الآية 176
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيــة
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكلالَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيء عَلِيمٌ}(176).
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ بسنده عن جابر قال: اشتكيت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعندي سبع أخوات، فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلثين، قال: اجلس، فقلت: الشطر، قال: اجلس، ثم خرج فتركني، قال: ثم دخل عليّ وقال: يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله قد أنزل، فبين الذي لأخواتك الثلثين. وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيَّ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكلالَةِ}[1].
وجاء في «تفسير البيان» للطبري حديث مرفوع إلى جابر بن عبد الله قال: مرضت فأتاني النبي(ص) يعودني هو وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجدوني قد أغمي عليّ. فتوضأ رسول الله(ص) ثمّ صبّ عليّ من وضوئه، فأفقت، فقلت: يا رسول الله، كيف أقضي في مالي، أو كيف أصنع في مالي؟ وكان له تسع أخوات، ولم يكن له والد ولا ولد. قال: فلم يجبني شيئاً، حتى نزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكلالَةِ}. إلى آخر السورة[2].
* * *
يستفتونك في الكلالة
لقد جاءت هذه الآية تكملةً لما تقدم في بيان الفرائض في الأرض، انطلاقاً من بعض الأسئلة الموجهة إلى الرسول(ص)؛ فقد سألوا عن الكلالة ـ التي قدمنا الحديث عنها في أول السورة ـ وهي اسم للإخوة أو الأخوات ـ كما في الحديث عن أئمة أهل البيت(ع)ـ أو ما سوى الوالد والولد ـ كما عن بعض المفسرين ـ والظاهر أن موردها في السورة هو الإخوة والأخوات، فيلتقي التفسيران على مورد الآية، وإِن اختلفا في غيرها، إذا لم يكن التفسير الوارد عن الأئمة(ع) من باب التطبيق لا التحديد.
وخلاصة السؤال، أن الميت إذا مات وليس له ولد، سواء كان ذكراً أو أنثى وله أخت، أو أخت ماتت وليس لها ولد، فكيف يكون الإرث؟ والجواب، أن لها نصف التركة؛ أما هو فيرث كامل التركة... ويأتي السؤال ليطرح فرضاً آخر: وهو إذا ما ترك الميت أختين؟ وجاء الجواب: إن لهما ثلثي التركة؛ وفي الفرض الثالث، وهو إذا ما ترك أخوة متعددين رجالاً ونساءً؟ كان الجواب: إن للذكر مثل حظ الأنثيين. وهناك بحث يجري في مثل هذا المورد الذي حُددت فيه حصة الأخت بالنصف، والأختين بالثلثين، كما كان الأمر في البنت الواحدة أو في البنتين... ماذا يصنع بالنصف الآخر، والثلث الآخر، هل يعطى للطبقة الثانية، أو يرد على الطبقة الأولى؟ وقد تحدثنا عن ذلك وقلنا: إنه يرجع إلى الطبقة الأولى بلحاظ القرابة لا الفريضة؛ والله العالم.
ــــــــــــــ
(1) أسباب النزول، ص:104.
(2) تفسير البيان، م:4، ج:6، ص:55.
تفسير القرآن