أنهم يسخرون ويطلقون المسألة في حجم التحدي للنبيّ، كأنهم يستعجلون الأمر ويشكّكون في ارتباطه بالله القادر على ذلك، {قُلْ فَانْتَظِرُواْ إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ الْمُنْتَظِرِينَ} لأنني لا أملك القدرة الذاتية على ذلك، بل كل ما عندي أن أنذركم لقاء يوم القيامة، وأبلغكم ما أوحى به الله إليّ. ويبقى الأمر لله في ذلك، فهو أعلم بما يحكم وما يريد وما يفعل، ويبقى لنا أن ننتظر أمر الله في ما يحدث لنا وللآخرين، وينزل الله عقابه على الكافرين، {ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} جزاء إيمانهم وإخلاصهم لله وللرسول وللرسالة، في كل ما قالوه وعملوه أو واجهوه من مصائب ومشاكل وبلايا.