تفسير القرآن
البقرة / الآية 245

 الآية 245

الآيــــة

{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (245).

* * *

الإنفاق والتجارة:

هذه دعوة إلى الإنفاق في سبيل اللّه، سواء في مواقع السلم أو في مواقع الحرب، فإنَّ كلّ واحد من هذه المواقع يحتاج إلى المال الذي ينفقه المؤمنون لبناء القوّة الذاتية للأمن، من خلال السيطرة على كلّ نقاط الضعف الذاتي...

وقد أراد اللّه أن يوحي للإنسان بأنَّ ذلك لا يمثّل أي نوع من أنواع خسارة المال، كما قد يخيّل للبعض، عندما يفكرون بأنه لا يستتبع تعويضاً؛ ] مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا[ بل هو نوع من القرض الحسن الذي يقرضه المؤمن للّه مالك السَّماوات والأرض، باعتبار أنَّ الجهات التي يصرف المال في سبيلها هي للّه مالك السَّماوات والأرض في ما يحبّه ويرضاه ويريده... وقد وعد المنفقين بأن يعطيهم ثواب القرض الحسن، ] فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً[ ويردّ إليهم ما أنفقوا مضاعفاً أضعافاً كثيرة، فعليهم أن يراقبوه في حالة الإنفاق وعدمه، ] وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ[ لأنه الذي يقبض يده عندما يريد ويبسطها عندما يريد، في ما يعطي وما لا يعطي ] وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ ، وإليه يرجع النّاس كلّهم فيجدون لديه نتائج أعمالهم في ما يجدون من ثوابه وعقابه.

وقد جاء عن الإمام جعفر الصادق(ع): لما نزلت هذه الآية على النبيّ(ص) ] مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا[ [النمل:89] قال رسول اللّه(ص): اللهم زدني. فأنزل اللّه تبارك وتعالى: ] مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا[ [الأنعام:160] قال رسول اللّه (ص): اللهم زدني، فأنزل اللّه عزَّ وجلّ: ] مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً[ ، فعلم رسول اللّه أنَّ الكثير من اللّه عزَّ وجلّ لا يُحصى وليس له منتهى[1].

ــــــــــــــــــــ

(1) البحار، م:24، ج :68، ص:382، با:71، رواية:1.