من الآية 208 الى الآية 212
الآيــات
{يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّه فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِىَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّه تُرْجَعُ الأُمُورُ * سَلْ بَنِي إِسْرَائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّه مِن بَعْدِ مَا جاءَتْهُ فَإِنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ * زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَياةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (208ـ212).
* * *
معاني المفردات:
] كَآفَّةً[ : جميعاً، واشتقاقه في اللغة مما يكف الشيء في آخره. ومن ذلك: كفة القميص لحاشيته، لأنها تمنعه من أن ينتشر، وكلّ شيء جمعته فقد كففته.
] زَلَلْتُمْ[ : تنحيتم عن القصد وعدلتم عن الطريق القويم. والزلة في الأصل: استرسال الرّجل من غير قصد، وقيل للذنب من غير قصد: زلة، تشبيهاً بزلة الرّجل.
] يَنظُرُونَ[ : النظر هنا بمعنى الانتظار. وأصل النظر: الطلب لإدراك الشيء. وإذا استعمل بمعنى الانتظار، فلأنَّ المنتظر يطلب إدراك ما يتوقع. وإذا كان بالعين فلأنَّ الناظر يطلب الرؤية.
] ظُلَلٍ[ : جمع ظلة، وهي ما يستظل به من الشمس، وسمي السحاب ظلة لأنه يستظل به.
] الْغَمَامِ[ : السحاب الأبيض الرقيق، سمي بذلك لأنه يغمّ أي يستر.
* * *
الدخول في السلم: المعاني والإيحاءات:
في هذه الآيات دعوة للمؤمنين بأن يدخلوا في الجو الإيماني الذي يحفظ لهم في الحياة الوحدة التي لا خلاف فيها، فلا نزاع ولا خصام على أساس من تعاليم الإسلام وتوجيهاته ومفاهيمه وأحكامه. ولكن كيف نستفيد ذلك منها؟! هذا ما نحاول أن نعرضه ونستوحيه بتفصيل.
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السّم كافّة[ فإنَّ الإيمان يفرض على صاحبه الالتزام بالخطّ الإلهي الذي رسمه اللّه في دينه، في مناهجه وشرائعه.
وقد انطلقت الكلمات المفسّرة في تحديد معنى كلمة "السِّلْمِ" بين ثلاثة اتجاهات، فقد فسّرها الكثيرون بالإسلام، وفسّرها البعض بالصلح أو ترك المنازعة والخلاف، وفسّرها آخرون بالطاعة التي تختزن معنى الاستسلام، ويقصد بها استسلام الإنسان لربه بطاعته له وانقياده لأوامره ونواهيه، بحيث يبتعد عن الاستغراق في ذاته، باستغراقه بالخضوع لربّه، وهذا ما يؤدي إلى السلام مع نفسه ومع ربه ومع النّاس ومع الطبيعة والحياة كلّها.
وبذلك اختلف مفهومهم لكلمة: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ ، لأنَّ التفسير الأوّل لكلمة السلم يخلق مشكلة بيانية؛ فإذا كانوا مؤمنين، فكيف يطلب منهم أن يدخلوا في الإسلام؟! فحاول بعضهم أن يفسّر ] الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ ، بمن آمن قولاً لا عقيدةً وهم المنافقون، وبذلك تكون الدعوة في الآية إلى الالتزام العملي بالإسلام والإيمان به.
وذكر الطبرسي في تفسيره أنَّ المراد به: دوموا في ما دخلتم فيه كقوله: ] يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ[ [1] [النساء:136].
وحاول البعض أن يفسّره بأهل الكتاب، فتكون دعوة إلى دخولهم في الإسلام. ولكنَّنا لا نجد في جوّ الآية ما يوحي بأي من المعنيين، بل ربما نلاحظ في استعراضنا للآيات التي استعملت فيها كلمة السلم، أنَّ الأقرب إلى الجوّ هو المعنى الثاني. كما نلاحظ على التفسيرين لكلمة ] الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ ، أنَّ الظاهر من الآية الكريمة: ] قَالَتِ الاَْعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[ [الحجرات:14] هو إرادة الإيمان الذي يطابق فيه القول الفعل، فكيف نحمل الكلمة على خلاف ذلك؟ أمّا حملها على أهل الكتاب، فيتنافى مع المصطلح القرآني الذي جعل كلمة ] الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ مقابلة لأهل الكتاب والمشركين، كما توحي به الآية الكريمة: ] إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَرَى[ [الحج:17] وفي ضوء ذلك، لا نجد هناك وجهاً يبرر إرادة معنى الإسلام من كلمة ] السِّلْمِ[ ، ما يعني عودة المشكلة البيانية من جديد، كما أنَّ حمل كلمة الدخول على الدوام في ما دخلتم فيه خلاف الظاهر من دون قرينة.
وفي هذا الجوّ، يمكننا أن نؤكد ثانياً إرادة المعنى الثاني، لأنَّ ذلك ما نفهمه من كلمة "السِّلْمِ" التي تعني الوفاق الاجتماعي الذي يبتعد عن جوّ الصراع والخلاف والقتال، فكأنَّ الآية تدعو إلى الدخول في أجواء السلم التي تلتقي بالوقوف على الخطّ الواحد الذي تجتمع عليه الأمّة بعيداً عمّا يفرّقها ويوزّعها أشتاتاً متنازعة مختلفة، تماماً كما هو جوّ الآية الكريمة: ] وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ[ [آل عمران:103].
ثُمَّ نلاحظ التركيز في أكثر من آية من آيات القرآن على التحدّث عن الأمم السابقة التي جاءها العلم، ولكنَّها اختلفت فيما بينها فضلّت وأضلّت، كما في قوله تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ[ [الأنعام:159] وقوله تعالى: ] وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[ [آل عمران:105] وغيرهما من الآيات التي توحي بالخطّ القرآني الذي يؤكد على عدم الخلاف بين أبناء الأمّة الواحدة في قضايا دينها وحياتها، ويعمل على أن يجعل من بني إسرائيل النموذج الحي الذي دمّرته الفرقة الخاضعة لأهواء التيارات الذاتية والفئوية المدمّرة؛ وذلك من أجل الحفاظ على سلامة المجتمع الذي يبني له السلم حياته في سائر جوانبها العامة والخاصة، وهذا ما يدفعنا إلى استيحاء هذا المعنى من الكلمة في نطاق الجوّ القرآني العام. فإذا أضفنا إلى ذلك انسجامه مع استعمال كلمة السلم في الآيات القرآنية في هذا المعنى، أمكننا أن نقترب من الاطمئنان للفكرة، وذلك كما في قوله تعالى: ] وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه[ [الأنفال:61] وقوله تعالى: ] فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الاَْعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ[ [محمَّد:35]. ومن خلال ذلك نستوحي انطلاق الآية في هذا الاتجاه الذي هو الشرط الأساسي لسلامة استمرار الخطّ الإسلامي في الحياة. فعلى المؤمنين أن يعيشوا في أجواء السلم في علاقاتهم ببعضهم البعض، في المجالات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، فلا يفسحوا المجال للخصومة والنزاع أن يحكما حياتهم، لا سيما الخلافات المذهبية في داخل الدِّين الواحد، فإنها تفرّق النّاس، وتجعل من كلّ فئة من الفئات قوّةً تخاصم الفئة الأخرى؛ فيؤدي ذلك إلى ضعف الدِّين، لأنَّ كلّ طاقة دينية تضرب طاقة دينية أخرى، تساهم في النتيجة في إهدار الطاقات الدينية لمصلحة القضايا الشخصية.
ولعلّ من الطبيعي أن يكون الاتجاه إلى السلم مرتبطاً بالانسجام مع المفاهيم الإسلامية التي تحكم حياة النّاس، وذلك من خلال الأساس الفكري الذي يجمعها ويوحّد خطاها ويشعرها بأنها تلتقي عنده. وفي هذا النطاق، يمكننا أن نستوحي من الدخول في السلم الالتقاء على خطّ الإسلام الواحد، لا كمفهوم من الكلمة، بل كنتيجة للمفهوم المرتكز على الوفاق؛ فإنَّ السلم الذي يقوم على المجاملة والعاطفة، وينطلق من إخفاء العقد الذاتية، ومن الهروب بعيداً عن المشكلة، لا يمكن أن يثبت أمام التجربة، ويصمد أمام الرياح والعواصف.
وهكذا يفهم الإسلام قصة السلم في الواقع، وذلك في نطاق الوحدة الفكرية والشعورية التي تتحرّك نحو الوحدة العملية الواقعية. وربَّما كان ابتداء الآية بقوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ ، إيحاءً بذلك، لأنَّ الإيمان يوحي للمؤمنين بوحدة المنطلق والطريق والهدف؛ الأمر الذي يربط الوحدة بالجذور العميقة للانتماء، ويبعدها عن الارتماء في أحضان الكلمات السطحية الغارقة بالضباب، فيفجر كلّ الأشياء في الداخل، لتتحوّل إلى الهواء الطلق والنور الباهر.
والمراد بكلمة "كَآفَّةً" جميعاً، بمعنى أن لا يبتعد أي واحدٍ منهم عن الدخول في هذا العنوان الكبير. وهناك احتمال بأنَّ المقصود به ادخلوا في السلم كلّه، أي في جميع شرائع الإسلام، ولا تتركوا بعضه. ويؤيّد هذا القول ما روي أنَّ قوماً من اليهود أسلموا وسألوا النبيّ أن يبقي عليهم تحريم السبت وتحريم لحم الإبل، فأمرهم أن يلتزموا جميع أحكام الإسلام ـ كما جاء في مجمع البيان[2] ـ. ولكن هذا خلاف الظاهر، كما ذكرناه من استبعاد إرادة الإسلام من كلمة "السِّلْمِ" أولاً، وثانياً لأنَّ كلمة "كَآفَّةً" لا تستعمل، غالباً، إلاَّ في موقع الكلمة الدالة على الجمع لفظاً ومعنىً، مع أنَّ كلمة "السِّلْمِ" ظاهرة في المفرد، وتقدير كلمة الأحكام خلاف الظاهر.
* * *
خطوات الشيطان تصادر خطوات السَّلام:
] وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[ فإنه يبعد المؤمن عن خطّ إيمانه بالاستغراق في أجواء اللهو والغفلة، فيتجمد إيمانه في داخل ذاته بعيداً عن حركة الحياة من حوله، ليجعل كلّ الخطوات متحرّكة في طريقه السائر نحو الضلال والكفر والانحراف... وذلك بما يثيره في النفس من وساوس الشر، ونوازع الشك، وعوامل الانحراف؛ فيفقده وعي الإيمان، فيرى الحقّ باطلاً والباطل حقّاً، وتضطرب مقاييسه عندما يختلف لديه ميزان الرؤية للأشياء. ولعلّ من بين هذه النتائج السلبية لذلك، هو ما نواجهه من حرب المؤمن للمؤمن باسم الإيمان، بتسويل الشيطان له بأنه يحارب الانحراف لدى المؤمن، ولكنَّه لو دقّق النظر، لاكتشف أنه يعاديه على أساس مزاجه الشخصي وهواه الذاتي.
وربما كان من مظاهر ذلك ما نواجهه من إثارة الخلافات المذهبية والطائفية بين المسلمين، بالمستوى الذي يؤدي إلى التخاصم والتنازع في المجالات العامة، بحجّة الدفاع عن الحقّ، في ما يوحيه الشيطان للمعتدي، بينما تكون الساحة مثاراً لخطط كافرة جهنمية تتحرّك من مواقع الاستعمار تارة، وقواعد الكفر أخرى، ما يجعل من إثارة هذا الجوّ أساساً لتنفيذ كلّ مخططاته القريبة والبعيدة من دون شعور وانتباه؛ تماماً ككثير من كلمات الحقّ التي يقصد بها الباطل أو تتحرّك في خدمته.
وفي ضوء ذلك، كان التأكيد الدائم من اللّه في آياته على مراعاة الدقة في التعامل مع الشيطان في كلّ خطواته، لأنه يسلك أخفى الطرق وأدق الوسائل في النفاذ إلى وعي الإنسان وفكره، بحيث يتركه ضائعاً بين طريق الحقّ والباطل لتشابه المعالم والملامح بين الطريقين. وهذا ما نجده في بعض الآيات الكريمة كقوله تعالى: ] وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا [ [الإسراء:53]. فقد كان التأكيد على القول الأحسن منطلقاً من استغلال الشيطان لكلّ الثغرات الموجودة في جوّ الكلمة غير المدروسة ومدلولها وحروفها، مما يمكن أن يثير بعض المشاعر والأحاسيس الذاتية المعقدة التي يمكن أن يتفاداها الإنسان بلباقة، باستعمال كلمة أخرى تؤدي الفكرة نفسها بعيداً عن كثير من السلبيات بأسلوب أفضل وجوٍّ أحسن.
] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ[ فهو لا يريد لكم الخير في وساوسه وتسويلاته وتزيينه، بل يريد لكم الشر من خلال استغلال نقاط الضعف الكامنة في شخصياتكم، ليستثير غرائزها في اتجاه الانحراف، وأحلامها في الخطوط البعيدة عن الواقع، سواء كان ذلك من الناحية الفكرية، أو من الناحية العملية، فيصوّر لكم الباطل بصورة الحقّ لتتبعوه، ويصوّر الحقّ بصورة الباطل لتتركوه، لأنه يحسن تجميل الصورة القبيحة ببعض وسائله، كما يتقن تقبيح الصورة الجميلة ببعض ألاعيبه. وهذا هو العنوان القرآني العام في كلّ حديث له عن الشيطان، كما في هذه الآية.
وربما كان التعبير بـ ] خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[ يختزن في مضمونه الإيحاء ـ ولو من بعيد ـ بالتدريجية في طريقة الشيطان في أساليبه الخداعة المغرية، بحيث يتحرّك مع الإنسان خطوة خطوة، ليؤدي به إلى الهلاك في نهاية المطاف، إذ إنَّ الإنسان إذا استغرق في الاندفاع في الطريق بالخطوة الأولى، فإنها تجتذب الخطوة الثانية والثالثة إلى نهاية الطريق، ما يفرض على الإنسان أن يعي الخطّة الشيطانية منذ البداية عندما يبدأ حركته في الطريق، فإنَّ الوعي في نقطة الانطلاق هو الذي يحمي الإنسان من نقطة النهاية، لأنَّ الوعي في الحركة الأولى يجتذب وعي الحركة في آخر الطريق.
وفي آية أخرى: ] إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[ [فاطر:6]. فقد نجد في هذا التركيز على العداوة إشارة إلى طبيعة الحاجز النفسي الذي يجب أن يعيشه الإنسان في كيانه ضدّ كلّ إيحاءات الشيطان، ليثير من خلاله الريبة والشك وعدم الثقة، من موقع العداوة المتأصلة، ليفكر طويلاً قبل أن يستسلم لأية كلمة أو فكرة أو حركة مهما كانت ظاهرة الصدق والبساطة والإيمان، ليكتشف طبيعة الزيف أو الإخلاص في داخلها تبعاً لوعي الفكر وذكاء الشعور، ليرفض أو يؤيد من موقع المعاناة والتأمل العميقين.
وجاءت هذه الفقرة في هذه الآية ] وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[ لتوجه الإنسان إلى دراسة الطريق جيداً في كلّ خطواته، لا سيما إذا كان الجوّ جوّ الدعوة إلى السَّلام؛ فإنَّ الشّيطان يعرف كيف يسخّر الخطوات الساذجة لتسير في الاتجاه الذي يريده، من أجل تخريب خطوات السَّلام وإضاعتها في مهب الرياح الذاتية والحزبية والعصبية، وغير ذلك من الأمور التي تفرّق النّاس وتشتتهم شيعاً وأحزاباً بمختلف الأسماء والألوان والأشكال، كما ألمحنا إليه في بداية الحديث، الأمر الذي يدفعنا إلى أن نحدّد الخطّ الفاصل بين أهداف الشيطان وأهداف الرحمن، لنكتشف طبيعة الخطوات من خلال اكتشاف طبيعة الأهداف ـ وقد تحدّثنا بعض الحديث عن هذه الفقرة في ما تقدّم من أحاديث هذا التفسير في آية سابقةـ.
] فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ[ فليس الزلل، عند انسجامكم في خطوات الشيطان، ناشئاً من جهل أو عدم وضوح في الرؤية؛ فقد قامت الحجّة عليكم من اللّه في ما أقامه أمامكم من بيّنات ودلائل، بما منحكم من عقول، وبما أرسله إليكم من رسالات. وبذلك كان الخطاب إليهم بأنَّ عليهم مواجهة الحقيقة الحاسمة، وهي ] أَنَّ اللّه عَزِيزٌ[ لا يستطيعون الانتقاص من عزّته مهما عملوا وانحرفوا، ] حَكِيمٌ[ لم يترك الأمور لتسير في أجواء العبث والفوضى؛ بل جعل لكلّ شيء ـ ثواباً كان أو عقاباً ـ حدّاً لا يتجاوزه في ما يفعل أو يدع.
* * *
المنحرفون.. ماذا ينتظرون ليستقيموا؟
] هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّه فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْملائِكَةُ[ . ماذا ينتظر هؤلاء المنحرفون الذين زلّت بهم القدم ليستقيموا؟! فقد جاءتهم البيّنات التي تشير إلى خطّ الاستقامة مما يحقّق لهم القناعة لو أرادوها، فماذا يريدون؟ هل ينتظرون العذاب، الذي جاء ذكره هنا على سبيل الكناية، لأنَّ العذاب كان ينزل على الأمم السابقة من خلال النّار التي تنزل عليهم من السَّماء، أو من خلال العواصف والصواعق التي تتمثّل فيها كلّ ألوان العذاب؟؟؟
أمّا التعبير بإتيان اللّه، فقد يكون المراد منه إتيان أمره وإرادته، أو إتيانه بلحاظ وجوده الحاضر في الكون، باعتبار أنه المظهر لوجوده، لأنَّ كلّ الوجود منبثق منه ومنطلق عنه. أمّا الملائكة، فهم الذين يحملون العذاب عندما يصدرون به عن أمر اللّه. هل ينظرون إلاَّ أن يأتيهم العذاب؟! فإذا كانت هذه هي رغبتهم وتفكيرهم، فهل يعرفون النتيجة؟ هل يعتقدون أنَّ إتيان اللّه والملائكة في ظلل من الغمام ـ كما يتصوّرون ـ يترك مجالاً للانتظار وللمراجعة؟ هل يعرفون أنَّ معنى حدوث ذلك هو وصول الأمر إلى درجة الحسم النهائي الذي لا رجعة فيه؟.
] وَقُضِيَ الأَمْرُ[ أي فُرغ منه، وهو المحاسبة وإنزال أهل الجنّة في الجنّة وأهل النّار في النّار، وقيل: معناه وجب العذاب، أي: عذاب الاستئصال، وهذا في الدنيا، كما في مجمع البيان[3].
] وَإِلَى اللّه تُرْجَعُ الأُمُورُ[ في الثواب أو في العقاب، كما كانت الأمور كلّها إليه في الابتداء، لأنه المهيمن على الأمر كلّه في الدنيا والآخرة.
وقد نستوحي من هذه الفقرات المثيرة في الآية، أنَّ القرآن يريد أن يثير أجواء الخوف في داخلهم من خلال هذا التساؤل: ] هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّه فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ[ .
جاء في تفسير الكشاف: «فإن قلت: لِمَ يأتيهم العذاب في الغمام؟ قلت: لأنَّ الغمام مظنة الرحمة، فإذا نزل منه العذاب كان الأمر أفظع وأهول؛ لأنَّ الشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغمّ، كما أنَّ الخير إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسرّ، فكيف إذا جاء الشر من حيث يحتسب الخير؟! ولذلك كانت الصاعقة من العذاب المستفظع لمجيئها من حيث يتوقع الغيث. ومن ثمة اشتدّ على المتفكرين في كتاب اللّه قوله تعالى: ] وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ اللّه مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ[ »[4] [الزمر:47].
] وَقُضِىَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّه تُرْجَعُ الأُمُورُ[ فإنَّ كلّ هذه المفاهيم توحي بالهول، بما يثيره التأكيد على عزّة اللّه واستبدال إتيان إرادة اللّه بإتيانه بالذات، مما يعمّق الشعور بعظمة الموقف ودقته. وهذا من الأساليب المتعارفة في القرآن في كلّ ما يستعمله من أساليب حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه في موضعه، كما في قوله: ] وَاسْألِ الْقَرْيَةَ[ [يوسف:82] وقوله: ] وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً[ [الفجر:22] فكأنَّ القرية بكلّ أحجارها وأشخاصها ومعالمها تعيش الحقيقة المتمثّلة فيها، حتى كأنه في مواقع السؤال تماماً كأي مظهر عاقل من مظاهر الكون. فإنَّ هذا الإيحاء بحضور اللّه بنفسه يوحي بالهول فوق الهول والرهبة فوق الرهبة، بما لا يمكن أن يستوحيه الإنسان من خلال تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية بالأسلوب العادي البسيط. وإذا حدث مثل هذا الإحساس العميق بالرعب في نفسه، كان الانضباط العملي منسجماً مع المستقبل الحيّ الذي يريده اللّه للإنسان بعيداً عن كلّ انحراف والتواء وتمرّد.
وقد تشير الآية إلى سنّةٍ من سنن اللّه التاريخية في المجتمعات والأمم التي تعيش التمزّق الداخلي، والتمرّد العملي، والانحراف عن خطّ اللّه، فإنَّ اللّه ـ بمقتضى سنته في عباده ـ ينزل العذاب عليهم، ما يعني أنَّ هؤلاء القوم الذين يريدون تمزيق الأمّة، ويرفضون الدخول في السلم، سوف يصيبهم العذاب كما أصاب الآخرين.
وقد ذكر بعض المفسّرين أنَّ الاستفهام هنا إنكاري، فإنَّ الآية تخاطب الرسول (ص) وتقول معقبة على الآيات السابقة: أليست كلّ هذه الدلائل والآيات والأحكام الواضحة كافيةً لصدّ الإنسان عن الانزلاق وإنقاذه من براثن عدوه المبين «الشيطان»؟.
هل ينتظرون أن يأتي اللّه إليهم مع الملائكة في وسط غمام ذي ظل ليطرح عليهم دلائل أوضح، أو ليواجهوا الغيب في رؤية حسّية تمنحهم وضوح الرؤية، وهذا محال: ولكن المسألة لو كانت كذلك ـ أي في استحالة مجيء اللّه ـ لما كان هناك وجه لذكر الملائكة، فإنه لا استحالة في إتيانهم، لأنهم أجسام تروح وتجيء، كما أنه لا معنى لكلمة: ] وَقُضِيَ الأَمْرُ[ إلاَّ أن يكون المراد به كما قال.
وإن افترضنا بالفرض المحال تحقّق هذا الأمر، فما الحاجة إليه، بينما قضي كلّ شيء ولم يترك أي شيء؟! وهذا خلاف الظاهر، لأنه يقتضي فرضاً جديداً، بينما ظهور الآية يدل على وحدة الموضوع والسياق؛ واللّه العالم.
* * *
سل بني إسرائيل:
قد يكون الحديث عن المستقبل في واقع هؤلاء الذين يتحدّث اللّه عنهم بالزلل والانحراف، غير كافٍ في إبعادهم عن ضلالهم، فربما يكون للحديث عن الماضي ـ كتجربة حيّة للآخرين من موقع التجربة نفسها التي يعيشها هؤلاء ـ بعض الأثر. فقد كان تاريخ بني إسرائيل ماثلاً أمام النّاس في كلّ ما واجههم من قضايا الكفر والإيمان مع أنبيائهم، وفي كلّ ما فعلوه ضدّ مسيرة النبوّة في تاريخهم القلق الدامي؛ فلعلّ هذه الآية أرادت أن تطلب من هؤلاء النّاس، بأسلوب الطلب من النبيّ (ص) أن يجلسوا إلى بقاياهم ويسألوهم، هل كان هناك نقص في البيّنات التي أنزلها اللّه عليهم؟! وليس المراد به الاستفهام، بل المقصود هو تقرير الحقيقة من خلاله، فإنَّ اللّه قد أرسل إليهم رسلاً كثيرين بالحجج الواضحة، فكذّبوا واستكبروا وواجهوا عقاب اللّه.
ثُمَّ تعطي الآية الإيحاء بأنَّ البينة التي توضح للإنسان طريق الحقّ، هي من نعم اللّه التي أنعمها على الإنسان، وأراد منه أن ينسجم معها، ويستجيب لها، ولا يبدلها بالضلال في القول والعمل، فإنه إذا بدّل الحقّ الذي توحي به الحجّة بالباطل الذي لا حجة عليه، فعليه أن ينتظر عقاب اللّه، فلا يستسلم للاسترخاء بالشعور برحمة اللّه، فإنَّ اللّه شديد العقاب في موضع النكال والنقمة، كما هو أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة. وربما تكون الإشارة إلى بني إسرائيل وتاريخهم المتمرّد، لوناً من ألوان الحديث عن خطوات الشيطان في إضلاله وفي إغوائه.
] سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ[ هؤلاء الذين يمثّلون نموذجاً من الأمم التي تعيش التمزّق الروحي والاجتماعي والضلال الديني، ] كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ[ من البيّنات التي توضح لهم الحقيقة وتقودهم إلى الإيمان؟! وتلك هي النعمة التي ينبغي لهم أن يشكروها، وينفتحوا على اللّه من خلالها، فلا يكفروها. ] وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّه[ في الإيمان ] مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ[ في وحي اللّه وفي حركة الرسل؛ ] فَإِنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ[ في الدنيا من خلال السنّة التاريخية التي تربط النتيجة بالمقدّمات. فالكفر بنعمة الإيمان يجتذب النتائج السلبية على واقع الإنسان، لأنه يبتعد به عن الخطّ المستقيم الذي يؤدي إلى الخير والسعادة والاطمئنان، وذلك من خلال ما أودعه اللّه في الحياة الإنسانية من سننه التاريخية التي لا بُدَّ للنّاس من أن يأخذوا بها ليتعرفوا منهج الحياة في ما يقبلون عليه من خير أو شرّ. وهو شديد العقاب في الآخرة جزاءً على كفرهم بالحقّ لما جاءهم، وانحرافهم عمّا يفرضه عليهم في سلوكهم في أنفسهم وفي واقع النّاس ومع اللّه.
* * *
الفوقية الزائفة والفوقية الحقيقية:
في موقف المؤمنين والكافرين في هذه الحياة ظاهرة بارزة، وهي طغيان الكافرين واستسلامهم للحياة الدنيا بما زيّن لهم من شهواتها ورغباتها وطيباتها، ] زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا[ بالمستوى الذي يشعرون معه أنهم يملكون الأمر كلّه فيها، وبذلك تمتلىء قلوبهم بالكبر والشعور بالفوقية تجاه غيرهم من الذين يعيشون الحياة من خلال قيمها ومبادئها وارتباطها باللّه... ] وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ ويتحوّل هذا الشعور إلى سخرية من المؤمنين في ما يفعلون وما يقولون وما يواجهونه من تضحيات لحساب إيمانهم، وفي ما يقدّمونه من جهد كبير في سبيل اللّه لا يريدون به جزاءً ولا شكوراً، فيخيّل إليهم أنَّ ذلك كلّه مظهر سذاجة وغفلة، لأنهم لا يفهمون معنى التضحية في سبيل اللّه، لأنهم لا يعرفون معنى ثواب اللّه.
وربما يحدث من خلال ذلك حالة ضعف نفسية لدى المؤمنين لما يواجهونه من واقع الفوقية والدونية بين الكافرين وبينهم؛ فيوحي اللّه إليهم أنَّ قضية الدونية والفوقية ليست شيئاً مهماً في ما تمثّله قيم الحياة، لأنَّ ذلك عرض زائل لا بقاء له، فلا يوجب ارتفاع الإنسان فيه رفعةً حقيقية، ولا اتضاعه ضعة حقيقية، بل المهم كلّه هو الرفعة في الدار الآخرة التي يمنحها اللّه للمؤمنين، لأنها من اللّه، وما كان منه، فهو الخير كلّه والمجد كلّه. وعلى هذا الأساس، ] وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[ فإنَّ اللّه عندما يجعل المؤمنين فوق الكافرين يوم القيامة، فإنه يجعل لهم كلّ القيمة الكبرى التي يرتفعون بها إلى أعلى الدرجات، فلا يضعف المؤمنون، ولا يستسلمون للشعور أمام الاضطهاد، بل ينبغي لهم أن يفكروا بما أعدّ اللّه لهم من ثواب وعقاب، فإنَّ ] وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ ، لأنَّ الأمر بيده في ما يعطي أو يمنع، وهو وليّ المؤمنين.
جاء في تفسير الميزان حمل كلمة ] لِلَّذِينَ كَفَرُواْ[ على الأعم من الكافرين بالكفر الاصطلاحي، وهو الكفر باللّه، أو الكفر المطلق، في مقابل الإيمان المطلق، بحيث يُعدّ الانحراف عن كلّ حقيقة من الحقائق الدينية من تفاصيل العقيدة، أو تغيير أية نعمة دينية، كفراً، وذلك من جهة ظهور كلمة «الكفر» بالستر الذي يعم المعنيين؛ ولذلك اعتبر من مصاديق هذه الآية المؤمنين باللّه الذين زيّنت لهم الحياة الدنيا فدعتهم إلى اتباع هوى النفس وشهواتها، وأنستهم كلّ حقّ وحقيقة، فلا يريد الإنسان إلاَّ نيلها، من جاه ومقام ومال وزينة، فلا يلبث دون أن يستخدم كلّ شيء لأجلها وفي سبيلها، ومن ذلك الدِّين، فيأخذ الدِّين، وسيلةً يتوسل بها إلى التميّزات والتعيّنات، فينقلب الدِّين إلى تميّز الزعماء والرؤساء وما يلائم سؤددهم ورئاستهم، وتقرّب التبعة والمقلدة المرؤوسين، وما يجلب به تماثل رؤسائهم وساداتهم كما نشاهده في أمتنا اليوم، وكما شاهدناه في بني إسرائيل من قبل[5].
ونلاحظ على ذلك، أنَّ الكلمة قد تكون ظاهرة في الستر بحسب المعنى اللغوي، ولكنَّها ظاهرة في السياق القرآني، كما هي في الاستعمالات العرفية، بالكفر المصطلح، ولا سيما في الآيات التي يذكر فيها ] الَّذِينَ ءَامَنُواْ[ في مقابل ] لِلَّذِينَ كَفَرُواْ[ ؛ فإنها واضحة الدلالة على الكفر الذي يقابل الإيمان من ناحية المبدأ. وإذا كانت بعض آيات القرآن ظاهرة في ما يشمل الكفر ببعض الحقائق الدينية أو الانحراف العملي عنها، فإنها جاءت، ـ واللّه العالم ـ على سبيل المجاز، لتنزيل الكفر بالحقيقة الدينية الخاصة أو الانحراف السلوكي عنها، منزلة الكفر بالمبدأ؛ لأنَّ مَنْ آمن بشيء، فلا بُدَّ من أن يؤمن بكلّ تفاصيله ويلتزم بكلّ التزاماته... وهذا ما يحتاج إلى قرينةٍ تدل عليه بشكل خاص أو من خلال السياق العام، وهي غير موجودة في هذه الآية، إن لم يكن الظهور على خلافها.
ـــــــــــــــــــ
(1) مجمع البيان، ج:2، ص:536.
(2) مجمع البيان، ج:2، ص:537.
(3) مجمع البيان، ج:2، ص:539.
(4) تفسير الكشاف، ج:1، ص:353.
(5) أنظر: تفسير الميزان، ج:2، ص:112.
تفسير القرآن