تفسير القرآن
الأحزاب / من الآية 70 إلى الآية 71

 من الآية 70 الى الآية 71
 

الآيتـان

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (70ـ71).

* * *

معاني المفردات

{قَوْلاً سَدِيداً}: قولاً صادقاً وصائباً.

* * *

اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ} وليكن خطكم العملي على مستوى الحركة في الذات والواقع والعلاقات، لأن ذلك هو معنى تجسّد الإيمان وتحوّله إلى حركةٍ حيّةٍ منضبطة في حياة الإنسان المؤمن، فلا يكون مجرد كلمةٍ تقال، أو شعارٍ يُرفع، {وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} وهو القول الذي يحمل في مضمونه الصدق والحق والعدل، وينطلق في آفاق الصواب الذي لا مجال فيه للباطل والخطأ والعبث. وهذا هو العنوان الذي ينبغي أن تَتَعَنْونَ به الشخصية الإسلامية، لتكون مثال الشخص المتوازن في كلامه، بالتوازن في نظرته إلى الأمور، وبالعمق في دراسته لها، وبالامتداد في خط المستقبل في وعيه لمسائل الحاضر، وبالنظرة العادلة إلى القضايا المطروحة في الساحة، لتكون الأحكام أحكام عدلٍ وحقٍّ. وإذا أردنا أن ندخل في التفاصيل الجزئية، فيمكننا الإشارة إلى القول في الإصلاح بين الناس، وفي إصلاح الخطأ في الرأي والموقف، وفي الدعوة إلى محاربة الظلم وإقامة العدل، والوقوف مع حركة الحرية في مواجهة الاستعباد ، ومع الوحدة على الحق، في مواجهة التفرق في داخله، أو الوحدة في الباطل.. وهكذا {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} لأن ذلك هو النتيجة الطبيعية للقول السديد الذي يحمل الرأي الحق والموقف العادل والنظرة الصائبة، ويوجه إلى الصراط المستقيم، الأمر الذي يحوّل الأعمال المنطلقة منه إلى أعمال صالحة، لا مجال فيها للاهتزاز والفساد، وذلك من خلال أن الفكرة هي صورة العمل، وأن الكلمة حركته في الطريق إلى الواقع.

{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} لأن الله يغفر للسائرين في طريق الرشاد والسداد الذي هو الطريق إليه، فإذا انحرفوا في بعض المراحل أو أخطأوا في بعض الأعمال، ثم استقاموا على الطريق وأصابوا في مضمون العمل، ذكر الله لهم جهدهم في الحق وإخلاصهم له فغفر لهم ذلك كله.

{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} لأن خط الطاعة هو الذي يؤدي إلى الحصول على رضوان الله، وإلى الدخول في جنته، وذلك هو الفوز العظيم.