من الآية 5 الى الآية 6
الآيتـان
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آياتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ* يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (5ـ6).
* * *
معاني المفردات
{يُحَآدُّونَ}: المحادة الممانعة والمخالفة.
{كُبِتَ}: الكبت الإذلال والإخزاء.
{أَحْصَاهُ}: الإحصاء الإحاطة بعدد الشيء من غير أن يفوت منه شيء، قال الراغب: الإحصاء التحصيل بالعدد يقال: أحصيت كذا، وذلك من لفظ الحصا، واستعمال ذلك فيه من حيث إنهم كانوا يعتمدونه بالعدّ كاعتمادنا فيه على الأصابع[1].
* * *
كبت الذين يحادّون الله ورسوله
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في ما يخالفون ويعادون الخط الفكري والتشريعي في حركة الإيمان الرسالي، ويعملون على مواجهته بالمواقف المضادّة، لن يفلتوا من العقاب الدنيوي والأخروي كحق من حقوق الإيمان في مواجهة أعدائه، وكجزاءٍ إلهي للمتمردين على إرادة الله، {كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} فعاشوا الكبت في معناه العميق الضاغط على حياتهم المنحرفة، بالقهر والذل، لأنهم أساؤوا إلى الحياة في مسيرتها المستقيمة في خط التوحيد.
{وَقَدْ أَنزَلْنَآ آياتٍ بَيِّنَاتٍ} تقيم عليهم الحجة القوية في حقائق العقيدة والشريعة، {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} لأن الكفر لم يكن نتيجة شبهةٍ معقدةٍ أو فكرٍ مضاد، بل هو نتيجة عقدةٍ نفسيةٍ استكباريةٍ في رفض الإيمان في الدائرة الذاتية، {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً} ليحاسبهم على أعمالهم، {فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ} من الذنوب، {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} لأنهم كانوا في غفلةٍ مطبقةٍ على عقولهم ومشاعرهم لاستغراقهم في لذاتهم وشهواتهم وذاتياتهم المعقدة، ما جعلهم يتجاوزون أخطاءهم وجرائمهم بسرعةٍ من دون أن يتوقفوا أمامها بدقةٍ ومسؤوليةٍ. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } لأنه المطلع على خفايا أمور عباده ودقائقها.
ــــــــــــــــــــ
(1) مفردات الراغب، ص:120.
تفسير القرآن