*الكلّ يدّعي بأنه صاحب المذهب الأصح وأن فرقته هي الفرقة الناجية، فكيف أبرئ ذمتي أمام الله؟ وهل البحث وحده مبرئ للذمة حتى وإن اقتنعت بمذهب مخالف؟
ـ ليس في القناعة موافق أو مخالف، فالله يقول {ولا تقفُ ما ليس لك به علم إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}(الإسراء:63). (فعليك أن تصل إلى الحقيقة بنفسك ونحن نعلم بأن العقيدة لا تقليد فيها. ولذلك قال الله لنبيّه المصطفى(ص): {وقل الحق من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}(الكهف:92).
لذلك نحن نقول أن ما ذكرت صحيح في المسألة العقيدية وفي المسألة السياسية، فكم لدينا من الاتجاهات السياسية وكم لدينا من الأحزاب حتى في الاتجاه الواحد. وفي المسألة الاجتماعية كم هناك من خطوط اجتماعية، ولكن الله أعطاك عقلاً وقال لك فكّر بعقلك، وأعطاك لساناً وقال لك اسأل بلسانك وأعطاك سمعاً وقال لك اسمع ما يقوله الآخرون لك ثم اختر بعد ذلك. لذلك فإن عمر هذه المسألة هو عمر الحياة، فكل يقول ليست المذهبية هي الدين وليس عندنا يهودية ونصرانية ومجوسية وبوذية، ومعنى ذلك أن نتوقف لأن هناك تنوعاً في الآراء الدينية أو تنوعاً في الآراء المذهبية أو تنوعاً في الآراء السياسية والاجتماعية. هل نقف حائرين أو أنّ علينا أن نبحث ونبحث حتى نصل إلى القناعة، ونحن نعرف من حديث الإمام الصادق(ع) أن الإسلام يشجع على الشك، الشك في طريق اليقين (الشك الموضوعي) أو الشك العلمي، والشك ليس كفراً وإنما الجحود هو الكفر.
فلقد جاء شخص وسأل الإمام (جعفر الصادق((ع) كما في (الكافي) قال: رج شك في الله، قال: كافر، قال شك في رسول الله، قال: كافر، ثم قبل أن يقوم الرجل قال: «إنّما يكفر إذا جحد» فما دمت في دائرة الشك فأنت لست بكافر. ولذلك يقول بعض علماء المسلمين ليس هناك ملحد في العالم لأن الإلحاد إثبات العدم والعدم يحتاج إلى دليل كما أن الوجود يحتاج إلى دليل، وليس هناك في العالم من يثبت بالحجة أن الله ليس موجوداً لأنه يحتاج أن ينقّب في العالم بأسره.. في أنحاء الأرض وأقاصي السماء ويبحث في كل القضايا ليصل إلى النتيجة... فلا يوجد أحد في العالم يقول بإمكاني أن أثبت بأن الله ليس موجوداً، بل يشك ويقول أنه لم يثبت عندي وجود الله، أما أن أنفي، فلا يوجد إنسان ينفي وجود الله، وحتى الشيوعية لا يمكن أن تقول بذلك لأنها لم تستقرئ الوجود كله ولم تبحث في الكون كله لتقول بالإلحاد.