الأسئلة والأجوبة
الفكرية والثقافية / التبليغ في أفريقيا

*ما هي أركان النجاح في الدعوة والتبليغ في أفريقيا خارج إطار الحوزات مع قلة الوسائل المتاحة في تلك البلاد؟


ـ أفريقيا كأي بلد آخر لا بد للداعية فيها أن يفهم الناس، وأن يفهم مستواهم الثقافي، وأن يفهم خلفياتهم الشعبية، وخلفياتهم السياسية، وأن يفهم مشاكلهم التي تحيط بهم، وأن يفهم تطلعاتهم وطموحاتهم وأن يفهم الضغوط المحيطة التي تطبق عليهم.
فأن تكون مبلغاً لا بد أن تفهم الناس الذين تبلغهم رسالات الله حتى تعرف كيف تهندس الطريق إلى قلوبهم، وكيف تمهدّ الطريق إلى عقولهم. إننا كما نحتاج إلى مهندسين يهندسون لنا الطرق إلى هذا البلد أو ذاك البلد، ويهندسون هذا البيت أو ذاك البيت نحتاج كذلك إلى مهندسين إسلاميين. .  يهندسون الطريق الذي يصل إلى عقول الناس وإلى قلوبهم، وهناك نقطة أساسية،وهي إن أقرب طريق إلى عقل الإنسان هو قلبه، فإذا لم تستطع أن تدخل إلى قلوب الناس فلن تستطيع أن تدخل إلى عقولهم، ولهذا رأينا رسول الله(ص) وهو نبينا وإمامنا ومرشدنا قد دخل إلى قلوب الناس قبل أن يدخل إلى عقولهم واحتوى كل الناس بقلب رحيم، فكان قلبه رقيقاً يتحسس كل آلامهم، واحتوى آذان الناس بكلماته الحلوة الرقيقة، واحتوى حياة الناس بحرصه عليهم {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضّوا من حولك}(آل عمران:157}، {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم}(التوبة:128). يتحسس كل التعب الذي تعيشونه {حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}(التوبة:128). لذلك فلا بد في أفريقيا وفي غيرها من دراسة كل ذلك. إن على الداعية والمبلغ أن يحبّ الناس، فلكي تكون داعية ناجحاً لا بد أن تكون بمستوى مسؤوليتك، أما إذا كنت الإنسان الذي لا يرى في الناس إلا السلبيات، ولا يرى في الناس إلا السوء، ويشعر بأنه هو الإنسان الذي ابتلاه الله بهم لأنهم لا يسمعونه جيداً ولا يقدرونه جيداً ولا يعطونه الأموال جيداً، هنا عندما تجد نفسك لا تؤثر في الناس لا تتهّمهم بأنهم لم يفهموا ولكن حاول أن تفكر أنك ربما لم تملك الأسلوب.
ومن الطبيعي أن يكون الداعية مثقفاً ثقافة إسلامية تنفتح على كل قضايا الناس وكل قضايا العصر بقدر ما يتعلق بالناس، ولذلك أرى أن المبلغ بحاجة إلى ثقافة نفسية واجتماعية إلى جانب الثقافة القرآنية والسنيّة والفقهية. وهناك في «أفريقيا» نقطة لا بد للدعاة الأفريقيين أن ينفتحوا عليها، وهي أن هناك حركة تصوف ونزعة تصوّف، وعلينا أن نستفيد منها وأن نحاول إصلاحها من الداخل، وعلينا أن نأخذ من هذه الطاقة الروحية الموجودة عند هؤلاء الذين يتحركون على هذا الصعيد حتى نوظفها في الكثير من خطوطنا ولا سيما في خطوط الارتباط بأهل البيت(ع) لأن المتصوفة ينفتحون على أهل البيت بطريقة وبأخرى.