*يرى بعض المتكلمين أنّ الجنة والنار مخلوقتان موجودتان في الواقع، والعرفانيون يرون أنّ حقيقة الجنة والنار هي تجسيم أعمال الإنسان بصورة حسنة أو قبيحة، فماذا تقولون أنتم في هذين الرأيين؟
ـ إنَّ الله سبحانه وتعالى يحدِّثنا عن الجنة والنار، ويمكن لنا أن نفهم من خلال قصة "المعراج" أنهما موجودتان، ولكن هذا علمٌ لا ينفع من علمه ولا يضرّ من جهله، فسواءً كانت النار مخلوقةً أو غير مخلوقة، والجنة مخلوقة أو غير مخلوقة، فذلك ليس من القضايا الأساسية في العقيدة. فإن كانت مما ثبت لديك من خلال استيحائك للقران كما هو ظاهر القرآن، أو من خلال استيحاءات السنة، فلابد من أن تعتقد بها.
أما قضية تجسيم الأعمال، فنحن نخالف هؤلاء، ونرى أنّ الذين يقولون بتجسيم الأعمال انطلقوا في فهمهم للقرآن من خلال الفهم الحرفي للكلمة، فمثلاً في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}(الزَّلزلة:7)، يقولون إن الإنسان يرى العمل نفسه مجسماً، وهكذا {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(الزلزلة:8)، وهذا هو التفسير الحرفي.
والتّعليق على ذلك، هو أن الله استخدم ذلك على نحو الاستعارة، وقد قام القرآن على أساس الأساليب البلاغية، ولذلك نقول إنّ "الكناية أبلغ من التصريح". وفي تفسيرنا "من وحي القرآن"، ناقشنا السيِّد "الطباطبائي" وغيره من المفسّرين حول مسألة تجسّم الأعمال من ناحية البراهين التي تقام عليها، ففيها مناقشة وتأمّل.