من الآية 18 الى الأية 19
الآيتـان
{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ* وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآياتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (18ـ19).
* * *
الصدِّيقون والشهداء
ويعود الحديث إلى أولئك الذين عاشوا العطاء في حياتهم كرسالةٍ يعيشونها في أفكارهم ويمارسونها في حياتهم، ويتحركون معها في علاقاتهم، بما يرضي الله، ويقربهم إليه من خلال ذلك.
{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} أي المتصدقين والمتصدقات الذين تصدقوا بمالهم على مواقع الحاجة في الحياة من حولهم، {وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} في ما جعله الله على نفسه بتفضله على عباده من اعتبار العطاء الذي يقدمه الإنسان للفقراء وللمجاهدين في سبيل الله قرضاً حسناً يرضاه ويثيب عليه،{يُضَاعَفُ لَهُمْ} الثواب الذي يمنحهم إياه، {وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} في طبيعته النقية السخيّة، وفي ما يوحي به من الكرامة عند الله.
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} على الخط المستقيم الذي يتحول الإيمان فيه إلى فكرٍ يوحي بالسمو، وإلى شعورٍ ينبض بالطهر، وإلى حركةٍ تلتقي بالصدق، وإلى موقفٍ يتميز بالجدية والخير والعطاء، {أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} الذين عاشوا الصدق في عمق كيانهم وفي امتداد حياتهم وفي رحابة آفاقهم، فكانوا الصادقين مع الله في إيمانهم به وطاعتهم له، ومع أنفسهم، فكانوا المنفتحين في أعماقها على الخير والحق والإيمان، ومع الناس، فكانوا السائرين معهم على أساس الوفاء بالعهد والرعاية للأمانة والإخلاص للصداقة والأخوة، فلا يعرفون في حياتهم الكذب والخيانة والانحراف في حركة العلاقات الصادقة.
{وَالشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ} الذين يشهدون على الناس والحياة من حولهم، من خلال ما يملكونه من مواقع الصدق الذي يرصدون فيه الواقع في كل ألوان الصفاء والنقاء، ليشهدوا له أو عليه عند الله، {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} في ما جعله الله لهم من الثواب عنده، جزاء على ما قدموه من إيمانٍ وعملٍ، {وَنُورُهُمْ} الذي يستمد معناه الروحي وإشراقه الإيماني من عمق الالتزام بالله والسير في خط هداه.
{وَالَّذِينَ كَفَرُواْ} بالله {وَكَذَّبُواْ بِآياتِنَآ} التي أنزلناها على رسلنا وبلّغوها للناس، {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} يدخلونها ليعيشوا فيها أبداً وليكونوا من أصحابها الخالدين، لأنهم جحدوا وتمردوا وعاشوا في ضلال الفكر والعمل.
تفسير القرآن