من الآية 65 الى الآية 66
الآيتـان
{قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ* رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (65ـ66).
* * *
قل إنما أنا منذر
{قُلْ} يا محمد لقومك الذين تدعوهم إلى الله، وتواجههم بكلمة التوحيد، {إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ} لتعرّفهم موقعك ودورك في هدايتهم، قل أنا منذر أثير في داخل نفوسكم الخوف من المستقبل الأسود الذي ينتظر الكافرين بالله وبوحدانيته، المنحرفين عن خط الاستقامة في العبادة في ما ينطلقون به من عبادة غير الله، لتختاروا السير في الصراط المستقيم، من مواقع الفكر الذي أطرحه عليكم، والوحي الذي أبلّغكم إيّاه، فذلك هو موقعي، ودوري أن أثير في أعماقكم وعقولكم الفكر المنفتح على الله، لتبتعدوا عن الاستغراق في الفكر المنفتح على الشيطان، لأن مشكلة الكثيرين منكم هو هذا الاستغراق في الزاوية الضيقة من عقيدة الآباء الضالين الكافرين، فتجمد آفاقكم، بحيث لا تنظرون إلى الجانب الآخر من الصورة، ولا تنفتحون على الأفق الآخر لتدركوا حقيقة الإيمان التوحيدي الذي يفرض نفسه على الوجدان الفطري الصافي في مواقع الرؤية الواضحة.
{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} الذي يملك الملك كله والأمر كله، ويقهر الوجود كله بقدرته، لأنه الخالق الذي خلق الناس كلهم، وخلق الكون كله، فلا موجود إلا وهو محتاجٌ إليه في أصل وجوده وفي استمراره، فكيف يكون المخلوق شريكاً للخالق في ألوهيته، وهو لا يملك من خصائص الألوهية شيئاً؟!
{رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} فهو وحده المدبّر لنظام هذا العالم المترامي في السموات والأرض وما بينهما، وهو المهيمن عليه، وليس هناك أحدٌ فيه إلا وهو مربوبٌ له خاضعٌ لتدبيره، فكيف يعبد الناس سواه، وما الأسس الفكرية التي ترتكز عليها العبادة في سلوك الناس المشركين؟
{الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} فهو الذي يملك العزّة من مواقع ملكيته للقوّة كلها، فلا يغلبه أحدٌ على أمره، وهو الغالب على كل أمر، وما عداه ذليلٌ أمامه خاضعٌ له في كل ما يتصل به من قضاياه وشؤونه، وهو الذي يملك المغفرة لذنوب عباده، فيرحمهم في خطئهم، ليفتح لهم أبواب الرجوع إليه، والعودة إلى طاعته.
تفسير القرآن