الأسئلة والأجوبة

العدل الإلهي:
*
العدل الإلهي من أصول الدين فلماذا جاء هذا الأصل مستقلاً عند الشيعة الإمامية، علماً أنه من ضمن أصل التوحيد، فما هي الضرورة في عدّهِ أصلاً مستقلاً من أصول الدين؟


ـ إنّ العدل، كما يقول السؤال، ليس أصلاً مستقلاً من أصول الدين بل هو من توابع التوحيد فالله كما هو حكيم وقادر فإنه عادل، ولكن ذكر العدل مستقلاً لأن المسلمين اختلفوا بين "مذهب العدلية" وبين "مذهب الأشاعرة" الذين أنكروا أن الحسن والقبح عقليان وقالوا لا مانع من أن يظلم الله (تعالى عن ذلك علواً كبيراً) أي حسب رأيهم لا مانع من أن يظلم الله، والعقل لا يقول بقبح الظلم وحسن العدل لأنه لا يستطيع أن يدرك هذه الأمور.
بينما العدلية من المعتزلة والإمامية قالوا بأنه يستقل العقل بحكم الحسن والقبح فإنهم يرون أنه يقبح الظلم من الله ويحسن العدل منه. وهذا هو الجدل الذي جعل كل فريق من المسلمين يتبنّى رأياً معيناً، وهو الذي وضع المسألة في عداد أصول الدين.


في العدل الإلهي:
*
المفروض أن تكون العقوبة على قدر الجريمة فهل ينسجم العدل الإلهي مع عقوبة الإنسان في خلوده في العذاب الأليم مقابل معصية أو جريمة محدودة يرتكبها الإنسان في وقت محدود في هذه الحياة الدنيا؟


ـ من قال بأن العقوبة لا بد أن تكون بحجم الجريمة إلزاماً؟ فالعقوبة تتحدد حسب تأثيرات الجريمة السلبية وحجم الجريمة بطبيعة من تمارس الجريمة ضده. وهناك فرق بين أن تعصي إنساناً عادياً وبين أن تعصي الله سبحانه وتعالى، لذلك يقال لا تنظر إلى حجم جريمتك ومعصيتك بل أنظر إلى من عصيت. وهناك نقطة ثانية، فكمثل تقريبي، لنفرض أن شخصاً تمرّد على آخر أغرقه بنعمه وألطافه وجميله في الليل والنهار، وهو يزداد تمرّداً وبغضاً وحباً لأعدائه وبغضاً لأوليائه إلا يعتبرون هذه الجريمة ذات دلالة أو دلالات نفسية لها مؤثرات اجتماعية ولها مؤثرات إنسانية سلبية، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى أحياناً يعتبر الجريمة أكبر من حجمها الواقعي كما في قتل الإنسان {من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}(المائدة:32).
وقياساً على هذا الرأي فلماذا يعاقب من يرتكب جريمة في مدى لحظات بالسجن المؤبد أو بخمسِ سنوات مثلاً إذ يفترض أن نحبسه دقيقة لأن الجريمة استغرقت دقيقة. ولذلك يجب أن ندرس الجريمة وندرس دلالاتها وتأثيراتها الجانبية، ذلك أن مبدأ أن العقوبة ينبغي أن تكون على قدر الجريمة بالمعنى المادي والزمني لا يقول به أحد.


الجبر والتفويض:
*
إننا نقول: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين» ما هو حال الحديث عن الرسول الذي يقول (السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه) ألم يكن هذا الحديث ظاهراً على أن الإنسان مجبر بأفعاله؟


ـ إذا كان هذا الحديث حديثاً نبوياً فالمقصود منه هو أن الله يعلم السعيد وهو في بطن أمه والشقي في بطن أمه وليس معناه أن الله خلق إنساناً سعيداً بلا اختيار أو خلق شقياً بلا إرادة لكن الله يعلم من خلق {ألا يعلم من خلق}(الملك:14). يعلم من خلق عندما خلقه، ويعلم من خلق بعد أن يخلقه فالله يعلم أن هذا الإنسان سيتحرك في خط السعادة باختياره، وأن ذاك سيتحرك في خط السعادة باختياره فأين الجبر في هذا ويبقى الأمر بين الأمرين هو الحقيقة بما يمنح الإنسان حركته الإرادية في اختيار الفعل كما يجعل الواقع الوجودي في علاقة المسبب بالسبب وفي خضوع الإنسان للنظام الكوني بيد الله فهو اختيار في نطاق النظام الوجودي العام؟


الذي لم تقم الحجة عليه:
*
كيف سيحاسب الإنسان الذي قضى حياته دون أن يصل إليه صوت الإسلام أو أي دين سماويٍّ آخر؟


ـ يقول تعالى: {وما كنا معذّبين حتى نبعث رسولاً}(الإسراء:15). إن الله سبحانه وتعالى يحاسب الإنسان بما أقام الحجة عليه فإذا لم تبلُغ الرسالة أحدهم كُلّيةً فالله يحاسبه بما يستعمل به عقله على حساب الفطرة إذا كان واعياً للفطرة، ولا يحاسبه على غير ذلك.