من الآية 38 الى الآية 39
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيتـان
{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا * ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَـهًا ءَاخَرَ فَتُلْقَى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} (38ـ39).
* * *
معاني المفردات
{سَيِّئُهُ}: السيِّىء: العمل القبيح، الذي يمثل المعصية.
{مَّدْحُورًا}: مبعداً من رحمة الله.
* * *
توحيد الفكر والعمل
{كُلُّ ذَلِكَ} من الأخلاق السلبيّة التي تُثقل روح الإنسان وحياته بنتائجها الشقية، {كَانَ سَيِّئُهُ} الذي يمثل معصية الله التي تنتهي إلى سخطه، وتؤدي بالإنسان إلى الجحيم {عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} لأن الله يكره كل قبيحٍ من الأخلاق والأفعال، لما فيه من المفاسد والمضار على حياة الإنسان.
{ذَلِكَ} المنهج الأخلاقي العملي الذي كانت المفردات المتقدمة نماذج حيّة لأمثالها من القيم الروحية الإنسانية، {مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} التي تعمِّق للإنسان رؤيته الواقعية، التي يعرف بها موازين الأشياء ومناسباتها، بالطريقة التي تقرّبه من الصواب وتبعده عن مواقع الخطأ في حركة النظرية والتطبيق. وبهذا نعرف أن الحكمة تمثل الخط العملي الذي يدرِّب الإنسان على التحرُّك في الخط المستقيم نحو الهدف الكبير الذي يلتقي عنده العقل والإيمان والرؤية الواضحة لطبيعة الساحة العملية.
{وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَـهًا آخَرَ} في عقيدتك وطاعتك، في ما يمثله توحيد الفكر والعمل، فإن ذلك هو الذي يوحّد لك المنهج الفكري والأخلاقي والتشريعي، فيمنع طريقك من الانحراف، وخطواتك من الزلل، وهدفك من الضياع. أمّا إذا ابتعدت عن خط الاستقامة، وعبدت آلهة الأرض من الطغاة والمستكبرين، فسترتبك خطواتك، وستعيش الحيرة في تصوراتك والقلق في مشاعرك والانهيار في مواقعك في ساحة الحياة… {فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا} تلوم نفسك على ما أسرفت فيه، وما أسلفته من أعمال ومواقف، {مَّدْحُورًا} مطروداً مبعداً من رحمة الله.
تفسير القرآن