تفسير القرآن
الأنعام / من الآية 114 إلى الآية 117

 من الآية 114 الى الآية 117
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيــات

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(114ـ117).

* * *

معاني المفردات

{الْمُمْتَرِينَ}: المترددين الشاكين.

{لاَّ مُبَدِّلِ}: التبديل: وضع الشيء مكان غيره.

{صِدْقاً}: الصدق: الخبر الذي مخبره على وفق ما أخبر به.

{وَعَدْلاً}: العدل: ضد الجور، وقيل: إن أفعال الله تعالى كلها عدل لأنها ـ كلها ـ على الاستقامة، وقيل: إنما يوصف بذلك في ما يعامل به عباده.

{أَكْثَرَ}: جاء في المجمع: الفرق بين الأكثر والأعظم أن الأعظم قد يوصف به واحد ولا يوصف بالأكثر واحد بحال، ولهذا يقال في صفة الله تعالى: عظيم وأعظم ولا يوصف بأكثر، وإنما يقال: أكبر، بمعنى أعظم[1].

{يَخْرُصُونَ}: يكذبون في ما يقولون ظنّاً وتخميناً من دون علم ولا يقين. وأصل الخرص: الحزر والتخمين، والخرص على الكذب. قال الراغب: وحقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظنّ وتخمين يقال: خَرْص، سواء كان مطابقاً للشيء أو مخالفاً، من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع، بل اعتمد فيه على الظنّ والتخمين[2].

* * *

نداء الرسول(ص) التوحيدي

ويستنطق القرآن رسول الله، فيصوّره لنا في موقفه الرسالي الذي يوحي للناس بالموقف الحاسم الرافض لكل الأشخاص والرموز الذين اعتادوا أن يتحاكموا إليهم عندما يختلفون ويتنازعون ويتطلبون القول الفصل والحكم العدل الذي يخضع له الجميع، فليس لأيّ واحد منهم حق الحاكمية، وليس لأحد منهم أن يتخذ حكماً في أي أمر، لأنهم لا يملكون الصلاحية في ذلك، فهم مخلوقون لله، خاضعون له، محدودون في رؤيتهم وخبرتهم بالقضايا والأشياء..

وهنا يقف رسول الله(ص) ليوجّه النداء إلى الكون كله، ويعلن موقفه التوحيديّ الذي لا يعتبر التوحيد مجرد اعتقادٍ ساذجٍ بوحدانية الله، في مواجهة الذين يشركون بالله غيره، لتبقى مجرد فكرةٍ في عقل الإنسان، تماماً كما هي الأفكار العلمية التي تملأه بالنظريات، ولا تقترب من الجانب العملي المتحرك، بل يعتبر التوحيد منهجاً للحياة يبدأ من خط العقيدة، لينتهي إلى آخر موقف من مواقف الإنسان الصغيرة والكبيرة، فلكل كلمةٍ من كلماته خط توحيد وخط شرك، ولكل عمل من أعماله علاقةٌ بالشرك وبالتوحيد، حتى النوايا التي ينويها، والدوافع التي تدفعه، لها علاقة بذلك كله.

وفي ضوء ذلك، كانت الحاكمية التي تمثل القوة التي يخضع لها الناس، ويسلّمون أمرهم إليها، مظهراً من مظاهر التوحيد والشرك، حسب اختلاف الرمز والشخص الذي يتحاكمون إليه.

ويطلق رسول الله صيحة الاستنكار لكلّ رموز الشرك، ليؤكّد موقفه التوحيدي لله تعالى، وليردّ كل أمر مهما كان، إليه تعالى، كسنة تقود العالم وتهديهم في مسيرة حياتهم كلها، ومن خلال هذا كله، يطرح الحاكمية التي تعتبر القاعدة التي يرتكز عليها التوحيد لأنها السر العميق في روحيّة الاستسلام لله، لأنها تعني أنّ الإنسان لا يستقل بأيّ فكرٍ أو حركةٍ أو عملٍ أو انتماءٍ، بل يرجع ذلك كله إلى الله، فهو الحكم في كل شيء.

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً} وماذا يمثل غير الله، مهما كان نوعه، من قوّة؟ فالله هو القادر والقاهر والحكيم والخبير والخالق والعليم والمنعم، فكيف أجعل غيره هو الحاكم في أيّ شيء، وماذا يملك غيره؟! وليست هذه الكلمة كلمة رسول الله فقط، إنه لم يقلها ليعبّر عن موقفه الذاتي، بل ليعبر عن موقف الرسالة في موقفه، فهي لكل إنسانٍ مؤمن يريد أن يواجه قضايا الحياة، ليقولها بقوّة، أمام كل الذين يريدون أن ينحرفوا به عن الطريق الحق.

إن آيات الله هي أساس الفكر الذي أحمله، والعقيدة التي أعتنقها، والمفاهيم التي أؤمن بها، لا أمر لي مع أمره، ولا حكم مع حكمه، بل له الأمر كله، والحكم كله، ولكن كيف تكون حاكمية الله في الحياة؟ هل تُطرح كشعارٍ يتلاقفه الطامحون، ليعطوا لأنفسهم صلاحية الحكم باسم الله كممثلين له على الأرض في ما يقولون ويدّعون ويخترعون من أفكار، وفي ما يصدرون من أوامر ونواهٍ.. كما يحدث في كثيرٍ من أدوار التاريخ؟ أم هل تواجه كل حلٍّ واقعيّ للمشاكل الحياتية عندما يتقاتل الناس أو يتخاصمون «بكلمة» لا حكم إلا لله»، لتمنع أيّ نوع من أنواع التحكيم بينهم، لأنهم يعتبرون حكم الله شيئاً معلقاً في الهواء، أو في الفراغ، فلا حقَّ لأحد أن يجتهد في تطبيقه أو تحريكه في حياة الناس؟

وتأتي الفقرة الثانية من الآية بالجواب: { وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} فلم يترك المسألة فوضى يتلاقفها كل إنسان من خلال مطامحه وأحلامه، ولم يبعدها عن متناول الإنسان لتبقى معلّقةً في الفضاء، بعيدةً عن متناول يده، بل أنزل الكتاب مفصلاً، يحدّد فيه كل صغيرة وكبيرة، ويوضح فيه الأسس التي تتحرك من خلالها القضايا، وترتكز عليها الأمور، في ما نريد أن نعرفه ونلتقي فيه من شؤون الحياة.

ووزان هذه الفقرة من الآية وزان قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيء} [الأنعام:38] وهنا يتحوّل الأسلوب القرآني إلى الحديث عن هذه الحقيقة، من خلال الذات الإلهية، بأسلوب المتكلّم، ليؤكد لنا أن الله لم يفرّط في شيءٍ، بل جاء به مفصّلاً شاملاً لكل ما يحتاجه الناس، فلا مجال للرجوع إلى غيره في أيّة قضية مما يختلف عليها الناس، فبإمكانهم أن يرجعوا إليه ليحدّد لهم الأشخاص الذين يمثلون خطَّه ورسالته ليحكموا فيما بينهم بما أراد الله، وليبيّن لهم القواعد التي يرجعون إليها في تحديد تفاصيل الحياة.. وهكذا يقف الناس مع حاكمية الله في حاكمية رسله وأوليائه، وفي حاكمية دينه وشريعته التي أنزلها الله على رسله.

{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} لأنهم يعرفون دلائله الواضحة، فيما لديهم من الكتاب الذي أنزله على موسى وعيسى، وفي ما بشّر به من نبوّة محمّد(ص)، لكنهم يظهرون الإنكار والشكّ والريبة، حسداً وحقداً وعداوةً {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} أي: من المرتابين الشاكّين، لأن القضية واضحةٌ في وجدانك من خلال نور الحقيقة الذي ألقاه الله في قلبك، ومن خلال ما ألقاه الله إلى رسله وأنبيائه من قبلك.

* * *

لا مبدّل لكلمات الله

{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} ما هي كلمة الله؟ فقد تحدث القرآن عن الكلمة بأكثر من أسلوب، حتى أنه أطلقها على عيسى(ع). الظاهر أن المراد بها، هنا، الإسلام الذي أنزله الله على الرسول مفصّلاً، ولم يفرّط في الكتاب من شيء، في ما يحتاجه الناس في أمورهم الخاصة والعامة، {صِدْقاً}، في ما يمثله من الحقيقة التي لا يقترب إليها الباطل، فهي الصورة الحية التي تتطابق مع خط الحق، فلا شيء إلا الصدق، الصدق في الكلمة، وفي الجوّ، وفي الموقف، وفي حركة الحياة، وفي ما يريد أن يبنيه من شخصية الإنسان الذي يصنعه على أساس الصدق، في نطاق الفرد والمجتمع، في المشاعر والكلمات والمواقف، في الصدق مع النفس، ومع الله، ومع الناس، ومع الحياة، وبذلك يكون الإنسان الذي يجسّد الصدق في كل حياته كلمة الله، لأن الله هو الحق، فكل ما يمثِّل الحق هو كلمته وإرادته، ويكون التشريع والفكر والجوّ الذي ينسجم مع خط الصدق كلمة الله، لأن الله هو الحق. وهكذا تمت كلمة ربك صدقاً لأن الصدق يحيط بها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها، وفي عمقها وامتدادها.

{وَعَدْلاً} في ما تمثله من التوازن بين خط الدنيا وخط الآخرة، وبين جانب المادة وجانب الروح، ومن التوازن بين شخصية الملاك وشخصية البشر في الإنسان، وفي الشخصية الفردية والشخصية الاجتماعية له، وفي المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، وهكذا يتحرّك في حقوق الناس في ما يختلفون فيه ويتفقون عليه، في حياتهم الداخلية والخارجية، حتى يشمل التوازن.. وهكذا رأينا القرآن في أكثر من آية يؤكد على العدل في الكلمة والشهادة والحكم والمعاملة وفي الحياة الزوجية، وفي الصلح بين الناس، وفي الحرب والسلم وفي كل شيء، حتى اعتبر القيام بالقسط ـ أي العدل ـ هدف كل الرسالات وكل الرسل.

{لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} إن التبديل إنما يعرض للأشياء التي تخضع للحدود الزمنية أو المكانية أو تنطلق من الظروف المحدودة أو الخبرة القصيرة النظر، وتلك هي صفة القرارات والكلمات الصادرة عن الإنسان، الذي لا يملك النظرة المطلقة البعيدة المدى، التي لا تتجمد في الحدود الضيّقة، أمّا الأشياء التي تتحرك من قلب الحقيقة، في ما تنطلق فيه المصلحة الممتدة المطلقة للإنسان، بعيداً عن كل خصوصياته الزمانية والمكانية والعرقية والشخصية، فإنها لا يمكن أن تتبدل أو تتغيّر لأنها تمثل الحق الثابت الذي لا مجال فيه للاهتزاز وللتحوّل، وتلك هي صفة كلمات الله التامّة التي أراد الله للحياة وللإنسان أن يسيرا عليها من خلال المصلحة الثابتة الممتدة الدائمة ما بقي للحياة حركة، وما بقي للإنسان وجود.

{وَهُوَ السَّمِيعُ} الذي يسمع كل شيء، حتى السر وأخفى، ويسمع وساوس الصدور، ولا يصمّ سمعه صوت {الْعَلِيمُ} الذي يعلم مفاتيح الغيب،َ {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام:59] ويعلم ما يفسد الناس وما يصلحهم، وما ينفعهم وما يضرّهم، فإذا كان الله سميعاً عليماً، فإنه يركز كلماته، كل كلماته، على أساس علمه بواقع الأشياء وبمصلحة عباده من جميع الجهات، فأين يكون موقع التغيير والتبديل من هذا كله؟

* * *

موقفنا من الدعوة إلى تطوير الإسلام

ومن خلال هذه الآية الكريمة، نعرف كيف يكون موقفنا من الدعوات التي تتحدث عن تطوير الإسلام وتبديله وتغييره، على حسب التطور في الفكر والعلم وأساليب الحياة وطبيعة العلاقات الإنسانية، فقد كان الإسلام وليد مرحلةٍ زمنيةٍ معينةٍ، تختلف حاجاتها عن حاجاتنا، وطريقة التفكير فيها عن طريقتنا، وكان التشريع فيها خاضعاً لتلك الحاجات، وكانت أساليب التفكير لديه منطلقةً من تلك الطريقة، فلا بد لنا من أن ننفض عنه غبار السنين ونأخذ أهدافه ونطوّر وسائله ونستوحيه في ما نتحرك فيه ولا نتجمد أمام حروفه، فقد تحوّل الإسلام عندنا من فكرٍ تفصيليّ إلى فكر عامٍ، ومن شريعةٍ شاملةٍ إلى شريعة موحية. وهكذا يشعر الإنسان بأن الدين ليس قيداً يقيّد خطواته في طريق التقدم، بل هو حركةٌ منطلقةٌ شاملة توحي له بأن يأخذ حريته في نطاق الوحي، الذي لا تزيد مهمته عن الإيحاء ولا تفرض عليه شيئاً غير ذلك.

هكذا يقولون، وهو كلام جميل يداعب أحلام الحرّية في الإنسان، ولكن الحقيقة أجمل وأوثق، وهي أن الإسلام ليس حكايةً من حكايات التاريخ، ليقف في موقعه محدداً لنا نقطة الانطلاق، ثم يغيب في الضباب، ولكنه وحي الله، هكذا يعتقد المسلمون الذين يؤمنون بالإسلام، الدين، الوحي، القرآن، النبوّة، اليوم الآخر، التي تتحرك من خلال إرادة الله. وهو الدين الذي لم يفسح المجال لدين بعده، ولم يترك لنبي، غير محمد(ص) مجالاً ليحمل الرسالة ويركّز الشريعة، وإذا كان الإسلام هو وحي الله الأخير بكلماته وأحكامه ومفاهيمه التي لا تتبدل، فهل يكون التبديل إلا تمرّداً على ذلك كله، وهروباً من حركة الوحي في حياة الإنسان؟!

ثم ما معنى خضوع الإسلام لحركة التطوّر؟ هل معناه أن يخضع الإسلام للأفكار التي فرضت نفسها على واقع الحياة من خلال القوّة، أو من خلال ظروفٍ معيّنةٍ ضاغطة؟ وكيف نلزم فكراً ما بأن يتغير لمصلحة فكرٍ آخر بعيداً عن قناعاته؟

إن القضية المطروحة في الساحة هي أن يتطور الإسلام على هدى الأفكار الآخرى التي يعيش معها حركة الصراع في المفاهيم، وفي التشريع، وفي أساليب العمل، ونحن نعرف أن ذلك غير واقعيّ، لأنه يمثل الهزيمة أمامها، لا الانسجام معها. إن معنى انطلاقة الإسلام مع الحياة هو أنه يستجيب لحاجاتها، فيضع لها التشريعات التي تمتد مع هذه الحاجات وتحتويها، ويلتقي مع مشاكلها، فيضع لها الحلول، على حسب مفاهيمه التي يراها صالحة لكل زمانٍ ومكانٍ..

وهل يمكن أن يضع الإسلام الفكرة ويترك التفاصيل المرتبطة بها تحت رحمة الأهواء والأفكار التي لا تلتقي معه في الجذور وفي التطلعات، ما يجعل من تلك الجزئيات صورةً مشوّهة عن المعاني الكلية، ومن تلك التفاصيل انحرافاً عن الخط الذي تنطلق فيه المعاني الكلية، لأنها تعيش في أجواء مختلفةٍ عن أجواء هذه المعاني؟!

إنّ الإسلام هو الذي يطوّر الحياة ويغيّرها ويحرّكها في اتجاه الخطوات والأهداف التي ترفع من مستواها ومستوى الإنسان فيها، فهو الذي يستجيب لحاجات التطور في ما يخطط من مناهج وأساليب للتفكير، ويدفع بالعلم خطواتٍ واسعةً إلى الأمام، ويهيب بالإنسان أن يندفع نحوه ويتعامل معه من موقع الحاجة الباحثة عن أسرار الكون الذي سخره الله له، ليعرف من خلال ذلك ربّه ونفسه وحركة حياته كلها. وبذلك فإننا لا نتنكر لكل خطوات العلم في تغيير الحياة، بل كل ما عندنا هو التحفّظ على التطور الذي يأتي من خلال سيطرة فكرٍ معيّنٍ أو اتجاهٍ معين يفرض نفسه على الواقع، لتخضع له كل الأفكار وتتضاءل أمامه، وتبدّل أوضاعها ومفاهيمها تبعاً له.

إن الإسلام فكرٌ كما هو الفكر، ولكنه الفكر الناشىء من الوحي، ولا يمكن للفكر أن يتطوّر إلا من خلال التنكّر لقواعده وجذوره. وهذا يعني أن يبتعد الإنسان عن الفكرة التي تقول إن الله هو مصدر الحقيقة في كل شيء، فلا يمكن للفكر الآتي من وحيه أن يكون فكراً محدوداً أو خاطئاً أو مهزوماً أمام أيّ فكرٍ آخر في أيّة مرحلة من مراحل الزمن. ولو كانت فكرة المرحلية واردةً في الحساب، لبيّنها الله لنا في كتابه، أو على لسان نبيّه، كما فعل ذلك في ما أوحى به من نسخ بعض الأحكام التي أنزلها الله، في نطاق المرحلة، لا في نطاق الحياة كلها.

* * *

دور الاجتهاد في فكرة تطوّر الإسلام

وقد يطرح بعض الناس حكاية الاجتهاد الذي فتح الإسلام كل أبوابه على مدى الزمن ولم يغلقه على نفسه، فهو الباب الذي يمكن أن ينفذ منه التبديل والتغيير والتطوير.

وبذلك يمكن أن يتطوّر الإسلام من داخل الخطّ الذي يسير عليه ويؤمن به، ولكن ما معنى الاجتهاد؟ إنه لا يعني الرأي الذي ينطلق من ثقافة الإنسان ومزاجه الخاص في ما يرتأيه من مصالح ومفاسد للحياة، ولا يعني التشريع المستقلّ الذي يتحرّك من التجارب المحدودة التي تفرض لهذه المرحلة تشريعاً يمكن أن نتجاوزه إلى تشريعٍ آخر في مرحلة أخرى، تماماً كما يفعل المشرّعون الذي يضعون القوانين في المجالس النيابية، في الدول الحاضرة القائمة على أساس أن التشريع للأمة من خلال ممثِّليها، بل إنه يعني الرأي المستمدَّ من القواعد الشرعية في فهم النصوص الدينيّة في الكتاب والسنّة، في ما يفهمه المجتهد منها، وفي ما يستوحيه مما ينسجم مع أجواء النص وإيحاءاته. فلا يمكن له أن يعطي رأياً في مقابل النص، أو يضع حكماً لم يرد به نص، ولم تفرضه قاعدةٌ فقهيةٌ مستمدة من الكتاب والسنّة، حتى العقل الذي اعتبره بعض المجتهدين دليلاً من أدلّة الأحكام، لا بد له من أن يتحرك في نطاق الأفكار القطعية التي لا يقترب إليها الشك في ما يستفيده من ملاكات الأحكام، فلا مكان للحكم العقلي الظني في ذلك من قريبٍ أو بعيدٍ.

إنّ الاجتهاد الإسلامي هو اجتهادٌ في فهم الإسلام، وليس اجتهاداً ذاتياً يستمد أفكاره من حركة الواقع، ولا مانع من أن يتغير الحكم الشرعي تبعاً لتغيّر الاجتهاد، ولكنّ تغيّر الاجتهاد لا يخضع للتغييرات الحاصلة من الخارج بل من خلال اكتشاف خطأٍ في الاجتهاد السابق أو خللٍ في فهم النصّ أو في تطبيقه، أو في قاعدةٍ شرعيّة لا يكون لها مجالٌ في هذا المورد أو ذاك، لأن قاعدةً شرعيةً أخرى هي الأولى في هذا الموضع أو ذاك.

وعلى ضوء ذلك، يبقى الاجتهاد متحركاً، في نطاق حدودٍ علميةٍ معيّنةٍ تحفظه عن الانحراف، وتصونه عن الزلل، وتحركه في اتجاه الاكتشاف الأمين للحكم الشرعي الذي أنزله الله في كتابه، أو أوحى به إلى نبيّه، فلا مجال لتطوير الإسلام من خلال الاجتهاد، بل كل ما هناك، أن نجتهد في دراسة مدى انسجام خطوات التطور مع خط الإسلام في التشريع، أو ابتعادها عنه، لنحدد موقفنا من ذلك، لأن حكم الله هو القاعدة للحياة، وليست القضية بالعكس.

* * *

الأكثرية لا تمثل خطّ الهدى

{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} هناك اتجاه يقول: إن الأكثرية تمثل الحقيقة، أو الفكر الأقرب إليها، وبذلك اعتُبرت أساساً للتنظيم في جميع المؤسسات التي تحتاج إلى وضع القوانين وإصدار القرارات عندما يختلف الأعضاء بين رأيٍ موافق ورأيٍ مخالف، فيكون رأي الأكثرية، ولو بزيادة واحد، هو الخطّ الفاصل بين الحق والباطل، سواءٌ في ذلك على مستوى الجمعيات أو الأحزاب أو الشركات أو الحكومات، أو على مستوى الأمة كلها، والاتجاه الديمقراطي يرتكز على هذه القاعدة.

ولكن القرآن لا يوافق على هذا الاتجاه، بل يعمل ـ بدلاً من ذلك ـ على الإيحاء للإنسان بأن الحقيقة هي في الجانب المقابل، أي عند الأقليّة، ولذلك كثرت الأحاديث في الآيات الكريمة عن ذلك: {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود:17]، أو {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف:187]، أو {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة:8] لأن الأكثرية ـ عادة ـ تمثل التيار الذي يحكم الحياة من جانبها السهل الذي يقف مع الرغبات الحسية وغير الحسية التي تنادي بها النفس الأمّارة بالسوء، أمَّا الأقليّة، فهم الذين يتعاملون مع الحياة من موقع المسؤولية الصعبة، ويمثلون الطليعة في كل مجتمع، ولهذا كانوا هم أتباع الدعوات الرسالية والثوريّة والإصلاحية، الذين حملوا الأعباء الكبيرة، وتحمّلوا الجهد العظيم، وعاشوا في مواكب الشهادة، بينما كانت الأكثرية في الجانب المقابل من الرسالة والثورة والإصلاح، تحارب الأنبياء والثائرين والمصلحين بمختلف ألوان الحرب، وتبعثر خطواتهم على أكثر من صعيد، حتى إذا تقدمت الرسالة والثورة والإصلاح وانتصرت، انطلقت الأكثرية لتسير مع الأجواء الجديدة، لتعمل على احتوائها وتوظيفها لمصلحتها، ولتسلك أساليب اللف والدوران وفنون الخداع والنفاق، ولتعود ـ من جديد ـ لتحارب الرسل والثائرين والمصلحين، من موقعٍ آخر، وبوسائل أخرى.. وهكذا تستمرّ الحياة في صراع الأكثرية السائرة مع التيار، مع الأقليّة المتحركة ضده.

إن القرآن لا يعتبر الكثرة العددية أساساً للنتائج الإيجابية على مستوى الحقيقة، لأن للحقيقة أساساً ينطلق من الوحي الإلهي من جهة، ومن الفكر الهادىء الموضوعي العميق من جهةٍ أخرى، ولن يكون للأرقام الكثيرة أيّ تأثير في هذا المجال، لأنها لا تستطيع أن تتقدم خطوةً واحدةً إلى الأمام، ما لم تنطلق من موقع فكرٍ ينضمّ إلى فكر، لتكون القضية قضيّة شورى يتداول فيها الناس الأفكار في جولة فكريّة تتحرك في خطّ الحوار، لتقدم ـ في نهاية المطاف ـ الرأي الأفضل، الذي لا يفرض نفسه على القيادة، بل يمنحها فرصة الاقتراب من الخط السليم، ولترى رأيها النهائي حول الموضوع سلباً أو إيجاباً.

إن الأرقام التي تتكاثر تبعاً لتكاثر الأطماع والشهوات والانفعالات، لا يمكن أن تمثّل حركة الإنسان نحو الحقيقة، لأنها تتعامل مع العاطفة التي تثير أمامه ضباباً كثيفاً يحجب عنه وضوح الرؤية للأشياء، ويبعده عن معرفة الساحة الحقيقية للشخص وللموقف وللمبادىء، إلا من خلال ما يريده أولئك الذين يحركون الأطماع والشهوات والانفعالات في لعبة الباطل المتعددة الأساليب والأشكال والألوان.

وفي ضوء ذلك، لا بدّ من التمييز بين الأكثرية الواعية المفكّرة المخلصة، والأكثرية الساذجة المنفعلة المزيّفة، ولا بد لنا ـ في نطاق ذلك ـ من تحديد المسألة التي تعيش فيها الأكثرية روح الشورى من أجل الوصول إلى الحقيقة، في مقابل الأكثرية التي تعيش روح التنافس والصراع من أجل الحصول على موقعٍ ما بعيداً عن قضية الحق والباطل في ساحة الصراع.

إن الإسلام يحدّد الدور القيادي الذي يعطي للحكم شرعيته، وللرأي لون الحقيقة، فقد تجد القيادة في الأكثرية سبيلاً إلى تحديد المصلحة في قضايا الناس الحياتية من سياسةٍ واجتماع واقتصاد، باعتبارها النموذج الأمثل للشورى، فتقرّره كأسلوب عمل في الساحة، وقد تجد في رأي الأقلية من أهل الخبرة والمعرفة والإخلاص الشكل الأفضل للنظام، فتسير عليه، وفي جميع تلك الحالات، تبقى شرعية الأكثرية هنا، والأقلية هناك، مرتبطةً بالهيكل التنظيمي الشرعي للقيادة الفردية أو الجماعية مما لا سبيل إلى بحثه الآن.

* * *

الداعية بين الأكثرية والأقلية

نعود إلى الآية، لنعيش معها في نطاق الجوّ العملي للداعية إلى الله، نبياً كان أو إماماً أو فقيهاً أو غير هؤلاء من أفراد الأمّة، فقد يعيش حالة ضعفٍ داخليٍّ وقلقٍ نفسي يجذبه إلى التيار الغالب في الأمّة، لأنه يمثل القوّة، في المال والجاه والرجال، ما يجعل من الانتماء إليه والارتباط به مصدر قوّةٍ في مقابل إحساسه بضعف هؤلاء البسطاء الطيبين الفقراء الذين لا يستطيعون أن يمنحوا الحماية لأنفسهم، فكيف يمكن أن يمنحوها للداعية؟!

ولكن الله يريد أن يفتح عيون الدعاة إليه، ليدرسوا الموضوع من نقطته الكبيرة، وهي أن للداعية إلى الله شخصيته الرسالية التي يستمدها من حركة رسالته في الحياة، ما يجعل من مسألة القوّة، بالنسبة إليه، مسألةً لا تتعلق بشخصه بل برسالته، وبذلك يفقد صفة الانتماء الشخصي للجماعات والمؤسسات، بل يرتبط انتماؤه بالجانب القوي من رسالته، فإذا كان هؤلاء الأقوياء لا يؤمنون بها ولا يتعاطفون معها، فما الذي يمكن أن ينتظره منهم عندما يرتبط بهم أو يرتبطون به، في الوقت الذي يمثل فيه الجانب الأضعف بينما يمثلون فيه الجانب الأقوى مادياً؟ هل يمكن أن يمنحوا رسالته القوّة في الموقف، ويتنكروا لما هم عليه من فكرٍ وسلوكٍ وهدف؟

إن القضية ستكون معكوسة، لأنهم سيحاولون أن يستغلّوا حاجته إليهم، وضعفه أمامهم، من أجل أن ينحرفوا به عن الخط المستقيم، أو يضلّلوه عن أهداف رسالته، وذلك بطريقةٍ قد ينتبه إليها وقد لا ينتبه، عندما يكون غارقاً في ضباب الأجواء الذاتية والعاطفية والمثالية التي يحاولون أن يحيطوه بها، ليشعر ـ وهو في غمرة الضباب الفكري والروحي ـ أنه يسير في الاتجاه السليم.

ولكن، لماذا ينطلق الداعية في هذا الاتجاه؟ ربما كانت الرغبة في الوصول إلى النتائج الكبيرة سريعاً هو ما يفكر به، ما يجعل من قضية الاعتماد على القوى الجاهزة الموجودة في الساحة قضيةً لا تحتمل الجدل، ولا تقبل التأخير، لأن الفئات الآخرى لا تملك أن تقدم أيّة خدمةٍ في هذا المجال، بل ربما تعقّد أمامه الأمور أكثر، وذلك بإغراقه في المشاكل الصغيرة هنا وهناك، ليقدم تنازلاتٍ لهذا الجانب ولذاك الجانب، وتضيع القضية من بين يديه في نهاية المطاف، عندما تحتويه هذه القوى وتستوعبه جملةً وتفصيلاً.

أمّا الإسلام، فإنه يعتبر هذا الاتجاه اتجاهاً خاطئاً وفي أقصى درجات الخطورة، لأن دور الداعية لا يتمثل في تحقيق النجاح السريع على مستوى السلطة أو الشهرة، من دون قاعدة ثابتة مركزة تواجه عواصف الزمن وتحدياته، لأن قصة الرسالة هي قصة الحياة الممتدة الواسعة ذات الأبعاد الكبيرة، التي تنتظر الإشراقة الرائعة كما ينتظر الأفق الفجر الوليد الذي يخترق الظلام، نقطةً هنا ونقطةً هناك، وتتكاثر نقاط الضوء، ثم يتدفّق الينبوع ليستوعب الأفق كله في حكايات النور.

وهكذا تنطلق الرسالة في حركة النموّ الطبيعيّ للأشياء الذي يعطي لها القوّة، ويثبّت جذورها في الأعماق، وتُجَمِّع حولها المؤمنين، واحداً ضعيفاً من هنا، وواحداً فقيراً من هناك.. ويتحوّل الأفراد إلى مجتمعٍ صغير، وتتكاثر المجتمعات الصغيرة في هذا الموقع أو ذاك، ثم ينطلق المجتمع الكبير ليتحوّل إلى أمّة، وليتحرَّك في آفاق الإنسانية كلها، ليستوعب الحياة في جميع مراحلها ومشاكلها وقضاياها الكبيرة والصغيرة.

وهكذا تبدأ عملية صنع القوّة لكل من يريد أن يبحث عن القوّة الحقيقية، ولهذا فلا بدّ لمن يؤمن بالرسالات من أن يصبر طويلاً على مشاكلها ومتاعبها، وتحدّيات القوى المضادة لها، ليأخذ من كل ذلك قوّةً تتجدد مع كل مشكلة ومع كل لون من ألوان التحدي.. ويبقى ـ قبل ذلك وبعد ذلك ـ للرعاية الإلهية في ما يهب الله أولياءه من القوّة والصبر والثبات، الدور الأكبر والأساس في ذلك كله.

وهكذا يريد الله للرسول الداعية، ولكل داعيةٍ في هداه، أن لا يواجه الموقف من هذا المنطلق، بل أن يرفض كل هؤلاء مهما كانت كثرتهم وقوّتهم، لأنها كثرة ضلالٍ، وقوّة كفر، لأنَّه لو أطاعهم {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} لأضلّوه، ولأبعدوه عن الله وعن رسالته، ولتركوه مجرّد شخص يبحث عن ذاته، ويلمّ شتات أوضاعه.. وماذا عن هؤلاء؟ لماذا ضلّوا، ولماذا انحرفوا؟ {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} فهم لا يستندون إلى القناعات اليقينيّة التي تمنح الإنسان صفاء الروح ووضوح الرؤية، بل يتبعون الظن، فيمنعهم ذلك من التدقيق في الوجه الآخر، لأنهم لا يتناولون الأمور، واحدةً واحدة ليفحصوا داخلها، وليفهموا طبيعتها، بل يتَّبعون طريقة الخرص والتخمين، من دون حسابٍ وتدقيقٍ، وذلك هو سبيل الضالّين.

ويختتم القرآن هذا الفصل بالآية الكريمة: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ} ليؤكد للرسول الداعية أن يستمر في طريق الدعوة إلى الله، ولا يلتفت إلى المعوّقات والعقبات التي تواجهه في الطريق، وذلك بتحديد مسؤوليته عن النتائج السلبية والإيجابية، بالحدود التي تتناسب مع قدراته، في ما يملك من أساليب الدعوة، أو في ما يستطيعه من وسائل إثارة الأجواء وتحريك الساحة في هذا الاتجاه. أمّا ماذا يحدث بعد ذلك؟ فهو أمرٌ راجعٌ إلى الله، الذي هو أعلم من يضل عن سبيله من خلال ما يعلمه من طبيعة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة به التي تحرّك إرادته في هذا الاتجاه المنحرف {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، في ما ينطلقون به من إرادةٍ صلبةٍ، وتفكير قويّ، وحركة واعية، تقودهم إلى خط الإيمان به.

وذلك هو السبيل الأقوم الذي ينبغي للعاملين في سبيل الله والدعاة إليه أن يقتدوا به، ويحددوا الخط الفاصل بين مسؤوليتهم في حركة الدعوة، وبين ما هو خارجٌ عن نطاق مسؤوليتهم فيها، مما يرجع أمره إلى الله، لئلا يفقدوا الرؤية الواضحة في ما هو دورهم الطبيعي العملي، فلا يعيشوا العقدة النفسية أمام النتائج السلبية التي قد تحدث لهم لأسباب خارجةٍ عن اختيارهم لعلاقتها بأوضاعٍ وظروف عامة أو خاصة بعيدةٍ عن أجواء الدعوة وأساليبها.

ــــــــــــــــ

(1) مجمع البيان، ج:4، ص:441.

(2) مفردات الراغب، ص:146.