*الشيطان هو الشر المطلق داخل الإنسان، والله هو الخير المطلق داخل الإنسان، فهل هذا النوع من المناقشة يؤدي إلى نتيجة؟
ـ يدعو الله للخير، والله خلق الشيطان من أجل أن يتعلق الإنسان بدعوة الله له من موقع إرادته لا من موقع تسييره، فالله لا يريدنا كسالى وهو يقول: {إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}(الإنسان:3). ولقد خلق لك عقلاً وإرادة ولم يسلط الشيطان عليك ولكنك أعطيت عقلك للفاجر وهو نفسه الشيطان، فالشيطان أيها الأحبة مثقف ومحامي من الدرجة الأولى واقرأوا دفاعاته في يوم القيامة واقرأوا مرافعته في القرآن:
{وبرزوا لله جميعاً، فقال الضعفاء للذين استكبروا إنّا كنا لكم تبعاً}(إبراهيم:21)، أي كنا جماعتكم {فهل أنتم مغنون عنّا من عذاب الله من شيء}(إبراهيم:21). فنحن كنا نقاتل وكنا نسرق الناس ونعطيكم فاسمحوا لنا ببطاقة أو وصية تنجينا من عذاب النار {قالوا لو هدانا الله لهديناكم} أنتم تبعتمونا {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} أنتم معنا في الدنيا وفي الآخرة ما عدا أنكم تتحملون مسؤوليتكم ونحن نتحمل مسؤوليتنا.
وإذا بكل الحشر يتجه إلى الشيطان، يا ربنا الشيطان، يا ربنا كذا، وإذا بالشيطان يجيء هادئاً بارداً بدون انفعال {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق}(إبراهيم:22)، {سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}(آل عمران:133). لماذا لم تتقوه؟! وهو الذي قال {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره}(الزلزلة:7). ويقول الشيطان أنه وعدهم فأخلفهم والله وعدهم وعد الحق {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله}(الحشر:16). إن عملي أن أكذب وأزيّن القبيح وأقبّح الحسن وهذا هو عملي، والله قد بين لكم عملي وأنتم تعرفون أني أخرجت أبويكم من الجنة {وما كان لي عليكم من سلطان}(إبراهيم:22)، لم يجعل الله لي سلطاناً بل أعطاني مجالاً في أن أثير أحلامكم وأمانيكم والله أعطاكم عقلاً وإرادة وأرسل لكم الأنبياء فلماذا لم تستخدموا كل ذلك {وعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان}(إبراهيم:22)، وهو قوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}(الإسراء:65). إلاّ أن دعوتكم أي ضربت الطبل فاستجبتم لي {فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}(إبراهيم:22)، لأن الله أعطاكم كل سبل الحق من عقل وإرادة وأنزل لكم البينات فلوموا أنفسكم {فما أنا بمصرخكم ولا أنتم بمصرخّي}(إبراهيم:22). إني اعترف بأنكم جعلتموني شريكاً لله في الطاعة {إني كفرت بما أشركتموني}(إبراهيم:22). وإذن فالمسألة هي هذه، فعلى كل واحد أن يعدّ نفسه ويحضّر دفاعاته ويسوّي عمله {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}(النحل:111)، {يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله}(الانفطار:19). {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}(المطففين:26).