تفسير القرآن
الأنعام / من الآية 84 إلى الآية 90

 سورة الأنعام الآية 84-90
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيــات

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ ءابَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ* ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}(84ـ90).

* * *

معاني المفردات

{وَاجْتَبَيْنَاهُمْ}: اصطفيناهم واخترناهم للرسالة.

{وَهَدَيْنَاهُمْ}: سددناهم وأرشدناهم فاهتدوا.

{لَحَبِطَ}: بطل، وأصل الحبط من الحَبَط، وهو أن تكثر الدابة أكلاً حتى ينتفخ بطنها.

قال الراغب: "وحبْط العمل على أضرب: أحدها أن تكون الأعمال دنيويّةً فلا تغني في القيامة غناء كما أشار إليه بقوله: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} [الفرقان:23] والثاني: أن تكون أعمالاً أخروية لكن لم يقصد بها صاحبُها وجه الله تعالى، كما روي «أنه يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له: بم كان اشتغالك؟ قال: بقراءة القرآن، فيقال له: قد كنت تقرأ ليقال هو قارىء وقد قيل ذلك، فيؤمر به إلى النار». والثالث: أن تكون أعمالاً صالحة ولكن بإزائها سيئات تُوفي عليها، وذلك هو المشار إليه بخفة الميزان[1].

* * *

أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوّة

وكانت كرامة الله لإبراهيم أن جعل النبوّة في ذريته، من خلال الروح الإيمانية التي أثارها في بنيه، ما جعل الرسالة وصيّةً متنقلةً من الآباء إلى الأولاد الذين عاشوا الإسلام فكراً وروحاً وممارسةً وحركة حياة، في ما أراده الله سبحانه لعباده أن يُسلِموا أمرهم له في كل شيء، فهو المرجع في كل مسألةٍ، وهو الملاذ في كل مشكلةٍ.. وهذا هو ما نستوحيه من قوله تعالى: {وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـبَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ* أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَآئِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132 ـ 133] وهكذا كانت هداية الله لهذا الجيل من الأنبياء، بما فتح الله قلوبهم لرسالته، وأعدّهم لدعوته، وملأ قلوبهم بالحكمة، وحياتهم بالتقوى، فأمكنهم ـ من خلال ذلك ـ أن يكونوا الدعاة الهداة، المبشرين المنذرين الذين تتحول حياتهم إلى رسالة ورسالتهم إلى حياةٍ، فيتجاوزون حدود الزمن، فلا تتحدد آفاقهم بحجم اللحظات التي عاشوها في عمرهم، بل تمتد لتكون تاريخاً في أعمار الآخرين، لأنَّ رسالتهم لا تمثل فكرهم وتجربتهم المحدودة، بل تمثل الحقيقة التي يحملها الله إلى الناس كلهم في كل زمان ومكان، لتكون الصراط المستقيم في جميع أمورهم وقضاياهم، فلا يبقئ هناك مجالٌ لاعوجاجٍ في الفكر، ولا انحرافٍ في الطريق.

وقد اختلفت أجواء هؤلاء الأنبياء باختلاف حاجات محيطهم التي يعيشها، روحياً وعملياً، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} وكان منهم نوح ـ النبيّ، الذي ذكره الله كنموذجٍ سبق الجيل الإبراهيميّ من الأنبياء، باعتباره النبيّ الأوّل في سلسلة النبوّات المتحركة في خطّ الدعوة، فكان المثال الرائع للإنسان ـ الرسول الذي تتجدد قوته الداخلية، كلما تجددت التحديات التي يلقاها من الكافرين بدعوته، فلا ينهار ولا يتزلزل ولا يتنازل، بل يندفع ليكرّر التجربة ويؤكّد الرسالة كموقف وحيدٍ للحياة، ويسخر منه الآخرون، فلا يزيده ذلك إلاّ قوّةً في الروح والموقف، فيسخر منهم بشجاعة الإنسان الذي يدرك أن الله معه.

وجاء الطوفان ليشكل نهاية الجيل الكافر، ليبدأ نوح الدعوة مع جيلٍ جديدٍ إلى الإيمان بالله.. لتبدأ الحياة بعيداً عن الحواجز الضاغطة من قبل الكافرين المعاندين..

{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} الذين تميزت أدوارهم بالسلطة التي يملكونها، والحكم الذي مارسوه، بالإضافة إلى النبوّة.. فقد جعل الله داود خليفة في الأرض ليحكم بين الناس، وأعطى سليمان رغبته في ملك لا ينبغي لأحدٍ من بعده، ووهب أيوب، قبل أن يبتليه، السطوة الكبيرة في قومه ـ كما يروى ـ وأعطى يوسف الملك في مصر، أمّا موسى وهارون، فقد مارسا الحكم في بني إسرائيل.. وهكذا كانت حياة هؤلاء مظهراً للقوة يريد الله من خلالها الإيحاء بأن النبوّة لا تعني الضعف لانطلاقها من أساليب اللين والحكمة وحركة السلام في الحياة.

{وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} الذين تميزت حياتهم بالروحانية الصافية في أسلوب العيش وفي حركة العلاقات، وبالوداعة الطاهرة التي كانت تتفايض في عيونهم إشراقاً وحباً ورحمةً للعالمين، وبالانقطاع عن زخارف الدنيا، كمظهر من مظاهر الوقوف ضد المادية المفرطة المتمثلة في عصرهم، ليتحقق للحياة التوازن بين الأسلوب الروحي والأسلوب المادي في الحياة، فتعيش الروح واقعيّة المادة كما تعيش المادة مثالية الروح؛ وبذلك لا يبتعد الواقع العملي للناس عن آفاق الله..

وقد لا يتحقق ذلك ـ في بعض الحالات ـ من خلال المواعظ والنصائح، بل يحتاج إلى المثل الحيّ الذي يمثّل القدوة الحسنة، لأن الفكرة إذا لم تتحول إلى تجسيدٍ عملي في الشخص، فإنها لا تترك تأثيرها العميق في حركة الواقع.. ولذلك كانت النماذج المفرطة في المادية، تحتاج إلى حركة تمثل الإفراط في المظهر الروحي الرافض لعبودية المادة وليس للمادة نفسها، فالمادة من مستلزمات الحياة التي يريد الدين بناءها، خلافاً لما يحاول البعض اتهام الدين به من مثالية خيالية لا تمتّ إليه بصلة.

{وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً}، وقد ابتلاهم الله بظروف صعبةٍ، ومشاكل معقدة في حياتهم، وواجهوا ذلك كله بالإيمان والصبر والمسؤولية العالية، حتى استطاعوا أن يقدّموا من أنفسهم النموذج الأمثل للإنسان المؤمن الصابر أمام المصاعب والتحديات، والواثق بالله في ما ينتظره من فرج وانتصار.

وقد قدّم الله سبحانه لكل نموذج من هؤلاء وصفاً خاصاً يتناسب مع طبيعة الدور الذي أوكله إليه.. فمع النموذج الأوّل جاءت فقرة: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في ما تفرضه حركة السلطة العادلة والقوّة المسؤولة من إحسانٍ للناس في تقديم العدالة لهم، وتقوية ضعفهم. وفي النموذج الثاني، جاءت فقرة: {كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} في ما توحي به كلمة الصلاح من معانٍ روحيّةٍ تلتقي بالصفاء والوداعة والربّانية في القول وفي العمل، والزهد في مواجهة شهوات الدنيا.. وفي النموذج الثالث: {وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} لما يحتويه البلاء من اختبارٍ للطاقة الروحية، وفي ما ينتهي إليه من انتصارٍ على تحدياته ومشاكله، وفي ما ينطلق معه من مواقف وتطلعات، ما يعطي معنى الفضل على الجوّ الذي يحيط بهم، والتفضيل على الناس الذين يعيشون معهم..

وعلى ضوء هذا، يمكننا أن نقرر أن المراد بالعالمين هنا، هم الناس الذين يعاصرونهم، وليس تفضيلهم على جميع الناس ممن تقدمهم أو تأخر عنهم، لأن ذلك يستلزم أن يكونوا أفضل من جميع الأنبياء، حتى أولي العزم، وهذا مما لم يلتزم به أحدٌ، أمّا احتمال أن تكون الفقرة راجعة إلى جميع الأنبياء، فهو خلاف ظاهر التنويع الذي ألمحنا إليه في كل آية مع كل نموذج تعرضت إليه الآيات، والله العالم.

* * *

كيف نفهم التنويع في نماذج الأنبياء؟

وقد يقول قائل: إن الالتزام بهذا التنويع في نماذج الأنبياء قد يعني التوزيع في مقومات الشخصية لدى الأنبياء بين زاهدٍ لا يملك السلطة، وسلطانٍ لا يعيش الزهد، ومبتلٍ لا يحمل المسؤولية، وهذا ما قد لا ينسجم مع طبيعة الرسالة التي يحملها كل واحد منهم من أجل تغيير المجتمع في الواقع الأخلاقي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي على هدى الله في ما يأمر به أو ينهى عنه، ما يفرض أن لا يترك الرسول أيّ فراغٍ في حياة الناس، لئلا تبقى النظرات المختلفة بمثابة نقاط ضعفٍ في حركة الإنسان في الحياة، ولذلك فإن من المفروض أن تكون مهمة الرسول شاملةً، ما يفرض أن تكون شخصيته متكاملةً في طبيعتها وأخلاقيتها ودورها العملي.

ويجاب عن ذلك، بأن إبراز دور معيّن في شخصية هذا النبي أو ذاك، لا يعني تحديد هذه الشخصية، بل كل ما يعنيه هو تميّز المرحلة التي يعيشها بهذا الدور لحاجتها الواقعية إليه.. وبذلك فلا مانع من اشتراكهم في مستوى حمل المسؤولية أمام الله تجاه الناس، وفي الصفات الذاتية التي تمثّل العمق الروحيّ في طبيعة الشخصية، وفي الحركة العملية في الدعوة إلى الله وفي الجهاد في سبيله.

إن التنوّع في الخصوصيات الذاتية تابع لتنوع الأدوار والظروف التي يعيشها الإنسان في ساحة الواقع، وهذا مما يمكن أن نستفيده في مجال حركة العاملين في سبيل الله، فقد يعيش البعض منهم في منطقةٍ تفرض عليهم ظروفها أن يدخلوا في إطار عمليّ قويٍّ يمارسون فيه السلطة والحاكميّة، لأن قضية التحديات تفرض المواجهة على هذا المستوى، وقد يعيش البعض منهم في منطقةٍ أخرى تفرض عليهم ظروفها أن يعيشوا الزهد في المظهر والانقطاع عن الدنيا في حركة الحياة، لأن هذا هو السبيل الموحي بالروحية الصافية التي تحرّك المشاعر، وتثير الأفكار، وتحقّق الثقة، وتوصله إلى الهدف الكبير في إيصال الرسالة إلى أفكار الناس ومشاعرهم..

وقد تفرض عليهم الظروف أن يعيشوا المشاكل والتحديات وصنوف البلاء والحياة الصعبة، ليدلّلوا على إمكانية الثبات أمام صعوبات الحياة، وعلى واقعية الرسالة أمام تحديات الكفر والانحراف.

وهكذا تكون قضية التنوع مرتبطة بالجانب البارز من شخصية كلٍّ منهم، مع توفر العناصر الآخرى في شخصية كل منهم.

* * *

ذلك هدى الله يهدي به من يشاء

وإذا كان الله قد أعطى هؤلاء الأنبياء الهداية، فقد منحها للمحيط الذي عاشوا فيه، والبيئة التي انتموا إليها، من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم الذين عاشو الخط الإلهي فكراً وأسلوباً وعملاً، ما أدّى إلى نموّ الأجيال داخل هذه المجتمعات نُموّاً طبيعيّاً، فيجتبيها الله بما عرفه من هداها الذي سارت عليه، وطريقها المستقيم الذي عاشت فيه..

وهذا هو الخط الواحد الذي يتميز بطبيعة الوحدانية في العقيدة والعمل، مع كل ما تفرضه من مفاهيم ومسؤولياتٍ وعلاقاتٍ، {ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ}، من خلال الوسائل التي هيّأها لهم ليجرّبوا ويختبروا، بعيداً عن الإكراه والجبر والقهر.. فإن الله لا يهدي عباده بطريقةٍ قسريّةٍ، كما لا يضلّهم كذلك، بل يحقق لهم كل ذلك، بالأسباب الاختياريّة التي توصل إلى الهدى، فتؤدي بهم إلى رضى الله عليهم وقبوله لعملهم..

{وَلَوْ أَشْرَكُواْ} أمّا إذا تمرّدوا على هدى الله، وانحرفوا عن خطّ التوحيد، وأشركوا به ما لم ينزّل به سلطاناً، {لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فإن الله سيحبط كل أعمالهم ويحوّلها إلى رمادٍ اشتدت به الريح في يومٍ عاصفٍ، لا فرق في ذلك بين إنسانٍ وآخر.. فلا امتيازات ولا طبقيّة، فيمن يرضى عنه الله، أو يغضب عليه، بل الأمر كله خاضعٌ للقاعدة الوحيدة، وهي العمل في طريق الخير، أو العمل في طريق الشرّ، فهي القاعدة التي ترفع الأنبياء والأوصياء والأولياء، وهي القاعدة التي تضع الشياطين والكافرين والأشقياء.

* * *

الأنبياء يحكمون الحياة

ثم يعود بنا إلى الأنبياء {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} الذي يبين للناس خط الحياة الفكري والعملي {وَالْحُكْمَ} والحكم الذي يمثل الميزان الفاصل بين الحق والباطل والخير والشر، ليقوم الناس بالقسط {وَالنُّبُوَّةَ}.. وبذلك لا تكون مسؤولية الأنبياء هي التبليغ والإنذار فقط، وإنما تمتد إلى التطبيق والتنفيذ، بل هناك دور آخر، وهو الحكم بين الناس في ما يختلفون فيه، وفي ما يتنازعون عليه، ويتحركون فيه من شؤونٍ وشجون.

وليس الكتاب الذي آتاهم إياه شأناً ذاتياً ينطلقون فيه من خبرةٍ ذاتيةٍ وثقافةٍ شخصية، بل هو ممتدٌ من خط النبوّة التي آتاهم الله إيّاها، فيما أوحى به إليهم من آياته وشرائعه وإحكامه.

وهكذا يلتقي في شخصية النبيّ الذي اختاره الله، دور النبيّ الذي يحمل الكتاب وحياً من الله، ويعيش النبوّة رسالةً في حركة الحياة من حوله، لما يفرضه ذلك الدور من وصل بين عالمي الحس والغيب في حياة الإنسان، إضافةً إلى ذلك دور الحاكم الذي يحرّك الرسالة في الواقع التنفيذي الذي تلتقي فيه النظرية بالتطبيق، في ما أراده الله للإنسان من القيام بالقسط في مجالات حياته العامة والخاصة، فكان الكتاب هو الذي يخطط شرعة العدل، وينظّم ركائزه وقواعده، وكان النبيّ هو الذي يطبّق وينفّذ ويحكم، ليتحول الخط إلى حركة حياة، وبرنامج عمل، وخط سير.

وفي ضوء ذلك، نعرف أنَّ الحكم لا ينفصل عن دور النبوّة، كما يخيّل للبعض الذي يحاول أن يثير في الفكر الإسلامي قضيَّة الفصل بين الرسالة والحكم، ليوحي بأنّ دور الأنبياء هو الإبلاغ والإنذار والتبشير والتذكير، لا دور التنفيذ والتطبيق والضغط، بل ربما نستوحي من المهمة النبويّة أنها تقود عملية التغيير بالفكر والممارسة والحركة، ولا تكتفي بالإيحاء الفكري بذلك، لأن الأنبياء في وعيهم للخطّة الفكرية أو التشريعية، هم من يعرف خطة التطبيق، فهم أولى الناس بهذا الدور في ما يراد له من حفظ سلامة الخط ووضوح الرؤية.

وإذا كان بعض الأنبياء لم يبلغوا هدفهم في تغيير الواقع على أساس قضية الحكم الشامل، فليس ذلك من جهة أنَّ الهدف لا يلتقي بمواقع الحكم، بل لأنّ الظروف الموضوعية المحيطة بهم لم تحقّق لهم الوصول إلى النتائج المرجوّة، لأنّ أدوات التغيير لم تستكمل عملية الإعداد والتنفيذ، أو لأنّ الساحة العملية لم تحفل بالامتداد الذي يعطي للحكم سعة الأفق وامتداد التجربة، لأن القضايا التي تتحرك في حياة الناس، والمشاكل التي تتحدى أوضاعهم، كانت تنطلق من مواقع محدّدة، ومشاكل ضيّقةٍ، لا مجال معها لبروز الحكم في صورته الواسعة، بما قد يوحي للآخرين بأن الحكم لا يمثّل هدف المسيرة النبويّة..

* * *

سيرة الإيمان لا تتوقف بكفر الكافرين بها

وهذه هي المسيرة التي أراد الله للناس أن يسيروا معها ويؤمنوا برسالتها، وينطلقوا مع أهدافها على أساس ما قدّمه لهم الأنبياء من بيّنات وبراهين {فإن يكفر بها هؤلاء} المشركون ويتمرّدوا عليها، فإن المسيرة لن تتوقف، والرسالة لن تموت، لأن قضية حياة الرسالة ليست قضية فئةٍ، تتحرك بحياتها وتموت بموتها، بل هي قضية انفتاح القلوب على إشراقة الإيمان في داخلها، في كل جيل وفي كل مكان، ما يحقق للإيمان الانتصار في هذا الجيل أو ذاك، أو في هذه المرحلة أو تلك.. ويكفل لمسيرة الإسلام أن تتقدم. وهذا ما عبر عنه الله سبحانه بقوله: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ}.

ووقف المفسرون أمام هذه الفقرة ليحدّدوا شخصية هؤلاء الذين وكَّلهم الله بالرسالة، واختلفوا حول هذا الأمر. ونحن لا نظن بأن الآية واردةٌ في مجال الإشارة إلى أشخاص معينين، أو فريقٍ معين، بل هي واردة في مجال الحديث عن عدم سقوط الرسالة، وانتهاء المسيرة بكفر الكافرين من هؤلاء، لأن الله يرسل من عباده أناساً يؤمنون بها ويحملون شعاراتها، ولا يكفرون بمبادئها، وهم الذين انطلقوا مع الرسالة في كل مراحلها في حركة الحياة. وربما انطلق الكثير مما حدّدوه، من موقع الحدس والتخمين، لا من موقع الرواية واليقين.

وتنطلق خاتمة الفصل بالآية التي تدعو النبي إلى أن يقتدي بهذا الهدى الذي أرشد الله إليه هؤلاء الأنبياء، فيهتدي به، على أساس أنه هدى الله الذي تتحرك به الحياة فتحتوي كل مراحلها في خطّةٍ موحّدة لا سبيل معها للانحراف أو التبديل، لأنه يمثّل الحلّ الرسالي لمشكلة الإنسان، بعيداً عن الخصوصيّات، ولذلك كانت التغييرات والتبديلات في شرائع الأنبياء لا تمس المبادىء العامة، بل تتعرض للتفاصيل التي لا تمثل إلا اختلافاً في التطبيقات والهوامش والشكليات، وهذا هو قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.

وفي ضوء ذلك، كانت الرسالة الإسلامية تؤكد في دعوتها إلى الإيمان، على الإيمان بما أنزل إلى الرسول محمد(ص) وإلى الأنبياء الذين سبقوه، انطلاقاً من وحدة الرسل في وحدة الرسالة.

* * *

الأنبياء: رسالات متواصلة

قد نستوحي من هذه الآية، أن الله لا يريد لرسله وللعاملين في سبيله أن يتحركوا في دعواتهم من منطلق ذاتيٍّ يؤكد على الجانب الشخصيّ الذي يستدعي انطلاق كل واحدٍ منهم من نقطة البداية بعيداً عن خطوات الآخرين الذين سبقوه، لأنه لا يريد أن يوحي بالفكرة التي تقول إنه بدأ من حيث انتهى الآخرون، أو أنه يسير على الهدى الذي ساروا عليه، لأن ذلك يُنقص من شخصيته التي تبحث عن الاستقلال الذاتي، في ما تطرحه من قضايا، أو تدعو إليه من دعوات، وإن اتفقت مع ما يطرحه الآخرون أو مع ما يدعون إليه، بل يريد لهم أن يتحركوا من منطلق الرسالة، فهي القاعدة، والمسار، والهدف، وهي التي تعطي للشخصيات معنًى وقيمةً وامتيازاً، وهي التي ترتقي بهم إلى الدرجات العليا، وليسوا هم الذين يرتقون بها.

وعلى هذا الأساس، فإنّ النبيَّ لا يعيش همَّ الذات في حركته، بل يعيش همّ الرسالة في منطلقاته، ما يجعل من موقعه في حركة الرسالة موقعاً يكمل السلسلة في خطواتها، لا موقعاً يعطي الذات دوراً مميّزاً منفصلاً عن الأدوار الآخرى. وهذا ما جعل عيسى(ع) يقول ـ في ما روي عنه ـ جئت لأكمل الناموس، وما دعا محمّداً(ص) أن يقول: "إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"، انطلاقاً من الهدى الذي جاء به الأنبياء في مكارم الأخلاق[2]، وجاء به في رسالته التي تكمّل خط السير.

وربما كان لنا أن نستوحي من ذلك، أن الله يريد أن يعلمنا أن لا نستغرق في الأنبياء كأشخاص، بل أن نستغرق فيهم كخطّ وكهدى وكرسالة.. وأن لا نقول إن هذا النبي أفضل من ذاك، ليكون ذلك مبعث خصام وخلافٍ وانقسام فيما بيننا، لأنهم لم يعيشوا في حياتهم هذا الهاجس، ولم يتحركوا من أجل تأكيده، وإن كان الله قد فضَّل بعضهم على بعض، لكن ذلك لا يباعد بين خطواتهم، بل كل ما هناك هو السير على الخط الذي ساروا عليه، في اتجاه الهدف الأسمى، لأن الله هو الذي يفاضل بينهم في الدرجات، بعد أن فاضل بينهم في مسؤوليات الحياة، وليس لنا في ذلك دخلٌ من قريب أو من بعيد، فلنقف حيث يريد الله لنا أن نقف، ولنوفِّر على أنفسنا جهد البحث في ما لا سبيل لنا للإحاطة به، ولا فائدة لنا في الوقوف عنده، ولندَّخر تفكيرنا لما أرادنا الله أن نخوض في معرفته، وللجهاد في سبيله، من خلال قيادة الرسول فكراً وحركة وعملاً.

* * *

الأنبياء لا يسألون الناس أجراً

وماذا بعد ذلك؟ إن هدى الله الذي سار عليه الأنبياء كان يقدّم نفسه إلى الناس منحةً وعطيّةً من دون أجر، بكل محبةٍ وإخلاصٍ، لأن الله أراد للحقيقة أن تعيش في حياة الناس كالنور والماء والهواء، لينفتحوا عليها، بكل بساطةٍ وعفويّةٍ، لتلامس أرواحهم وأفكارهم ومشاعرهم من دون حواجز أو عقباتٍ، لأن الإنسان الذي يشعر بأنه يدفع الأجر لمن يدعوه إلى اتباع ما يحمله من رسالة، قد يعيش الشعور السلبي بالمعنى التجاري للرسالة، في ما تعنيه قضية التجارة من معنى السلعة للمعوّض ومعنى الثمن للعوض، ومعنى التاجر لمن يقدّم السلعة، ودور المشتري لمن يدفع الثمن، ثم قد تقف مثل هذه العملية التجاريّة حجر عثرة في حركة الرسالة، في خضوع قضية الانتماء إليها والإيمان بها، لقوانين العرض والطلب والانفراج أو الانكماش الاقتصادي، في ما تعيشه حياة الناس من أزمات أو انفراجاتٍ.

إن الله يريد للرسالة أن تدخل في وعي الناس، من خلال روحيّة الرسول الذي يعيش العطاء بدون مقابل ليعيش الناس الإحساس بأنها حقّهم كما هي مسؤوليتهم، ولذلك فلن يكون الأجر منهم هو ما يستهدفه الرسول، بل الإيمان الذي يحقق له محبة الله ورضاه، ولن تكون قدرتهم على دفع الأجر هي التي تفتح لهم باب الإيمان، وتدفع الرسول إلى أن يقدم إليهم آياته وبراهينه، بل قدرتهم على الاستماع والتفكير والحوار والاستعداد للسير في خط الهدى المستقيم.

وهذا ما جعل شعار الأنبياء كلهم أمام أممهم {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} لأنهم لا يملكون شيئاً مما يقدمونه للناس، بل هو ملك الناس الذي وهبه الله لهم، كما وهب لهم الحياة، والذي أراد لهم من خلاله أن يخرجوا من غفلتهم ويتذكروا دائماً كيف يحركون حياتهم في اتجاه الله، حيث الحق والخير والعدل والإيمان، فلا حقّ للنبي بالأجر، في ما أعطاه الله، {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}.

إن هذه الروحيّة التي عاشها أنبياء الله، هي روحية الرسالة التي تحمل همّ الناس في وعيهم للحقيقة، وفي انفتاحهم على الحياة، وفي إخلاصهم لله، ما يدفعها إلى أن تحطّم الحواجز في سبيل ذلك، وأن تدفع الثمن من جهدها وحياتها، بعيداً عن كل ما يوحي بالعوض، أو يثير قضية الأجر.

وهذا ما نحتاجه في سلوك العاملين من أجل الرسالة، ليعيشوا رساليّة العمل، ولا يغرقوا في تفصيلات المهنة، فإذا واجهتهم المشاكل بالتحديات، وقفوا أمامها بوعي الرسالة، وقوة الإيمان، وإذا أثقلتهم المسؤوليات، عاشوا مع الله، فوهبهم منه القوّة التي تخفِّف عنهم ما يحسونه من ثقل، فيشعرون كما لو كانوا يطيرون في خفة النسيم وزهو الشعاع المتدفق من ينابيع الشروق. فهم مع الله ـ دائماً ـ على موعد، كلما كان لهم موعد مع الناس في حركة الرسالة، لأن ذلك ما يوحي إليهم بالروحيّة الفيّاضة بالرحمة والمحبة والحنان. وبذلك كان لهم هذا الامتداد في حياة الناس، من خلال امتدادهم الروحي في حجم الرسالة، ليعيش ذلك كله تاريخاً وإيماناً يتحرك للحياة ليركزها على قاعدةٍ جديدةٍ من الاهتمام بأمور الناس والتفاعل مع قضاياهم ومشاكلهم، في وعيٍ يبعد الذات عن الساحة، لتبقى الساحة للرسالة في كل المجالات.

* * *

إشكالية نسب ابن البنت إلى الجدّ

وهنا مسألة أثارها المفسرون في استيحاء قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} حيث ذكر عيسى(ع) من ذرّية إبراهيم(ع)، مما يدل على أن ابن البنت هو من ذرّية الجدّ، فلا ينحصر النسب بالقرابة الحاصلة من جهة الأب. وقد انطلق التدقيق في هذه المسألة من خلال الجدل الذي دار حول انتساب الحسن والحسين(ع) إلى رسول الله(ص)، باعتبار أنهما ابنا ابنته فاطمة(ع).

فقد جاء في تفسير العياشي عن أبي حرب عن أبي الأسود قال: "أرسل الحجّاج إلى يحيى بن يعمر قال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي تجدونه في كتاب الله، وقد قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجده. قال: أليس تقرأ سورة الأنعام؟ {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} حتى بلغ {وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّـلِحِينَ } قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم؟ قال: نعم قرأت"[3].

وفي الدر المنثور: أخرج أبو الشيخ، والحاكم، والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال: "دخل يحيى بن يعمر على الحجاج، فذكر الحسين، فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي(ص)، فقال يحيي: كذبت. فقال: لتأتيني على ما قلت ببيّنة، فتلا: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} فأخبر تعالى أن عيسى من ذرية إبراهيم بأمه. قال: صدقت[4].

وقد انطلق القرآن في قضية النسب في القرابة من خلال الواقع التكويني الذي يشد الوالد إلى من تولد منه بالواسطة أو بشكل مباشر، وهذا ما نلاحظه في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ} [النساء:11] وقال: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوالِدَنِ وَالاَْقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوالِدَنِ وَالاَْقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} [النساء:7] وقال في آية المحارم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلى قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء:24] ومن المعروف أن بنت البنت ترث في غياب البنت تماماً كما هو ولد الولد، وأن بنت البنت محرمة على الجد بلحاظ شمول كلمة البنت لها.

وقد جاء الحديث عن أبي جعفر ـ محمد الباقر(ع) ـ مما رواه في الكافي بإسناده عن عبد الصمد بن بشير عن أبي الجارود قال: قال لي أبو جعفر(ع): يا أبا الجارود، ما يقولون لكم في الحسن والحسين(ع)؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله(ص) قال: فأيّ شيء احتججتم عليهم؟ قلت:احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى بن مريم(ع): {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح(ع) .

قال: فأي شيء قالوا لكم؟ قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب، قال: فأيّ شيء احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله(ص): {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} [آل عمران:61] قال: فأيّ شيء قالوا؟ قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول: أبناؤنا، قال: فقال أبو جعفر(ع) يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله(ص) لا يردها إلا الكافر، قلت: وأين ذلك جعلت فداك؟ قال: من حيث قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك وتعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَآئِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحلّ لرسول الله(ص) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا نعم، كذبوا وفجروا، وإن قالوا لا فهما أبناه لصلبه[5].

ـــــــــــــ

(1) مفردات الراغب، ص:105.

(2) البحار، م:6، ج:16، ص:408، باب:9.

(3) تفسير الميزان، ج:7، ص:270 ـ 271.

(4) الدر المنثور، ج:3، ص:311.

(5) الكافي، ج:8، ص:317، باب:8، رواية:501.