تفسير القرآن
المائدة / من الآية 106 إلى الآية 108

 من الآية 106 الى الآية 108

الآيــات  

{يِـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ في الأرض فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلوةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِى بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ الآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ * ذلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(106ـ108).

* * *

معاني المفردات

{ضَرَبْتُمْ فِي الأرض}: سافرتم.

{تَحْبِسُونَهُمَا}: تمنعانهما من الهرب.

{ارْتَبْتُمْ}: شككتم في صدقهما.

{عُثِرَ}: عثر على الشيء: اطلع عليه.

* * *

في أجواء الشهادة على الوصية

وهذا نداءٌ للمؤمنين حول الشهادة على الوصيَّة، فقد أراد الله للحقوق الّتي بين النَّاس أن لا تضيع ولا تخضع للصُّدف في طبيعة وسائل الإثبات، فجعل الشهادة وسيلةً لتأكيد الحقّ عندما تتحرّك النوازع الذاتية لتدفع الإنسان إلى الانحراف والوقوع في قبضة الهوى والطمع، فأراد أن يحمي الإنسان من نفسه، فلا يستسلم لهواه، ويحمي الحقّ من العدوان، فلا يسقط أمام حالات الخيانة، فإذا عرف مَنْ عليه الحقّ أنَّ هناك شهوداً، كان ذلك ضمانة له من الانحراف، وإذا عرف مَنْ له الحق أنَّ له الحجّة في حقّهِ، كان ذلك موجباً للاطمئنان والثقة بالمستقبل.

وقد ركّزت هذه الآيات على حالةٍ خاصة من جملة الحالات التي تفرض الإتيان بالشهود، وهي الحالة الّتي يصبح فيها الإنسان في مواجهة استحقاق الموت، {يِـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} حيث يسبق هذا الاستحقاق بالوصيَّة لمن خلفه من الأبناء والأهل والأقارب. وربَّما كان التركيز على حالة الموت، باعتبار أنَّها الحالة الّتي يخشى فيها الإنسان فوات الحقّ أو الحاجة، فأراد الله للإنسان أن يشهد عدلين من المسلمين، {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ} ممن تتوفر فيهم صفات الاستقامة على خط الشرع، وتتحقق لديهم العناصر الأخلاقيّة الّتي تدعو إلى الثقة بصدقهم، أمَّا إذا كان الإنسان في سفر، ولم يجد أحداً من المسلمين ليُشْهِدَهُ على ذلك، فلا مانع من أن يشهد شخصين من غير المسلمين {أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرض فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلوةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}، وقد جاءت الأحاديث عن أئمة أهل البيت(ع) أنَّ المراد بهم أهل الكتاب، ولعلّ ذلك بلحاظ الحاجة إلى القسم بالله في بعض الحالات، مما لا يتأتى إلاَّ من المؤمنين بالله. فإذا مات الإنسان، وارتاب أولياء الميت بالشاهدين بسبب بعض الأوضاع الّتي تدفع إلى الشك، مما يحقق لديهم قناعةً أو ما يشبه القناعة بانحرافهما عن الخط الصحيح للمسألة، فيتقدمان إلى مجلس القسم {إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِى بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ الآثِمِينَ}، وذلك بعد صلاة العصر بحسب إفادة بعض الرِّوايات، واختيار هذا التوقيت، قد يكون إمعاناً في توكيد الجوّ الروحي الَّذي يوحي بالمسؤوليّة، ويُثير في النفس شيئاً من الرهبة والخوف، لأنَّها الحالة الّتي يعيش فيها النَّاس مع الله. وخلاصة القسم، أنَّهما لا ينحرفان عن خط الصدق في الشهادة مهما كلفهما ذلك من تضحيات، ومهما قدم إليهما من إغراءات، لأنَّ الشهادة تُمثِّل، في وعيهما، موقف الحقّ في شخصيّة الإنسان المؤمن، فلا يُمكن أن يبيع موقفه هذا لأحدٍ مهما كان حجم الثمن وقيمته، وأنَّهما لا يكتمان أيّ شيء منها، لأنَّها أمانة الله عندهما، فهما لم يشهدا ليضيفا إلى معلوماتهما الشخصيّة معلوماتٍ جديدة عن الأحداث والأشخاص، بل شهدا من أجل إثبات الحقيقة، وإيصال صاحب الحقّ إلى حقّه. ويضيفان إلى ذلك، التأكيد على الموقف أنَّهما لَمِنَ الآثمين إذا انحرفا، وبذلك يُقرّان على نفسيهما باستحقاق العقاب من الله على ذلك في ما يُمثِّله الإثم من نتائج وخيمة عند الله. {فَإِنْ عُثِرَ} أي وجد أولياء الميّت {عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّآ إِثْماً} ولكنَّهم لا يملكون الدليل المثبت لذلك، فهم يعتقدون فيهما الكذب انطلاقاً من بعض القرائن القاطعة، فيؤتى بشاهدِيْن منهم، وهذا هو المراد من قوله تعالى: {فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا} وأقرب إلى الواقع، {وَمَا اعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} وينفيان الاعتداء عليهما في هذا التكذيب، ويثبتان على نفسيهما الظلم، لو كانا كاذبين أو معتديين.

وهكذا يُثير الله أمامنا ـ في نهاية المطاف ـ الحكمة من هذا التشريع المرتكز على التأكيد الشديد بالقسم في حالة الشك والريبة، {ذلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} بأنَّ ذلك هو أقرب إلى أن يأتيا بالشهادة على وجهها الصحيح عندما يعرفان النتائج السلبيّة الّتي قد تلحقهما في حالة الانحراف، أو يخافا أن تكذّبهما الأيمان اللاحقة فتبطل أيمانهما، مما يسبّب لهما الفضيحة أمام النَّاس، فيمنعهما ذلك من الشهادة بالباطل، أو إخفاء الحقّ. ويختم الله الآيات بالدعوة إلى التقوى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ} في جميع المواقع العمليّة ليتحرّك الإنسان في الحياة من موقع المسؤوليّة الّتي تحميه من نفسه، وتحمي الإنسان منه، وتُثير أمامه الأمر بالاستماع إلى ما يُتلى عليه من الآيات، ليعرف من خلال ذلك ما يجب عليه الالتزام به، أو ليستقيم له الدرب، ولتتم له الهداية {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} الَّذين أغلقوا قلوبهم عن خوف الله ومحبته وأصموا آذانهم عن آياته وكلماته، فتركهم لأنفسهم، وأوكلهم إلى أهوائهم.

* * *

مناسبة نزول الآية

وقد ثار جدلٌ كثيرٌ حول معنى هذه الآية.. ولكنَّنا استقربنا ما قدمناه من تفسير واستوحيناه من بعض الرِّوايات الّتي تحدثت عن مناسبة نزول هذه الآيات، وهو حديث لا يخلو من الطرافة والإيحاء بالأسلوب الهادىء الَّذي يسود أجواء الحكم في ما يُثار من قضايا النزاع والخلاف أمام القضاء الإسلامي... ولذلك، فإنَّنا ننقل الحديث كما ورد، ليستعين به القارىء على فهم الآيات، وليستوحي منه روح العدالة في الإسلام، فقد جاء في كتاب الكافي، «عن عليّ بن إبراهيم عن رجاله رفعه، قال: خرج تميم الداري وابن بيدى وابن أبي مارية في سفرٍ، وكان تميم الداري مسلماً، وابن بيدى وابن أبي مارية نصرانيين، وكان مع تميم الداري خِرْجٌ له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع، فاعتلّ تميم الداري علّة شديدة، فلما حضره الموت، دفع ما كان معه إلى ابن بيدى وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته، فقدما المدينة، وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة، وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته، فافتقد القوم الآنية والقلادة، فقال أهل تميم لهما: هل مرض صاحبنا مرضاً طويلاً أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا: لا، ما مرض إلاَّ أياماً قلائل، قالوا: فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا: لا، فقالوا: فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟ قالا: لا، قالوا: فقد افتقدنا شيئاً كان معه: آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجواهر، وقلادة، فقالا: ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم. فقدموهما إلى رسول الله(ص)، فأوجب رسول الله(ص) عليهما اليمين فحلفا فخلّى عنهما، ثُمَّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله(ص) فقالوا: يا رسول الله، قد ظهر على ابن بيدى وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما، فانتظر رسول الله(ص) من الله عزَّ وجلّ الحكم في ذلك. فأنزل الله تبارك وتعالى: {يِـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرض} فأطلق الله عزَّ وجلّ شهادة أهل الكتاب على الوصيَّة فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين. {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ الآثِمِينَ}، فهذه الشهادة الأولى الّتي جعلها رسول الله(ص)، أي أنَّهما حلفا على كذب، {فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا} يعني من أولياء المدعي، {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأولَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أي يحلفان بالله أنَّهما أحقّ بهذه الدعوى منهما وأنَّهما قد كذبا في ما حلفا بالله {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ}. فأمر رسول الله(ص) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به فحلفوا، فأخذ رسول الله(ص) القلادة والآنية من ابن بيدى وابن مارية، وردّهما إلى أولياء تميم الداري {ذلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}»[1].

هناك روايات أخرى تدل على أنَّ تميم الداري هو أحد الشخصين اللَّذين قاما بالخيانة وحلفا بغير الحقّ، فقد أخرج البخاري في تاريخه والترمذي، وحسّنه، وابن جرير وابن المنذر والنحاس والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فأوصى إليهما، فلما قدما بتركته فقدوا جاماً من فضة مخوصاً بالذهب، فأحلفهما رسول الله(ص) بالله ما كتمتماها ولا أطلعتما، ثُمَّ وجدوا الجام بمكّة، فقيل: اشتريناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي، فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأنَّ الجام لصاحبهم، وأخذ الجام وفيه نزلت: {يِـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}[2].

وليست المسألة في هذه الآيات هي مسألة صاحب القضيّة، ولكنَّها مسألة مثل هذه الواقعة في دلالاتها الشرعيّة من حيث الدعوة إلى الوصيَّة حين الموت وتثبيتها بالإشهاد استحباباً إذا لم يكن هناك مثل هذا الحق وخاف ضياعه من بعده، فإن وجد مسلمين عدلين فليشهدهما على الوصيَّة، وإن لم يجد مسلمين فليشهد اثنين من أهل الكتاب ممن يؤمن بالله ويخاف منه إذا حلف به كاذباً فيقول الحقّ على أساس الإيمان والتقوى الدينيّة، ولا بُدَّ من أن يستحلفهما الحاكم بعد الصَّلاة أمام الملأ بأنَّهما لم يشهدا من موقع خيانة أو كتم معلومات، ولم يأخذا مالاً على أن يكذبا، فتقبل شهادتهما كما تقبل من المسلمين.

وقد جاءت الفتوى بذلك من الإماميّة والحنابلة استناداً إلى هذه الآية، وخالفهم في ذلك أبو حنيفة ومالك والشافعي فقالوا: لا تقبل شهادة غير المسلمين مطلقاً ولو كانت من بعضهم على بعض.

فإذا ظهرت الريبة على الشاهدين، فيُمكن الاعتماد على اثنين آخرين يملكان المعلومات الدقيقة على الموضوع، فيقسمان بالله على ذلك، ويؤكدان بطلان شهادة الشاهدين السابقين وعدم قيامهما بأي موقف عدواني ضدّ أصحاب الحقّ، ما يعني أنَّ الشهود أربعة، يشهد الأولان بما لديهما، فإن انحرفا قام الآخران مقامهما بالشهادة.

* * *

لا بُدَّ للقاضي من التدقيق في البينات

وقد نستوحي من ذلك في الموارد الأخرى أنَّ للقاضي أن لا يقتصر على بيّنةٍ واحدةٍ إذا خشي وجود الخلل فيها، لأنَّ القضيّة المطروحة هي أن تنطلق الشهادة من الشهود على وجهها الصحيح بعيداً عن أيّ ريب من حيث الخيانة في الشهادة أو في اليمين، ما يفرض التدقيق في المسألة، ولا يُكتفى بالشكل الساذج الَّذي يستمع فيه القاضي إلى البيّنة من دون تحقيق شامل، أو يُكتفى بالحلف دون الدخول في دراسةٍ شاملةٍ لشخصيّة الحالف أو طبيعة اليمين. إنَّها استيحاءات لا بُدَّ لنا من ملاحقتها في حركة القضاء، ليخرج القضاء الإسلامي عن تبسيط المسألة بالاكتفاء بالبيّنة ـ بمعناها المصطلح ـ أو اليمين، فينفتح على وسائل أخرى للتدقيق من خلال إطلالة القاضي على مجريات الأمور في حركة الواقع للمسألة، وهذا ما قد نلاحظه في ما روي عن الإمام عليّ(ع) في طريقته في القضاء بين النَّاس الّتي ارتكزت على المزيد من التدقيق في البيّنة وفي حركة الإيمان. والله العالم.

ــــــــــ

(1) الكافي، ج:7، ص:5، رواية:7.

(2) الدر المنثور، ج:3، ص:221.