*ما هي المصادر المهمة في العقيدة الإسلامية؟ وهل صحيح ما يقال من أن أحد مصادرها الفلسفة، مع العلم أن الفلسفة جاءت من اليونان، حيث قام المسلمون بتعريبها وترجمتها في صدر الإسلام؟ فكيف كان ذلك؟
ـ أنا لا أعتبر الفلسفة مصدراً من مصادر العقيدة الإسلامية، فالمصدر الأساس هو القرآن، لأن القرآن هو الذي ركّز لنا الأسس الفكرية للعقيدة الإسلامية، بل إنني أجزم بأنَّ أيَّ عقيدة إسلامية تعتبر الفلسفة أساسها ليست عقيدةً صحيحة، وليس معنى ذلك أننا لا نستفيد من الفلسفة في بعض العقائد المتصلة بالجانب العقلي، أو لردِّ بعض الشبهات المضادَّة للعقيدة، بل إننا ننكر اعتبارها في موقع الأساس. فالقرآن في أسلوبه وفي وسائله الفكرية، هو حركة العقيدة في كل مفرداتها الأساسية.
لذلك نعتقد أنَّ العلم في كلِّ اكتشافاته، هو من أوسع الأدلة على توحيد الله والإيمان به، لأن العلم يكشف لك أسرار الكون وأسرار الإنسان وأسرار ولادة الحضارات وأسرار الواقع الذي تتحرك فيه السنن التاريخية والسنن الكونية. وعلى هذا الأساس، فإننا نقول دائماً إن الإيمان يتعمق بطريق العلم، فكلّما ازداد الإنسان علماً وتعمَّق فيه، ازداد إيماناً. فماذا يمكن أن تفيدنا الفلسفة؟ إن الفلسفة يمكن أن تفيدنا من خلال مواجهة الشبهات التي يثيرها الملاحدة أو أهل الضلال ضد الإسلام، أما أن نبني إيماناً عقائدياً من خلال الفلسفة، فإن إيماننا سوف يكون يونانياً يتحدث عن بعض مفردات الإسلام بالذهنية اليونانية، ولن يكون إيماناً إسلامياً. إننا لا ننكر أن للفلسفة دوراً في حركة الاستدلال، ولكن علينا أن نأخذ عقائدنا من القرآن بالوسائل القرآنية، وبالأساليب القرآنية. ففي القرآن، إذا فهمناه جيداً، غنىً وثراء.