تفسير القرآن
القصص / من الآية 62 إلى الآية 64

 الآية 62 الى الآية 64
 

الآيــات

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ* قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْناهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ* وَقِيلَ ادْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ} (62ـ64).

* * *

معاني المفردات

{حَقَّ عَلَيْهِمُ}: وجب عليهم.

{الْقَوْلُ}: المراد بالقول هنا: العذاب.

{أَغْوَيْنا}: الغواية: الضلال.

* * *

الشركاء المزعومون يتنحّون عن تحمل المسؤولية

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} في موقف القيامة التي يقوم فيها الناس لرب العالمين، ليواجهوا السؤال الحاسم، عما كفروا وأشركوا وانحرفوا في الخط العملي، ليدافعوا عن موقفهم إن كان لهم دفاع، وليرجعوا بالخزي والعار إن لم يكن لهم شيء منه. ويتوجه الله بالسؤال إلى المشركين الذين كانوا يعبدون غيره، فيشركونه بالعبادة {فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} أين قوّتهم التي تدّعونها لهم؟ كيف ترونهم الآن؟ وكيف تواجهون المسألة؟

{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} من الذين كانوا يضعون أنفسهم في مصافّ الآلهة أو من الذين كانوا يضعون أنفسهم في هذا المستوى، فها هم واقفون الآن والناس يشيرون بأيديهم إليهم ويتعرفون عليهم، ويحمِّلونهم المسؤولية في ضلالهم أمام الله، بعد أن تبرّأوا من المسؤولية عنهم، إنهم يواجهون الله، ليتبرَّأوا من مسؤولية الإضلال بعد إقرارهم بمسؤولية الضلال.

{رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} فقد كانت غوايتهم بإغوائنا لأننا كنا غاوين، فكما غوينا بإرادتنا واختيارنا من دون أن يكون هناك ضغطٌ علينا في ذلك، بل هو من خلال استسلامنا للإغراء وللتزين وللانحراف، فإنهم غووا بإرادتهم واختيارهم، فقد استمعوا إلينا واستسلموا لمنطقنا ولم يرجعوا إلى عقولهم وإلى ما أنزلته عليهم من وحيٍ، وما أرسلته إليهم من رسول، فلا تحمّلنا مسؤوليتهم، فيكفينا ما نحمله من مسؤولية أنفسنا. {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ} منهم في كل ما اعتقدوه وما عملوه {مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} فلا علاقة لنا بهم من قريب أو من بعيد، بل كانوا يعبدون ما نسجته أوهامهم من آلهةٍ وأوثان.

{وَقِيلَ ادْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ} لينصروكم ويخلصوكم من عذاب جهنم {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} فأدركوا أنهم كانوا مخدوعين في تفكيرهم، ضالّين في عبادتهم، فهؤلاء الذين كانوا يعبدونهم من دون الله في ما يتخيلونه لهم من القوة، لا يملكون شيئاً لأنفسهم، فكيف يملكونه لغيرهم، {وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ} في ما عرفوه من تاريخهم في الدنيا، ومن هذا النداء المحرج المتحدّي في هذا اليوم، ومن المنظر الهائل الذي يشاهدونه أمام أعينهم الآن... وطافت في أذهانهم أمنيةٌ، لو أنهم كانوا يهتدون ليتجنبوا هذا الموقف الصعب، ولكن كيف يمكن أن يبلغوها في هذا الموقع الذي لا مجال فيه لأيّ تغيير أو تبديل.