المقدمة
سورة الزخرف
مكية ، وهي تسع وثمانون آية
في أجواء السورة وتسميتها
في هذه السورة جولةٌ في تاريخ الكفر الذي يتحرك من خلال بعض العقائد الكافرة والضالة التي يواجه الناس فيها الفكر الديني الذي جاء به الأنبياء من عند الله، من دون أن يكون لهم على التزامهم الفكري والعملي ذاك أية حجة، فإذا حاورهم الأنبياء من خلال منطق عقلي سليم، لم يلتفتوا إليهم، بل وقفوا منهم موقف التحدي الذي يرفض استماع كلمات الفكر والوحي أو التفكير بها، لأن المهم بالنسبة لهم الثبات على مواقفهم التقليدية، بقطع النظر عن القاعدة الفكرية التي ترتكز عليها، أو تتحرك من خلالها، لأنهم لم يكونوا في أجواء التفكير هذا، مع إطلالةٍ على تاريخ حركة الأنبياء، مع ذكر بعض النماذج الرسالية الحية منهم التي عاشت الحركية في خط الدعوة والمواجهة، في أكثر من موقع، كإبراهيم(ع) الذي يمثل النبيّ المتعدد الآفاق والمواقع والمواقف في خط الرسالة، وموسى(ع)، الذي بدأ تاريخه في مواقع الصراع منذ ولادته حتى نبوّته وبعدها، ما يجعل من دراسة تاريخ هذين النبيّين، أساساً لبناء حركيّة العمل الإسلامي على أساس القوّة في الموقف، والحكمة في الأسلوب، والواقعية في النظرة إلى الصراع.
وقد جاء الحديث عن عيسى بن مريم(ع) كنموذجٍ رساليٍّ آخر أحدثت دعوته التوحيدية إلى الله اختلافاً وردود فعل.. وينطلق في كل الأجواء الحديث عن إنذار الكافرين في حاضر الدعوة ومستقبلها، بما أُنذر به أسلافهم في ماضي الدعوة.. مع إطلالةٍ على الآخرة ونتائج عمل الكافرين في نار جهنم، إلى جانب نتائج عمل المؤمنين في نعيم الجنة.
وقد سُمِّيت السورة باسم الزخرف، لاستخدامها كلمة الزخرف في معرض الحديث عما يمكن أن يمنح الله الكافرين من ثراء الدنيا وزخارفها في بيوتهم وأوضاعهم، لتأثير ذلك على الواقع الفكري والعملي الذي أراد الله له أن يتحرك في خط التنوّع، وذلك لتوجيه القارىء إلى هذه النقطة المهمة، كعنوانٍ للمسألة الفكرية التي تتعلق بتنظيم الله للحياة.
تفسير القرآن