تفسير القرآن
الصافات / من الآية 69 إلى الآية 74

 من الآية 69 الى الآية 74
 

الآيــات

{إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءهُمْ ضَآلِّينَ* فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ* وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ* وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ* فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ* إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} (69ـ74).

* * *

معاني المفردات

{يُهْرَعُونَ}: يسرعون.

* * *

إنهم ألفوا آباءهم ضالّين

تسلط هذه الآيات الضوء على العامل الأساسي الذي أدى إلى ضلال هؤلاء الناس، فإذا كنا نتساءل عن الظروف التي فرضت عليهم الضلال: أهي حالةٌ ذاتيةٌ انطلقوا منها أم هي حالةٌ تاريخيةٌ انتموا إليها؟ وهل كان هناك فعل وعيٍ، أو كان هناك فعل غفلةٍ وذهول؟؟ ويأتي الجواب: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءهُمْ ضَآلِّين} وكانوا يقدسون عقيدة الآباء وتقاليدهم وعاداتهم، فالحاضر يرتبط بالماضي عضوياً، وهو ما ينعكس على وحدة التاريخ وقوّة العشيرة، مما يفرضه ذلك من الثبات الذي لا اهتزاز فيه، والدوام الذي لا تغيير فيه، { فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} في حركةٍ سريعةٍ لا تتجمد في مكانها، ولا تتباطأ في سيرها، حتى لا تفوتهم الفرص التي كانت لهم في الماضي، ولا تبعدهم المشاكل التي قد تحدث في الحاضر.

{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَلِين} لأن المسألة ليست وليدة حالةٍ طارئةٍ بل هي وليدة تقليد ثابت رسخته العقلية الجاهلية، ولذلك فإن الآخرين يتحركون في خط تاريخ الأولين، فإذا كان التقليد الجامد المتخلف قد أضل الآخرين فإنه كان قد أضل الأولين من قبلهم، فماذا كانت النتيجة أمام ذلك كله؟ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ} ليعرِّفوهم الحق من الباطل والكفر من الإيمان، ولينذروهم النتائج السلبية التي تنتظر المكذبين {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ} الذين كذبوا الرسل فلم يعبأوا بالإنذار ولا بأهله، فها هم في قلب الجحيم يعذّبون، {إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } الذين اتبعوا الرسل، واستجابوا للإنذار فاتقوا الله، واتبعوا منهاجه، والتزموا بأوامره ونواهيه، فقد نجّاهم الله من العذاب ووقاهم من أهوال الجحيم.