تفسير القرآن
النمل / من الآية 89 إلى الآية 90

 من الآية 89 الى الآية 90

الآيتـان

{مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ* وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (89ـ90).

* * *

ليست الحسنة كالسيئة

{مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } لأن الله يريد أن يقوّي عمل الخير في حياة الإنسان، ليعيش من أجله، فكراً وشعوراً وعملاً، من أجل أن يتجسد في ذاته ويمتد في حركته وينطلق في أهدافه، ولهذا أكد الله في أكثر من آيةٍ أن {مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [الأنعام: 160]. وأن الإنفاق في سبيل الله {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ } [البقرة: 261]، كما ورد في الحديث أن درهم القرض بثمانية عشر. وهكذا يحس العاملون بالحسنات أنهم موضع رعاية الله وكرامته في عالم الثواب، {وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} فقد أعطاهم الله الأمان جزاءً على أعمالهم التي كانوا يعيشون فيها السلام مع أنفسهم ومع ربهم ومع الناس.

{وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} أي فكبوا على وجوههم في النار، لأنّ السيئة توحي بالتمرد على الله في جانب العقيدة والعمل، فتستتبع غضبه الذي يؤدي إلى دخول النار، حيث ينادي المنادي هناك، لكل هؤلاء الكافرين والمتمردين {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فلا ظلم هناك ولا ابتعاد عن الحق.

ومن خلال ذلك، نفهم أن علاقة الإنسان بربه، تنطلق من خلال العمل الذي يوحي بالإيمان من مدلوله الروحي الإيجابي، أو الذي يوحي بالكفر من خلال المدلول نفسه في جانبه السلبي، وأن الله يشجع المحسن على إحسانه بزيادة الأجر عليه.