تفسير القرآن
الأنعام / الآية 136

 الآية 136
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيـــة

{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ}(136).

* * *

معاني المفردات

{ذَرَأَ}: خلق على وجه الاختراع والإبداع. والذرء ـ كما يقول صاحب المجمع ـ الخلق على وجه الاختراع وأصله الظهور[1]. قال الراغب: يُقال ذرأ الله الخلق أي أوجد أشخاصهم[2].

{الْحَرْثِ}: الزرع، والحرث ـ كما يقول الراغب ـ إلقاء البذر في الأرض وتهيّؤها للزرع[3]، وقال صاحب المجمع: الحرث: الأرض التي تُثار للزرع[4].

{وَالأنْعَامِ} المواشي من الإبل والبقر والغنم. والأنعام: جمع النعم من النعمة.

{نَصِيباً}: حظاً وقسمةً وحصةً. والنصيب: الحصة من الشيء والقسم منه.

* * *

بعض عادات المشركين الفاسدة في الجاهلية

{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيباً}. كانت للمشركين أوضاعٌ وعاداتٌ فاسدة، تدلّل على طريقتهم في التفكير والسلوك، فقد كانوا يجعلون شيئاً مما خلقه الله من الزرع والأنعام نصيباً لله ونصيباً للأصنام، {فَقَالُواْ هَـذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا} فيصرفون ما لله في الموارد التي يعتقدون أنّ الله يحبّها، وما للأصنام في خدمة هذه الأصنام، على الطريقة التي كانوا يتبعونها {فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ} ولكنهم يفضّلون الأصنام على الله، ويخلصون لها أكثر في ما يمارسونه من عمليّة التمييز في نصيب الله، وفي نصيب الأصنام.

ورد في مجمع البيان، «أنه كان إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله تعالى ردّوه، وإذا اختلط ما جعل لله بما جعل للأصنام تركوه، وقالوا: الله أغنى، وإذا تخرّق الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدّوه، وإذا تخرّق من الذي للأصنام في الّذي لله سدّوه وقالوا الله أغنى، عن ابن عباس وقتاده، وهو المروي عن أئمتنا(ع)»[5].

{ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ} فإن الأصنام لا تمثل شيئاً في عالم القيمة، بل هي من صنع أيديهم، فكيف يجعلون لها ما يجعلونه ويساوون بينها وبين الله؟ وكيف يفضلون نصيبها على نصيب الله. مع أن الله أولى بالخوف وبالعناية؟! إن الله لا يحتاج إلى أن يجعلوا له شيئاً لأنه غنيّ عنهم وعما جعلوه له ولكنه الحكم الباطل، الذي ينطلق من موقع التصور الباطل.

ـــــــــــــــ

(1) مجمع البيان، ج:4، ص:459.

(2) مفردات الراغب، ص:180.

(3) م.ن، ص:111.

(4) مجمع البيان، ج:4، ص:459.

(5) مجمع البيان، ج:4، ص:459