تفسير القرآن
المدثر / من الآية 8 إلى الآية 10

 من الآية 8 الى الآية 10
 

الآيــات

{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (8 ـ10).

* * *

معاني المفردات

{نُقِرَ}: النقر: القرع.

{النَّاقُورِ}: ما ينقر فيه للتصويت، والنقر في الناقور كالنفخ في الصور.

* * *

يوم النقر في الناقور.. عسير على الكافرين

ويستمر النبيّ في الإنذار صابراً على الأذى، صامداً أمام التحديات، قوياً في الأزمات، ويمتد الكافرون في كفرهم في مواقف التمرد والطغيان، وتمتد بهم الحياة حتى تلفظ كل أنفاسها في نهاية المطاف، فيسقطون في ظلمات الموت ... ثم يبعثون من قبورهم.

{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} النقر هو القرع الذي يوحي بدويّ الصوت كالنفخ في الصور، ولكنه هنا يوحي بالرنين والشدّة، وهو تعبير آخر عن بعث الموتى وإحضارهم للوقوف بين يدي الله لفصل القضاء في يوم القيامة.

{فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} لأنه يوم الحسم الذي لا مجال فيه لأيّة عودةٍ إلى الوراء، ولا حلّ فيه لمشكلة الكافرين، بالله لأن قضية الكفر ليست من المسائل الفرعية التفصيلية التي يمكن التسامح معها، بل هي من المسائل الأصلية في العقيدة، فالكافر يتحدى الله بشكل مباشر في رفض الإيمان به، وهو ينتمي إلى دائرة الإشراك به أو بعبادته، مما لا يلتقي بالمغفرة التي هي المظهر البارز لليسر في مواقع العسر، لأن الشرك ذنبٌ لا يُغفر، خلافاً للذنوب الأخرى التي يمكن أن تلحقها المغفرة، ولذلك كان {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}... وتترك الآية الموقف من غير تحديد، فكيف يكون العسر النازل عليهم؟ وكيف يتمثل في العذاب؟ ما هو مقداره؟ وما هو حجمه؟ وما هي مدّته؟ إنها علامات استفهام تضيع في المجهول الذي يريد الله للكافر أن يغرق فيه من دون فائدةٍ، ليعيش الكافرون في الدنيا هذا الهاجس المرعب، فلعلهم يستفيقون من غفلتهم، ليرجعوا إلى الإيمان قبل فوات الأوان.