سورة البقرة 111 - 113
الآيــات
{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجنّة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّه يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (111ـ113).
* * *
معاني المفردات:
{هُودً} : جمع مفرده المذكّر هائد والمؤنث هائدة، ومعنى الهائد: التّائب الرّاجع إلى الحقّ.
{أَمَانِيُّهُمْ} : الأماني جمع واحدها أمنية من التّمنّي.
{مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه} : أخلص له في العمل.
* * *
أهل الكتاب بين الأماني والحقائق:
هذا فصل جديد من السورة، يدخل فيه القرآن معهم في حوار غير مباشر، أو يوحي للنبيّ بالدخول معهم في ذلك، وهو جزءٌ من حملة التوعية العملية للمسلمين لمعرفة ما حولهم ومَن حولهم، وأسلوب من أساليب التعرية للواقع الداخلي لهذه الجماعات من خلال الأوهام الساذجة التي يحملونها عن مصيرهم ومصير غيرهم من النّاس من دون استناد إلى ركن وثيق، فهم يحسبون أنَّ الجنّة محجوزة لليهود وللنصارى، فهذا هو ما يقوله اليهود عن أنفسهم، وما يقوله النصارى عن أنفسهم.
* * *
طلب البرهان على صدق دعواهم:
{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجنّة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} ولكنَّ القرآن يواجه هذه الأوهام بتعليق ساخر مهذّب: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} ، ولكلِّ إنسان مطلق الحرية في تمني ما يشاء لنفسه، فإن مساحة الأماني الذاتية واسعة سعةَ الخيال، فإذا كانت كلماتهم هذه من وحي التمنيات، فلتكن لهم حريتهم في إطلاقها كما يريدون، وإذا كانت من وحي العقيدة التي تحدّد للإنسان مصيره الذي يبني عليه حياته، فلتكن المواجهة من باب النصيحة والتحدّي. {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} على ذلك، بتقديم الأسس العقيدية التي تحدّد للإنسان قضية المصير في الآخرة من الجنّة والنّار، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في هذه الدعوى، لأنَّ الصدق يتطلّب الإثبات الذي ترتكز عليه القناعة العقلية والوجدانية، وهذا ما يفقده هؤلاء في ما يملكونه من وسائل الإقناع والإثبات.
ثُمَّ يتابع القرآن تحديد الأسس التي تنطلق من خلالها الحجّة: {بَلَى} ، ليس الأمر كما تقولون يا أصحاب الأماني، فلستم أهل الجنّة، لكن أهلها {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه} . فالآمنون يوم القيامة هم الذين يسلّمون وجوههم للّه في الفكر والعقيدة والعبادة، فلا ينطلقون في فكر أو عقيدة إلاَّ إذا كان ينسجم مع الحقيقة المنسابة من وحي اللّه، ولا يدخلون في عبادة إلاَّ من خلال تجسيدها للمعنى الحقّ لعبودية الإنسان للّه، فلا يشركون بعبادته غيرَه ولا يعبدون سواه. {وَهُوَ مُحْسِنٌ} ، وهم الذين لا يعيشون هذا الإسلام في حياتهم الداخلية فحسب، ليتجمد في لحظات التأمّل والفكر والخشوع الروحي المنساب في أجواء صوفية غامضة حالمة، بل يتحوّل في حياتهم العملية إحساناً للحياة وللآخرين في كلّ ما يستطيعون أن يقدّموه من أعمال وخدمات، وفي كلّ ما يملكون تفجيره من طاقات، فلا يعيشون الأنانية في قواهم التي يملكونها ولا في فكرهم الذي يعيشونه، بل يعتبرونها ملكاً لهم وللحياة والإنسان، لأنها هبة اللّه ونعمته الملتزمة بحدود المسؤولية، فلا بُدَّ من أن تتصاعد في حياتهم صلوات عملية خاشعة في رحاب اللّه. {فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} بما قدّموه من عمل، وبما عاشوه من إيمان، لأنَّ الإنسان الذي يُسلم وجهه للّه في كلّ توجّهاته في الحياة، وفي كلّ تطلّعاته المستقبلية، وفي كلّ علاقاته الإنسانية، يرتبط باللّه بأوثق الروابط، ويرتفع إليه بأعلى درجات القرب، ما يجعله محبوباً من اللّه، قريباً إليه، مرضيّاً عنده؛ وهذا ما يشكل الأساس لكي لا يخاف الإنسان من أيّ شيء مما يخافه النّاس عادة، فالمتقون في حرز من الخوف في الدنيا والآخرة معاً، كما أنَّ الحزن لا معنى له في وعي الإنسان الذي تتجمّع في روحه كلّ عناصر السرور والفرح الروحي، انطلاقاً من حصوله على رضوان اللّه الذي هو مصدر كلّ سعادة من خلال خوفه من اللّه وحده دون سواه، فحصلوا من ذلك على محبته ورضاه ونعيمه، ولعلّ التعبير بعبارة: {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} بدلاً من لا يخافون، للإيحاء بأنَّ الخوف لا وجود له في ذاته بعيداً عن الجانب الذاتي للشخص. وقد يستوحي الإنسان من إحساس المؤمن بمستقبله البعيد عن الخوف والحزن أمام واقع المصير بالآخرة، أنَّ ذلك يزيده قوّة واطمئناناً، فلا يخاف ولا يحزن من ضغط الآخرين في ساحة الصراع، لأنه يملك الثقة باللّه في خطّ رعايته له، على هدى الآية الكريمة في الحديث عن مشاعر النبيّ محمَّد (ص) في ليلة الهجرة: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّه مَعَنَ} [التوبة:40] وفي الحديث عن المسلمين: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاس إِنَّ النّاس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّه وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173].
فهل يملك هؤلاء الذين يحتكرون لأنفسهم الجنّة مثل هذه الركائز الفكرية والعملية، أم ماذا؟ إنَّ القرآن يوحي للإنسان بكلّ ما تحمله كلمة «ماذا» من استفهام إنكاري يبحث عمّا يطرح عليهم، فلا يجد له جواباً إلا الصمت المشبع بالشعور العميق بالذنب في أعماق المجرمين.
* * *
نظرة اليهود والنصارى بعضهم لبعض:
وتستمر عملية التوعية والتعرية، ليعرف المسلمون طبيعة العلاقات الداخلية التي تربط بين أفراد الجبهة المضادّة، فليست هناك وحدة في المواقف، ولا وحدة في المشاعر، بل هناك التناقض والتنافر الذي تشعر فيه كلّ فئة منهم بالذاتية المطلقة التي تفصلها عن الفرقاء الآخرين. وتقف الفواصل الفكرية والشعورية لتشكل حاجزاً معنوياً داخلياً يفصل كلّ فريق عن الآخر؛ فلا أرض موحّدة يقفون عليها، ولا قواسم مشتركة يلتقون عليها، ما يجعل كلّ فريق منهم يجرّد الفريق الآخر من كلّ الصفات أو الأفكار التي تبعث على الاحترام والتقدير، سواء في ذلك اليهود والنصارى والمشركون الذين وصفهم القرآن بكلمة «الذين لا يعلمون»، للإيحاء الدائم بأنَّ الجهل هو أساس كفرهم وشركهم.. وهكذا يعرض القرآن هذه الصورة القلقة للواقع الذي يعيشه هؤلاء، ليعرف المسلمون كيفية مواجهة كلّ فريق بمفرده، والاستفادة من ذلك في اتباع سياسة المراحل في قضايا الصراع بتفجير الخلافات فيما بينهم والتعامل معهم من ذلك الموقع، وليشعر المسلمون في هذا الاتجاه بالقوّة الذاتية المتفوّقة أمام قوّة الآخرين، فلا يستسلمون للرهبة التي توحيها الكثرة، لأنها كثرة ممزّقة مبعثرة، وليست وحدة متماسكة تثير الرعب والخوف في النفوس.
ثُمَّ يختم القرآن الآية بإعطاء الصورة مزيداً من الوضوح في ما يوحيه من الجوّ الذي نشاهد فيه كلّ هؤلاء الفرقاء وقد اجتمعوا بين يدي اللّه في موقف الخلاف والنزاع والخصومة، حيث يدلي فيه كلّ واحد بحجته، ليثبت أنه على الحقّ وأنَّ الآخرين على باطل... ويختصر الموقف ويسدل الستار على الصورة {فَاللّه يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ، فليس المجال مجال إعطاء الحكم وتحديد الموقف، بل هو مجال التوعية والتعرية الذي يُكتفى فيه بالصورة الواضحة التي يبصر فيها المؤمنون مواقع أقدامهم في الطريق الطويل. وقد نجد في كلمة: «وهم يتلون الكتاب» إشارة إلى التنديد بهم بأنهم يصدرون الأحكام بالتخطئة والرفض لبعضهم البعض، مع أنهم يؤمنون بالكتاب الواحد ويتلونه، ويمكنهم الرجوع إليه بإخلاص لتدبّر الحوار في آياته، وللوصول إلى النتيجة الحاسمة فيما هو الحقّ لأي واحدٍ منهما أو لغيرهما مما يمكن أن يحكم الكتاب له.
وهذا ما يجب أن يفهمه المسلمون الذين يتلون القرآن الذي يؤمنون به جميعاً، ولكنَّهم يكفِّر بعضهم بعضاً من دون تدبّر في آياته، بسبب افتقادهم الروحية التي تضفي على الخلاف جوّاً من السعي إلى الحقيقة للوقوف معها مهما كانت النتائج، بعيداً عن كلّ تعصب وتعقيد. إنَّ الموقف هو الموقف نفسه، والنتائج السلبية والإيجابية هي النتائج ذاتها، لأنَّ الإطار في الحالتين واحد.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} فهم لا يؤمنون بالسيِّد المسيح ورسالته، ولا يرون أنَّ الإنجيل كتاب اللّه الذي ترتكز عليه النصرانية في شرعية معتقداتها، فهم ـ في نظر اليهود ـ مزيَّفون، من خلال الادعاء بأنَّ عيسى (ع) ليس المسيح الموعود بل هو شخصية مزيفة، ولذلك فإنهم ليسوا على شيء من الدِّين الحقّ. {وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} لأنهم ينكرون السيِّد المسيح (ع) ورسالته، فلا ينفعهم إيمانهم بالتوراة وبموسى، لأنَّ المؤمن الحقّ من يؤمن بالكتاب كلّه توراة وإنجيلاً، ما يجعلهم مثل الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، لتكون المسألة في طريقة تديّنهم هي الخلط بين الإيمان والكفر، {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} الذي يجسّد الحقيقة في آياته، فيزيل الشك ويرفع الشبهة، ليكون الخطّ الفاصل بين الحقّ والباطل، فيمكن لهم أن يدخلوا الحوار من خلاله ويديروا الجدل حول تفسيره وتأويله، ليعرفوا أنَّ التوراة تبشر بالسيِّد المسيح وبكتابه ورسالاته، وأنَّ الإنجيل يتحدّث عن التوراة وعن النبيّ موسى(ع)، ما يجعل الدينين منطلقين من قاعدة واحدة، لو درسوهما دراسة دقيقة واعية.
] كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ[ وهم المشركون الذين انطلق شركهم من موقع جهلهم {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} في احتكارهم الحقّ لأنفسهم وإبطالهم قول النبيّ (ص) بأنه ليس على شيء، بل هو ساحر أو كاهن أو شاعر، أو نحو ذلك من الاتهامات التي وجهت إليه فأنكرت رسالته، ووجهت إلى القرآن فأنكرت نزوله من عند اللّه كوحي يوحى، وقالوا عنه إنه {أَسَاطِيرُ الاَْوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيل} [الفرقان:5].
وربما كانت مشكلة هؤلاء جميعاً أنهم ليسوا مستعدّين للدخول في نقاش فكري وحوار علميّ، ليصلوا من خلال ذلك إلى العقيدة المشتركة والموقف الواحد، لأنَّ الانتماء إلى عقيدتهم لم يعد حالة فكرية، بل تحوّل إلى حالة ذاتية، ما يجعل التنازل عنها تنازلاً عن الذات نفسها، وهذه سمة من سمات التعصّب والتخلّف والجهل، ولذلك فإنَّ من الصعب الوصول إلى مواقع اللقاء حتى في التفاصيل الصغيرة، وهذا ما يجعل حوار الأديان من أكثر أنواع الحوار صعوبةً، لانطلاقه من حالة شعورية لا من حالةٍ فكرية، فلا مجال للوصول إلى موقع تحكيم يحدّد لكلّ منها مواقعه من ناحية الواقع. {فَاللّه يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، ويعرّفهم الحقيقة الحاسمة {فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ، فقد يرى بعضهم ـ كالمشركين ـ أنهم ليسوا على شيء في المبدأ والتفاصيل، وقد يرى بعضهم ـ كاليهود والنصارى ـ أنهم يملكون بعض الحقيقة بطريقة مختلفة، وأنهم ليسوا على الخطّ المستقيم في إنكارهم الإسلام وشرعيته.
* * *
من وحي الآية:
ونستطيع أن نستوحي من هذه الآية في حياتنا معطيين:
أولاً: التركيز الواعي على دراسة طبيعة العلاقات التي تحكم الفئات المعادية للإسلام والمسلمين، في نظرة كلّ منها إلى الأخرى، للاستفادة من ذلك في عملية المواجهة التي يقوى فيها الموقف أو يضعف تبعاً لتماسك القوى المضادّة أو اهتزازها، حتى نعي طبيعة عناصر القوّة عندنا وعناصر الضعف عندهم، ليتوازن الموقف لدينا في حركة واقع الصراع بيننا وبينهم، فننفذ إلى داخلهم لنرى أنَّ اجتماعهم لم ينطلق من قاعدة فكرية واحدة، فهم يكفِّر بعضهم بعضاً، بل هو يتحرّك من خلال المصالح المشتركة المضادة للإسلام والمسلمين، لنحدّد موقفنا منهم، فلا نتّخذهم أولياء وإن اختلف اليهود عن النصارى في مستوى عداوتهم للإسلام، وذلك قوله تعالى: {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] في مواجهتهم للإسلام والمسلمين، الأمر الذي يفرض علينا الوعي العميق للساحة وللقوى المضادّة فيها، لنحمي أنفسنا من الخطط التي يعدّونها في مواجهة واقعنا كلّه.
ثانياً: استيحاء الآية في محاولة الاستغراق الذاتي داخل العلاقات الفكرية والعملية بين المسلمين الذين قد يختلفون ـ كما اختلفوا ـ في أكثر من جانب من جوانب العقيدة والتشريع، وقد يتبادلون النظرة السلبية ـ كما تبادلوها ـ، فيشعر كلّ فريق منهم بالفواصل الجزئية التي تفصله عن الآخرين كما لو كانت فواصل كلية، لا يصيرون فيها إلى اجتماع، ولا ينتهون إلى لقاء، لنعرف من ذلك كلّه الأساس القويّ الذي يجمعهم ويوحّدهم، لتبقى الخلافات في نطاقها الجزئي، وتتحدّد النظرة السلبية في تلك الحدود الضيّقة التي لا تعزل أيّ فريق عن الفرقاء الآخرين، بل تشير إلى الأفق الواسع الذي تتحرّك فيه الخطى المؤمنة نحو الهدف الكبير في رحاب اللّه.
تفسير القرآن