من الآية 41 الى الآية 42
الآيتـان
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن في السَّمَـوَاتِ والأرض وَالطَّيْرُ صَآفَّـاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ* وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَـوَاتِ والأرض وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (41ـ42).
* * *
معاني المفردات
{صَآفَّاتٍ}: باسطات أجنحتها في الهواء.
* * *
تسبيح الكائنات لله
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأرض}، والله هنا يوجه الفكر الواعي للنظر إلى حركة القدرة في الظواهر الكونية والموجودات الحيّة العاقلة وغير العاقلة، في وجودها الذي يوحي بمواقع العظمة الإلهية في إبداع الخلق، وفي تعبيرها عن ذلك بالصورة الحيّة التي تتمثل فيها كل ملامح الجمال والروعة، وبالصوت المعبِّر بأنغامه عن الإحساس بعظمة الخالق، وفي الكلمات التي تتضمن كل معاني التعظيم والإجلال..
إن النظرة الواعية العميقة التي تلاحق كل هؤلاء، الذين تحتضنهم السموات والأرض في حركة النظام الكوني، توحي للإنسان بوجود تسبيح خفيّ يجعل الموجودات تنضم إلى بعضها البعض في موسيقى داخليّة ترتفع كمثل الصلاة، وتهمس بروح التسبيح، لتعبر عن تعظيمها الوجودي لخالقها العظيم.
{وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} في الفضاء الواسع، تسبّح الله بأصواتها المتنوعة التي تختلف فيها المعاني، تماماً كما هي لغات الإنسان.
{كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } في ما ألهمه الله من طريقة التعبير عن أحاسيسه ومشاعره {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } لأنه هو المحيط بالكائنات بكل أسرارها الداخلية وملامحها الخارجية وخطواتها العملية في الكون كله.
{وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَـوَاتِ والأرض } فهو وحده المالك لهما، والمهيمن عليهما، والمدبّر لهما، لأنه هو خالقهما، فمنه البداية، بداية وجود كل شيء {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } والمرجع، ليحاسب الناس على أعمالهم من خير أو شرّ، وقد يكون المعنى: وإليه مصير الأمور، لأنه وحده القادر على تدبيرها، باعتبار أنه من أوجدها، فهو يملك الأمر كله فيها.
تفسير القرآن