من الآية 9 الى الآية 10
الآيتـان
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ* وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَايَاتِنَآ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (9ـ10).
* * *
معاني المفردات
{وَعَدَ}: جاء في مجمع البيان، تقول: وعدت الرّجل تريد الخير، وأوعدت الرّجل تريد الشر، فإذا ذكرت الموعود قلت فيهما جميعاً: وعدته وأوعدته. فقوله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ} يدل على الخير، ثُمَّ بيّن ذلك الخير فقال: {لَهُم مَّغْفِرَةٌ}[1].
* * *
الأجر للمؤمنين والجحيم للكافرين
يبين القرآن في هاتين الآيتين حقيقة الثواب والعقاب في نفس المؤمن، أمام أيّ تشريع يريد تنفيذه، أو أي مفهوم يريد تأكيده، لأنَّ الإحساس بالجزاء على العمل، ثواباً كان أو عقاباً، يعمِّق الانضباط في خط العمل.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ} بتوحيد الله ورسالة رسله، وأقروا بنبوة النبي محمد(ص)، {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} مما أمرهم الله فقاموا به، ومما نهاهم عنه فتركوه، لأنَّ الانسجام العملي مع خط الإيمان في التزاماته ومسؤولياته هو الَّذي يؤكد معناه في الواقع الإنساني، باعتباره مظهراً للصدق والجديّة، ولهذا ربط الله الإيمان بالعمل الصالح في كل النتائج الإيجابيّة في مغفرته ورضوانه وثوابه، {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} لما أسلفوه من الذنوب، وتكفير عمّا عملوه من السيئات، لأن {الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ} [هود:114]. {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} على ما قدموه من الأعمال الخيّرة في عباداتهم ومعاملاتهم ومواقفهم ومواقعهم في الخير، {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ} بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر، {وَكَذَّبُواْ بِـَايَاتِنَآ} الَّتي هي دلائله وبراهينه من دون حجَّةٍ أو برهان، {أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} الَّذين يخلدون في النّار، لأنَّ ذلك هو جزاء الكافرين بالله، المكذّبين رسله، فلا حجَّة لهم أمام الله، بل لله الحجَّة عليهم في أمورهم كلها.
ـــــــــــ
(1) مجمع البيان، ج:3، ص:212.
تفسير القرآن