تفسير القرآن
البقرة / من الآية 125 إلى الآية 129

 من الآية 125 الى الآية 129

الآيــات

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً للنّاس وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم باللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (125ـ129).

* * *

شخصيّة إبراهيم النبيّ امتداد للإسلام:

ويتابع القرآن حديث إبراهيم في قصة جديدة تتصل بالتاريخ الديني في قصة النبوّات من جهة، وترتبط بعلاقة الإسلام بالامتداد الرحب لشخصية إبراهيم في تطلعاتها المستقبلية من جهة أخرى، وتلك هي قصة بناء البيت ـ الكعبة الحرام ـ الذي أراده اللّه مرجعاً للنّاس يرجعون إليه ويثوبون، كقاعدة روحية يعيشون فيها الشعور بالوحدة الروحية التي تربط بعضهم ببعض بين يدي اللّه، ويطوفون به في إحساس عميق بعبوديتهم للّه، وفي استيحاء الفكرة الإيمانية المتحرّكة، حيث يستلهمون منه أن يكون طوافهم في الحياة حول كلمات اللّه وتعاليمه ومفاهيمه، ويشعرون في ظلاله بالأمن الذي أراده اللّه طابعاً مميّزاً لهذا البيت في ما أوحى به إلى الأنبياء في شرائعهم؛ من حرمة الاعتداء على النّاس والإساءة إليهم حتى في الحالات المشروعة في ذاتها. فقد ورد في بعض الأحاديث عن أئمة أهل البيت (ع)، أنَّ الحدّ لا يُقام على الجاني في مكة إلاَّ إذا كانت جنايته في مكة بالذات[1]... وكأنَّ اللّه أراد أن يجعل من هذا البيت قاعدة سلام يجتمع إليها النّاس من دون إحساسٍ بالخوف وبالمشاعر المضادّة التي تمنعهم من اللقاء. ثُمَّ أراد اللّه أن يكرِّم جهد نبيّه إبراهيم في بناء البيت وفي إخلاصه العميق له، فطلب من النّاس أن يتخذوا من مقام إبراهيم موضعاً للصلاة، تخليداً لإيمانه وتحيّةً لإخلاصه للّه في سرِّه وعلانيته، ولاستجابته للّه في ما يريده منه. هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى ليعيش النّاس في أجواء إبراهيم كقدوةٍ في كلّ المعاني الروحية الكبيرة، فتمتزج صلاتهم بصلاته، ودعواتهم بدعواته وابتهالاتهم بابتهالاته في تفاعل روحيّ عظيم.

ثُمَّ عهد إليه وإلى ولده إسماعيل، أن يجعلا هذا البيت طاهراً من كلّ دنسٍ، سواء كان ذلك من مظاهر الشرك والوثنية، أو من عناصر القذارة والنجاسة، أو من الأشخاص الذين يدخلون فيه من حيث نظافتهم من القذارات المادية والمعنوية، ليعيش النّاس الذين يطوفون به، أو يقيمون فيه للاعتكاف، أو يصلّون فيه فيركعون ويسجدون، في أجواء روحية طاهرة مادية ومعنوية.

وربما استفاد الإنسان من الأمر بتطهير بيت اللّه من كلّ رجسٍ، أن يكون البناء على هذا الأساس، وذلك بتشييده على هذه الصفة، لا بتطهيره بعد بنائه، كما قد يتوهم، لأنَّ ظاهر الآيات هو أنَّ إبراهيم وإسماعيل هما اللذان قاما ببناء البيت.

* * *

إبراهيم في تطلّعاته المستقبليّة:

ويثير القرآن أمامنا تطلّعات إبراهيم المستقبلية؛ فهو لا يريد لعمله هذا أن يظلّ في نطاق هذا البناء المتمثّل بالكعبة، بل يريد له أن يتحوّل إلى بلدٍ واسعٍ كقاعدة بشريّة للسلام، ولهذا نجده يدعو اللّه أن يجعله بلداً آمناً يجتمع فيه المؤمنون باللّه حول هذا البيت، فيلتقون على طاعة اللّه وعبادته، وتمتد بهم الحياة في مجتمعٍ إنساني آمن؛ ويفكر فيهم كيف يعيشون في هذا الجوّ الذي لا يُنبتُ الزرع ولا يقدّم للإنسان أيّ شرط من شروط الحياة الكريمة، فيلجأ إلى اللّه لكي يرزق أهله من المؤمنين الثمرات، أمّا الكافرون فلم يلتفت إليهم ولم يشعر بضرورة الاهتمام بهم، لأنه لا يريد لهم أن يعيشوا في أجواء هذا البيت، خوفاً من أن يشوّهوا روحيته ويعطلوا دوره، ولأنه لا يجد أيّ أساسٍ للاهتمام بالكافرين الذين يكفرون بنعمة اللّه ويجحدونها ويفسدون في الأرض، فتركهم للّه، فهو الذي خلقهم، وهو أعلم بما تقتضيه الحكمة في ذلك كلّه.

ويستجيب اللّه دعاءه كما توحي هذه الآيات، فقد تحدّث اللّه عن الكافرين الذين لم يذكرهم إبراهيم في دعائه، فأراد اللّه أن يكمّل الصورة، فأوحى إليه أنه لا يستثني الكافرين من متع الحياة الدنيا، لأنَّ عطاءه لا يختص بأحد دون أحد في الدنيا، فهو يعطي الكافرين كما يعطي المؤمنين، لأنَّ العطاء في الدنيا لا ينطلق من فكرة الثواب والتكريم، بل ينطلق من الإمداد للكافرين، والبلاء للمؤمنين، ولكن الدار الآخرة هي التي يختص فيها المؤمنون برحمة اللّه ولطفه ورضوانه، بينما يقف الكافرون هناك ليضطرّهم إلى عذاب النّار، وبئس المصير، جزاءً لكفرهم وجحودهم، ولم يتحدّث عن المؤمنين إيذاناً بأنَّ دعاء إبراهيم قد صادف موقعه.

* * *

إبراهيم وإسماعيل يعملان على تأسيس الروح المؤمنة المسلمة:

وتتجسد الصورة أمامنا، ويبرز المشهد واضحاً في قوّةٍ وحياة، كما لو كنا ننظر ونستمع؛ فهذا هو إبراهيم وولده إسماعيل يقفان ليرفعا قواعد البيت في عملٍ يستغرق كلّ جهدهما واهتمامهما، ويشعران في هذا الجوّ بعباديّة العمل، تماماً كأيّة فريضةٍ عباديّة؛ ونستمع إليهما كما لو كان الصوت يهزّ أسماعنا في لهاث العاملين الخاشعين المجاهدين، ونصغي بقلوبنا إلى ذلك الدعاء الخاشع الذي ينساب من أعماق الأعماق في روحية طاهرة، كأنها هينمات الفجر عندما يتنفس في الفضاء، فتتصاعد أنفاسه نوراً وسلاماً وحياةً وروحانيةً وبركةً. إنها الروح المؤمنة الصافية، تعبِّر عن نفسها في ابتهالات حبيبةٍ خاشعةٍ، فتحتضن في تطلّعاتها كلّ انطلاقات الحياة الوديعة السابحة في بحيرات الصفاء...

وهو ـ بعد ذلك ـ دعاء العاملين الذين يتحرّك الدعاء لديهم من مواقع العمل لا من حالات الاسترخاء، فتحسُّ ـ مع الدعاء ـ كما لو كانا يقدّمان تقريراً لربهما يحمل معه شظايا الروح وخفقات القلب وهدهدات الشعور في أحلام المستقبل... إنهما يتطلّعان إلى أن يعرفا في خطوات عملهما رضى اللّه وقبوله؛ فليس المهمّ أن ينجحا في عيون الآخرين أو يكونا مقبولين لدى المجتمع الذي يعيشان فيه، بل المهمّ أن يعيشا الشعور بالرضى والقبول من اللّه، فهو الغاية في كلّ عمل... إنهما يطلبان من اللّه أن يتقبل منهما هذا العمل، فهو السميع الذي يسمع طلبات عباده ويعلم ما في قلوبهم في ما يعملون ويتركون.. ويتجاوزان هذا العمل فيمتدان إلى كلّ مجالات حياتهما العملية في حاضرها ومستقبلها، ويبتهلان إليه أن يجعلهما يعيشان إسلام القلب والفكر والجوارح واللسان للّه، لتكون حياتهما صورةً متجسدة لإرادة اللّه وأمره...

وينتقلان في تطلّعاتهما وتمنياتهما إلى ذريتهما، فلا يريدان لهذه الذرية أن تنحرف عن اللّه سبحانه، بل يتطلّعان إلى أن تعيش الإسلام للّه، فتولد منها الأمّة المسلمة الممتدة التي تحوِّل الحياة كلّها إلى إسلام يتحرّك في كلّ اتجاه، لتتجسّد عبودية الإنسان للّه في صدقٍ وإخلاص. ويختمان هذه التطلّعات بالرغبة إلى اللّه أن يعرِّفهما أصول مناسكهما أو مواضعها، وأن يتوب عليهما لأنَّ التوبة تجسّد المعنى الذي يوحي برضى اللّه وثوابه ورحمته، وليس من الضروري أن تكون مسبوقةً بالذنب في أيّ حال من الأحوال.

* * *

إبراهيم وولده يخطّطان للإسلام الحركيّ:

ثُمَّ يتجه الدعاء اتجاهاً آخر؛ فقد لا يكفي أن يُسلم الفرد وجهه للّه، أو يسلم المجتمع حياته للّه إذا لم يكن هناك مضمون فكري وعملي يحقّق للإسلام المعنى الحيّ المتحرّك الذي يحقّق للحياة أن تكون صورةً لإرادة اللّه في ما يفعله الإنسان أو يتركه، وذلك من خلال الرسالات التي تضع للإنسان الخطوط التفصيلية الواضحة المحدّدة لحركته في الحياة، وتشير إلى الأهداف الكبيرة التي تحكم مسيرته في الكون، لتكون الصلة باللّه عميقة، منفتحة في نطاق الوسيلة والهدف، فلا لبس هناك ولا غموض ولا انحراف، بل هو الوضوح في الرؤية والاستقامة في الخطّ والانفتاح الواعي على اللّه في كلّ إرادته... فكان الدعاء الأخير أن يبعث اللّه في أفراد هذه الأمّة التي تعيش في هذا البلد رسولاً منهم، فيعرف كلّ نوازعهم وأوضاعهم وتطلّعاتهم وعقلياتهم... فيتلو عليهم آياته بالأسلوب الذي يتناسب مع عقلياتهم وأفكارهم، ويعلّمهم الكتاب الذي أنزله اللّه عليهم والحكمة التي يتضمنها ذلك الكتاب، ويزكيهم بمواعظه ونصائحه وسيرته، لتتحوّل الأمّة إلى خطّ الوعي والريادة التي تعيش المسؤولية في حمل الرسالة بعيداً عن كلّ النوازع الذاتية والآفاق الضيّقة.

* * *

الكعبة مثابة وأمن:

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ} الكعبة الحرام {مَثَابَةً للنّاس} مرجعاً ومآباً يثوبون إليه ويقصدونه من كلّ مكان، فيكون موقعاً لحركتهم العبادية ومناسبةً لاجتماعهم من خلال قدومهم إليه ورجوعهم منه؛ وقيل: مكاناً للثواب يثيب اللّه فيه عباده على حجّهم إليه وعبادتهم له، كما في مفردات الراغب الأصفهاني[2]. {وَأَمْن} يأمن فيه النّاس على أنفسهم من الظلم والاضطهاد والقتل، لأنَّ اللّه جعله ساحةً للسلام، فلم يرخص لأحد في الاعتداء على أحد ، ليعيش النّاس هذه التجربة الروحية التي يتمرّدون فيها على غرائزهم ونوازع الانتقام في ذواتهم، وينمّون عناصر الخير والعفو والتسامح في أخلاقهم من موقع الجهاد النفسي الذي يفرض فيه الإنسان على نفسه الصبر على المشاعر الانتقامية.

وقيل: إنَّ هذا التشريع تحوّل إلى واقع حيّ في حياة النّاس الذين يعظِّمون البيت الحرام ويقدّسونه، حتى كان الرّجل يلقى قاتل أبيه فلا يتعرّض له. وقد تحدّث اللّه عن ذلك في آية أخرى في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخطّفُ النّاس مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّه يَكْفُرُونَ} [العنكبوت:67]. ولا يخفى ما في ذلك من النعم والبركات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ثُمَّ أمر اللّه المسلمين أن يتخذوا من مقام إبراهيم، الملاصق للبيت أو الواقع خلفه مصلًّى، فقال: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} أي مكاناً يصلّون فيه، وقد فرض اللّه على الحجّاج والمعتمرين الإتيان بركعتي الطواف بعد الطواف بالبيت، خلف مقام إبراهيم، مهما أمكن. {وَعَهِدْنَآ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} اللذين أوكل اللّه إليهما مهمة بناء البيت {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} الذي أردته مكاناً للطواف والاعتكاف والركوع والسجود، ولغير ذلك من ألوان العبادة للّه، فكان لا بُدَّ من أن يكون طاهراً من الأصنام التي تمثّل الشرك[3] الذي ينافي التوحيد، ومن كلّ القذارات[4] المادية والمعنوية والقولية التي تتنافى مع أجواء العبادة. والمقصود من هذا العهد الإلهي لهما أن يؤسساه على الطهارة الكاملة {لِلطَّآئِفِينَ} الذين يطوفون بالبيت، {وَالْعَاكِفِينَ} أو المعتكفين الذين يقومون بالمسجد ويلازمونه ويجاورون فيه للعبادة، {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} الذين يركعون ويسجدون للّه في صلاتهم.

* * *

ربّ اجعل هذا البلد آمناً:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} الذي أراد للبيت أن يكون مركزاً لبلدٍ يسكنه النّاس ويجتمعون فيه للحصول على ضروراتهم العامة والخاصة؛ {رَبِّ اجْعَلْ هَـذَ} المكان الذي يضمّ البيت الحرام {بَلَدًا آمِنً} ، يعيش النّاس فيه الأمن والطمأنينة، {وَارْزُقْ أَهْلَهُ} المقيمين فيه {مِنَ الثَّمَرَاتِ} التي يحتاجون إليها في غذائهم، {مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم باللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ، من هؤلاء الذين أخلصوا للّه إيمانهم وانفتحوا عليه وعاشوا الاستعداد للّقاء به في اليوم الآخر الذي يخضعون فيه للحساب، لأنَّ الكافرين لا يستحقّون الخير الإلهي. ولكنَّ اللّه الذي استجاب له دعاءه، أعلن له أن الرزق الذي يمثّل متاع الحياة الدنيا لا يختص بالمؤمنين فقط، بل يشمل الكافرين، {قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيل} مما أرزقه من متاع الحياة الدنيا في حاجاته المادية والمعنوية، لأني أعطي النّاس جميعاً ما يحتاجونه في وجودهم الدنيوي، سواء المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، لأنَّ الدنيا ليست هي الأساس في قرب النّاس وبعدهم في قضايا العطاء والمنع، بل هي الدار الآخرة التي تمثّل المكان الفصل في اليوم الفاصل الذي تتحدّد فيه المواقع ونتائج المصير بين المؤمن والكافر، فيلقى المؤمن جزاء إيمانه، أمّا الكافر فإني أترك له الفرصة في الدنيا، {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} في الخلود في العذاب من خلال سخط اللّه وغضبه.

* * *

إبراهيم وإسماعيل يبنيان المسجد على أساس التقوى:

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} ويقيمان الأسس التي يرتكز عليها البناء، في روحية خاشعة منفتحة على رضى اللّه في مواقع القرب إليه، من بناء بيته وتهيئة الأجواء التي تقرب النّاس منه وتبعدهم عن مجالات سخطه، لأنَّ المسجد هو المكان الذي يهيىء للنّاس الفرصة للاجتماع في العبادة والاندماج في روحية الدعاء وخشوع الابتهال، فكانا يبنيان البيت كما لو كانا في حالة صلاةٍ أو موقف طاعةٍ يبتهلان إلى اللّه فيها أن يتقبل منهما ذلك: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّ} ، قرباتنا وابتهالاتنا وأعمالنا، {إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الذي يسمع نجوانا ويعلم ما في خفايا ضمائرنا ونيّاتنا من المحبة لك وإخلاص القرب إليك؛ {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [5] لنسلم لك في كلّ أقوالنا وأفعالنا وعلاقاتنا ومواقفنا ومواقعنا وأفكارنا ومشاعرنا، لنذوب في عمق رضاك ومحبتك، فلا يكون لنا شيء إلاَّ ما يرضيك في ذلك كلّه، ليكون إسلامنا حركةً في وجودنا كلّه في الباطن والظاهر. وإذا كان الإسلام هو ما نتطلّع إليه في منهج حياتنا، فإننا ننطلق به من خلال إيماننا بأنه هو الصراط المستقيم الذي ينتهي إليك في مواقع رحمتك ورضاك، ولذلك فإننا نريد له أن يمتد في ذريتنا، {وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} تتحرّك في كلّ حركتها في الحياة في خطّ الإسلام لك {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَ} من شرائع عباداتنا أو حجنا، والنسك هو غاية الخضوع والعبادة، وشاع استعماله في عبادة الحج وأعماله.

* * *

رأي العلامة الطباطبائي ومناقشته:

وقد حاول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان أن يفرّق بين الإسلام المتداول عندنا وبين الإسلام المسؤول في الآية، فإنَّ المتداول منه مما يتبادر إلى الأذهان، هو «أول مراتب العبودية، وبه يمتاز المنتحل من غيره، وهو الأخذ بظاهر الاعتقادات والأعمال الدينية، أعمّ من الإيمان والنفاق، وإبراهيم (ع) وهو النبيّ الرسول أحد الخمسة أولي العزم، صاحب الملّة الحنيفية، أجلّ من أن يتصوّر في حقّه أن لا يكون قد ناله إلى هذا الحين، وكذا ابنه إسماعيل رسول اللّه وذبيحه، أو يكونا قد نالاه ولكن لم يعلما بذلك، أو يكونا علما بذلك وأرادا البقاء على ذلك، وهما في ما هما فيه من القربى والزلفى».

ويضيف إلى ذلك قوله: «على أنَّ هذا الإسلام من الأمور الاختيارية التي يتعلّق بها الأمر والنهي، كما قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:131]، ولا معنى لنسبة ما هو كذلك إلى اللّه سبحانه أو مسألة ما هو فعل اختياري للإنسان من حيث هو كذلك من غير عنايةٍ يصح معها ذلك»[6].

أمّا الإسلام المطلوب، فهو «تمام العبودية وتسليم العبد كلّ ما له إلى ربّه، وهو، وإن كان معنى اختيارياً للإنسان من طريق مقدماته، إلاَّ أنه إذا أضيف إلى الإنسان العادي وحاله القلبي المتعارف كان غير اختياري، بمعنى كونه غير ممكن النيل له، وحاله حاله، كسائر مقامات الولاية ومراحله العالية، وكسائر معارج الكمال البعيدة عن حال الإنسان المتعارف المتوسط الحال بواسطة مقدماته الشاقة، ولهذا يمكن أن يعدّ أمراً إلهياً خارجاً عن اختيار الإنسان، ويسأل من اللّه سبحانه أن يفيض به، وأن يجعل الإنسان متصفاً به. على أنَّ هنا نظراً أدق من ذلك، وهو أنَّ الذي ينسب إلى الإنسان، ويعدّ اختيارياً له، هو الأفعال، وأمّا الصفات والملكات الحاصلة من تكرر صدورها فليست اختيارية له بحسب الحقيقة، فمن الجائز أو الواجب أن ينسب إليه تعالى، وخاصة إذا كانت من الحسنات والخيرات التي نِسبَتُها إليه تعالى أولى من نِسبتها إلى الإنسان»[7].

ونلاحظ على كلام العلامة الطباطبائي أنه ينطلق من التفسير الحر للكلمة التي تتضمن الإيجاد بعد العدم، الأمر الذي يجعل المعنى المطلوب غير حاصل في حال الطلب، ولذلك اضطر إلى تكلف التفرقة بين «الإسلامين»، وفي مناقشته نقول:

أوّلاً: إنَّ إبراهيم وإسماعيل كانا في ذلك الحين مُسلمَين بالمعنى الشامل للإسلام المنطلق من المعرفة العميقة الواسعة باللّه، مما نستوحيه من حوار إبراهيم مع نفسه ومع قومه ومع أبيه، وانفتاحه على اللّه في كلّ شؤونه وتسليمه له في كلّ أموره، ومن الموقف الإيماني الرائع الذي وقفه مع ولده إسماعيل عندما أمره اللّه أن يذبح ولده الذي يعني أمر إسماعيل بتسليم نفسه لأبيه، فإنَّ الظاهر أنَّ هذه الحادثة كانت قبل بناء البيت ، كما هو ظاهر القرآن الذي يوحي بأنَّ التجربة الصعبة كانت عندما بلغ معه السعي الذي يمثّل أوائل مشيه؛ وذلك هو قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يا بُنَىَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُني إِن شَآءَ اللّه مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102] وقد جاء عن الفراء: «كان يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة»، ومن المعروف أنها ليست السنّ التي يتمكن فيها من أن يكون شريكاً لأبيه في بناء البيت، فلا بُدَّ من أن يكون ذلك متأخراً عنه.

وفي ضوء ذلك، لا يكون إسلام إبراهيم وإسماعيل آنذاك هو الإسلام التقليدي الظاهري، ولا سيما إذا عرفنا أنَّ إبراهيم كان نبياً في ذلك الوقت، فكيف يتفق هذا مع تفسير العلامة الطباطبائي، فإنَّ ما هو مطلوب ـ حسب هذا الرأي ـ كان حاصلاً آنذاك.

وثانياً: إنَّ الاختيارية في الفعل مشتركة بين نوعي الإسلام؛ فإنَّ الإسلام الذي يمثّل تمام العبودية أمر ممكن للإنسان العادي الذي يعيش عمق المعرفة للّه، ولولاه لما كُلِّف الإنسان به.

وثالثاً: إنَّ الحديث عن أنَّ الصفات والملكات الحاصلة من تكرر صدورها ليست اختيارية بحسب الحقيقة، ليس دقيقاً، لأنَّ اللّه عندما ربط الملكات والصفات بأسبابها، كانت اختيارية تماماً كما هي اختيارية الأفعال، ولا فرق بينهما إلاَّ أنَّ تلك كانت بالواسطة، أمّا الأفعال فهي بدون واسطة.

{وَتُبْ عَلَيْنَ} من موقع الإخلاص لك والاندماج في الإحساس بعظمتك، حتى يخيّل إلينا أننا لم ننسجم مع كلّ ما يرضيك في الوقت الذي لم يصدر منا شيء من شؤون سخطك، {إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} الذي يتعهّد عباده بالمحبة والعفو والرضوان، فيغفر للعاصين منهم، ويزيد الطائعين من رضاه انطلاقاً من رحمته التي وسعت كلّ شيء.

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} من داخل مجتمعهم يعيش كلّ أوضاعهم ويطّلع على كلّ مشاكلهم، ويعرف كلّ حاجاتهم الروحية والفكرية والعملية، فإنَّ قضية أن يكون الرسول من داخل الأمّة التي يتحرّك منها نحو العالم هي قضية الرسول الذي يعي كلّ الواقع، وكلّ الآفاق الواسعة التي ينطلق بأمته فيها، يحاكي شجونها وقضاياها قبل أن يصل إلى مرتبة النبوّة والرسالة. {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} التي توحي إليهم بكلّ الشرائع والمفاهيم والأفكار والمناهج والأساليب والأهداف، التي تمثّل إرادتك في حياة خلقك لتكون طوع رضاك؛ {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} الذي يمثّل خطّ النظرية العام في المنهج الرسالي للإنسان والحياة {وَالْحِكْمَةَ} التي تمثّل حركة التطبيق العملي للنظرية، فيضعون الأشياء في مواضعها، ويتحرّكون بها في مسارها الطبيعي؛ {وَيُزَكِّيهِمْ} فيطهّر نفوسهم من الشرك، ومن كلّ القذارات الروحية الأخلاقية التي تشوّه إنسانيتهم، وتربك خطواتهم، وتبتعد بهم عن نظافة التصوّر والسلوك؛ {إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} الذي لا ينتقص أحدٌ من عزته، الذي جعل لكلّ شيء قدراً ووضع كلّ شيء في موضعه انطلاقاً مما يُصلِح الحياة والإنسان ويجنّبهما المفاسد في كلّ حركة الواقع.

* * *

أمّا ما نستوحيه من هذه الآيات فهو عدّة أمور:

الجوّ الروحي في بناء المؤسسات:

1 ـ الجوّ الروحي الذي ينبغي للعاملين الإسلاميين أن يعيشوه، وهم يعملون في بناء المؤسسات، فلا تشغلهم التزامات العمل وقضاياه المادية التي تفرضها طبيعة هذا النوع من العمل، عن البقاء في الخطّ الروحي الواعي الذي ينفتح فيه الإنسان على اللّه الذي كان العمل من أجله، ليبقى للعمل جوّ العبادة والواجب والمسؤولية، فلا يتحوّل إلى غايةٍ بعد أن كان وسيلة، كما نشاهده في كثير من المؤسسات الدينية التي انطلق أصحابها من موقع الفكرة الرسالية في البداية، حتّى إذا اندمجوا فيها وعاشوا في الأجواء المادية التي تفرضها العلاقات والالتزامات، تحوّلوا إلى أشخاصٍ جامدين لا يملكون أيّة حيويّة روحيّة في هذا المجال، بل ربما تبدأ العقلية الفردية الضيّقة في التحكّم بطبيعة المؤسسات وخطواتها العملية، فتتحوّل إلى شيء يخصّ الشخص أو الجهة، في ما يفرضه المزاج أو تدعو إليه المصلحة الخاصة، وقد يحدث ـ في هذا الجوّ ـ أن يبدأ الصراع بين مؤسسة وأخرى من خلال تعارض المصالح الفردية للقائمين عليها، أو لتصادم الخطوط التي يسير عليها هذا أو ذاك، وبذلك تصبح المؤسسات الدينية خطراً على العمل الديني بما تثيره من أجواء الحقد والبغضاء والتنافس الفردي على الأطماع والامتيازات، وبما تتحرّك فيه من أساليب وشعارات تستخدم القيم الدينية للمحافظة على أطماع الدنيا وشهواتها، وربما كان السرّ في ذلك هو ابتعاد الأجواء عن اللّه واستغراقها في ظلمات الذات، خلافاً لما نستوحيه من أجواء إبراهيم وإسماعيل في روحيّتهما الفيّاضة الدافقة في بناء البيت الحرام.

* * *

التفكير بإيمان الأجيال:

2 ـ وقد نستوحي من ذلك أن يعيش العاملون باللّه الحُلُم الكبير في ما يحلمون به لمستقبل أولادهم، وذلك بالتركيز على أن يكونوا مؤمنين باللّه، عاملين في سبيل إيجاد القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم والأمّة المسلمة، فتتحول التربية، في هذا الجوّ، إلى التخطيط العملي، الأمر الذي يجعل ارتباط الإنسان بأولاده ارتباطاً رسالياً يتحرّك في نطاق الحركة الرسالية، لا في موقع العاطفة الذاتية التي تحلم وتفكر لهم بالنجاح المادي في الدنيا بعيداً عن النجاح الروحي في الدنيا والآخرة، وهذا ما نلمح مظاهره وخطواته في سلوك بعض الدعاة إلى اللّه الذين يفصلون بين أولادهم وبين الآخرين، فيعملون على أن يضمنوا لأبنائهم المزيد من الأمن والبعد عن الأخطار التي يفرضها العمل على السائرين في الطريق، ولكنهم لا يعيشون هذا الاهتمام بالآخرين من النّاس وأولادهم، فيدفعونهم إلى اقتحام الخطر في سبيل اللّه ويحشدون في سبيل ذلك كلّ ما يملكونه من أساليب الإثارة والانفعال... إنها الازدواجية في الفكر والعاطفة والعمل، التي تجعل للعاملين شخصيتين مختلفتين تتحرّك إحداهما في النطاق الذاتي بعيداً عن الرسالة، وتنطلق الأخرى في نطاق الآخرين لتثير كلّ الأجواء من خلال شعارات الرسالة، خلافاً لما توحيه الآية من وحدة الشخصية التي يحلم بها إبراهيم وإسماعيل لأولادهما بما يحلمان به للذات ولأولاد الآخرين، لأنَّ المسؤولية تتحرّك في داخلهم من موقعٍ واحد نحو هدف واحد.

* * *

بين الرسالة والقيادة:

3 ـ ويستوحي المتأمّل من هذه الآيات، أن يفكر المسؤولون عن العمل الإسلامي في مسؤوليتهم الرسالية في تهيئة الأجواء الإسلامية للنّاس من خلال وجود مسؤولين دينيين في حياة المجتمع، باعتبارهم الذين يملكون قدرة قيادة النّاس في خطوات الفكرة على أساس تفصيلي واضح، فلا يغرقون في الشموليات التي تُفقدهم الرؤية الواضحة للطريق، ولا يضيعون في الطريق بين العلامات المتنوّعة أو الرمال المتحركة.

إنَّ هذا الدعاء الأخير الذي يطلب من اللّه إرسال الرسول، يوحي لنا بالحاجة إلى الرسالة والرسول في كلّ عمل تغييري يستهدف تغيير المجتمع من الجذور، فلا قيمة للقيادة بدون رسالة، ولا قيمة للرسالة بدون قيادة تدل النّاس على مواضع الطريق... وقد يجدر بنا أن نشير، في نهاية الحديث، إلى الحديث المأثور عن النبيّ محمَّد (ص)، وهو يعلّق على هذه الآية: «أنا دعوة أبي إبراهيم»[8].

(1) جاء في كتاب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلامي للشيخ محمد حسن النجفي: لا يقام الحد إطلاقاً في الحرم على من التجأ إليه، لقوله تعالى: {ومن دخله كان آمناً} بل يضيّق عليه في المطعم والمشرب، ويقتصر على ما يسد الرمق، ليخرج ويقام عليه الحد، فقد جاءت الرواية الصحيحة عن الإمام جعفر الصادق(ع) في رجل يجني في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم، قال: "لا يقام عليه الحد.. وإن جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم، لأنه لم ير للحرم حرمة". وقال أبو حنيفة: لا يجوز قتل من التجأ إلى الحرم، واستدل بقوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً}، نقلاً عن مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، دار العلم للملايين، بيروت، ط:4، حزيران، 1990، م:1، ص:200 ـ 201.

(2) الأصفهاني، الراغب: معجم مفردات ألفاظ القرآن، دار الفكر، ص:80.

(3) نقلاً عن: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط:1، 1411 هـ ـ 1991م، ج:1، ص:281.

(4) في الكافي عن الصادق(ع) قال: إن الله عز وجل يقول في كتابه: {طهرا بيتي..} فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهر. والظاهر ن هذا من باب الاستيحاء. [الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، ج:4، ص:400، رواية:3].

(5) {واجعلنا مسلمين لك} ربما يرد سؤال أن إبراهيم وإسماعيل كانا مسلمين عند بناء البيت، فما معنى الدعاء بأن يجعلهما الله مسلمين؟ وأجاب الطبرسي في مجمع البيان بأن المقصود: {واجعلنا مسلمين لك} في مستقبل عمرنا، كما جعلتنا مسلمين في ماضي عمرنا، بأن توفقنا وتفعل بنا الألطاف التي تدعونا إلى الثبات على الإسلام. [مجمع البيان، ج:1، ص:393]. وذلك تماماً كما هي الحال في قوله تعالى: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبّل دعاء} [إبراهيم:40]، وقوله تعالى: {فتبسّم ضاحكاً من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} [النمل:19]، والله علم.

(6) تفسير الميزان، ج:1، ص:278.

(7) م.س، ج:1، ص:279.

(8) الصدوق، الفقيه، دار الكتب الإسلامية، طهران، ج:4، ص:369، باب:2، رواية:5762.