تفسير القرآن
عبس / من الآية 11 إلى الآية 16

 من الآية 11 الى الآية 16
 

الآيــات

{كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ* فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ* في صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ* مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ* بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرَامٍ بَرَرَةٍ}           (11ـ16).

* * *

معاني المفردات

{صُحُفٍ}: جمع صحيفة، وهو عند العرب كل مكتوب فيه.

{سَفَرَةٍ}: الملائكة.

* * *

كلام الله تذكرة للعباد

{كَلاَّ} هل هو ردعٌ عن العبوس والتلهي عن الأعمى والتصدي للأغنياء، وتوجيهٌ للنبي بأن لا يعود إلى مثل ذلك، أم أنه رفضٌ للواقع الذي كان يعيشه الناس في الغفلة عن الانفتاح على آيات الله، من خلال ما يمكن أن تطلّ به الآيات المتقدمة من الإيحاء بذلك الواقع الغافل عن الحق الذي كُلِّف النبي(ص) أن يغيّره إلى واقع يعيش فيه الإنسان التذكرة؟ والأقرب الأول، لأن الكلمة مسوقة للحديث عما سبقها.

{إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} وهي آيات القرآن التي أنزلها الله على عباده ليخرجهم من ظلمات الغفلة إلى نور التذكرة بما تفتح به عقولهم على حقائق العقيدة والكون والحياة، ليكونوا أكثر وعياً للخالق والمخلوق، ويتعرّفوا مقام الخالق في عظمته وألوهيته، ومقام المخلوق في عبوديته.

{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ} أي القرآن وانفتح عليه باختياره، لأن الله لم يرد للناس أن يلتزموا بدينه من خلال الجبر التكويني، بل أراد له أن يكون صادراً عن القناعة والمشيئة الفكرية للإنسان بالإيمان به.

{في صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ} والظاهر أن المراد بها كل ما يكتب فيه، ولعل تكريمها من خلال اشتمالها على كلام الله، في ما أنزله على رسله، {مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ} مرفوعة في قدرها ومعناها، مطهرة من قذارة الباطل، أو أنها مصونة من أيدي الكافرين، وفيه خفاء. {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} وهم الملائكة الذين ينزلون بها على الأنبياء، وهم {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} فقد أكرمهم الله بأن جعلهم في مواقع القرب لديه، وفي مراكز المسؤولية لإبلاغ وحيه من خلال صلاحهم وتقواهم، فهم البررة بمعنى الصالحين المتقين.