المقدمة
سورة الحج
مدنية، وهي ثمان وسبعون آية
سبب التسمية
سُمِّيت هذه السورة بالحج لتضمنها دعوة الله إلى الحج في رسالة النبي إبراهيم(ع)، وللإيحاء بالمعنى العبادي الذي يتمثل في تنوع العبادة في أفعالها وكلماتها وإيحاءاتها، وفي النتائج العملية التي تلتقي بها مع كل العبادات الأخرى، من صلاة في بعض مفرداتها، ومما يشبه الصوم في بعضها الآخر، كما في حال الإحرام، وفي المنافع التي يحصل عليها الناس من خلال الاجتماع العالمي الذي يلتقي فيه المؤمنون من سائر أنحاء العالم ليتدارسوا مشاكلهم، وليتبادلوا خبراتهم، وليتعارفوا في مواقعهم وأوضاعهم، وليزدادوا حركة في اتجاه التقدم، ولتتطور حياتهم من خلال ذلك كله، وليأخذوا بأسباب القوّة في تحديات الصراع. وهكذا كان الحديث عن بعض فروع الحج المتصلة بحركة العقيدة في حياة الإنسان، حيث بدأت السورة بالدعوة إلى التقوى، باعتبارها التجسيد الحيّ لإحساس الإنسان بعبوديته لله تعالى في مواقع الطاعة. ولذا فلقد تناولت السورة النماذج الإنسانية المنحرفة عن خط التقوى، عقيدة ودعوة، على مستوى العلاقات في أكثر من موقع. ثم تناولت الأجواء العقيدية التي يعيش فيها المؤمنون والكافرون، لتثير من خلالها مسائل التوحيد في مواجهة الشرك والإيمان باليوم الآخر لدى المنكرين وما يترتب على ذلك من نتائج دنيوية وأخروية، وذلك بالأسلوب القرآني الذي يجمع مفردات العقيدة من واقع حياة الإنسان والطبيعة، ويضرب الأمثال لتوضيح الفكرة باعتبار أنّ حركة الحس تغذي الوجدان.. ثمّ إنّ الآيات تطوف بالفكر في تاريخ الأمم السابقة، ليعتبر الناس بتجارب الآخرين في مواقفهم السلبية من عبادة الله وتوحيده، ليستفيدوا من تلك الدروس التي يحوّلون فيها الواقع إلى تجربةٍ إيجابيةٍ حاسمةٍ في هذا الاتجاه.
وتختم السورة آياتها بالدعوة إلى السير على خط الإيمان في عبادة الله، وفي فعل الخير والاعتصام بحبله، وفي الجهاد في سبيله، وفي الالتزام بالخط المستقيم الذي يكفل لهم شهادة الرسول(ص) لهم باستقامة الطريق الذي يسيرون فيه، ويكفل أن يكونوا الشهداء على الناس في وعيهم الإيماني لمسألة الرسالة والرسول، وليؤكدوا إسلامهم أخيراً في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله الذي هو نعم المولى ونعم النصير.
تفسير القرآن