المقدمة
سورة الدخان
مكية، وهي تسع وخمسون آية
في أجواء السورة
في هذه السورة حديث عن الأجواء المثيرة المخيفة التي يريد الله للإنسان أن يعيشها من خلال آيات الكتاب التي تتحدث عن مشاهد القيامة، ومصارع الأمم السالفة، وظواهر الكون التي وزعها الله في الآفاق، ليرى الإنسان فيها مظاهر عظمة الله في خلقه وقدرته على إنزال العذاب به عندما يبتعد عن عبادته سبحانه وتعالى.
ولأن الناس لا يعيشون الإحساس بمسؤولية المصير الذي ينتظرهم وما حذّرهم الله منه، فإنهم لم يفكروا جيداً بالعقيدة التوحيدية، ولم ينفتحوا على ربّ السماوات والأرض وما بينهما الذي لا إله إلا هو، لذا فإنهم يواجهون عذاب الدنيا في أكثر من موقع، ويصيبهم منه البلاء في أنفسهم وفيمن حولهم، ثم يُرجعون إلى الله فينتقم منهم بالعذاب الخالد..
وتُطِلّ السورة على ما أصاب فرعون وقومه الذين أغرقهم الله في اليمّ جزاءً على كفرهم وعنادهم، وكيف أذلهم الله بعد الاستعلاء والاستكبار.. وتمتد لتتحدث عن تفاصيل البعث وعلاقته بالحكمة الإِلهية في إقامة السموات والأرض وهي الحق الذي يمنع العبث واللعب ويوحي بوجود أهدافٍ من وراء حياة الإنسان.. ما يجعل من الآخرة مسألةً جديّةً في حساب المسؤولية التي ينتظر الناس نتائجها الإيجابية والسلبية، الأمر الذي يفرض التفكير في المصير ووعي مضمون القرآن الفكري الذي يرتقب فيه الإنسان كل وعد الله ووعيده في ساحة الآخرة.
* * *
سبب التسمية
وقد سميت هذه السورة بالدخان بسبب الآية التي تتحدث فيها عن موعد إلهي يأتي فيه دخان عجيب من السماء بطريقةٍ تجعل الجوّ الأرضيّ جوّاً دخانياً يدفع الناس إلى الاختناق، وذلك في قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ليفكر الناس بذلك، ويرجعوا إلى الله الذي يكشف عنهم ذلك العذاب، إذا أنابوا إليه وتابوا من كفرهم وعنادهم.
تفسير القرآن