الأسئلة والأجوبة
الفلسفية والكلامية / معرفة الله

*إن معرفة الله ليست أمراً ضرورياً، أي بديهياً، بل تعتبر أمراً نظرياً، فكيف بالآية التي تشير إلى أن الإنسان خلق بفطرته على معرفة الله عزَّ وجلّ، لقوله سبحانه: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ}(الروم:30)؟


ـ من قال إن معرفة الله نظرية؟! لكن، إذا كنتم تريدون أن تعرفوا الله بالفلسفة، فإن الفلسفة قد تدخلكم في متاهات قد لا تصلون بها إلى شي‏ء، لكنّ معرفة الله فطرية جداً، فلقد قيل لامرأة: كيف تستدلّين على وجود الله؟ قالت:  «بهذا المغزل؛ إن حرّكته تحرَّك، وإن سكّنته سكن»، فهل من المعقول أن الدنيا تتحرك في نظام دقيق بدون قوة تحركها؟!
ويقال إنّ إعرابياً ليس له أية ثقافة غير البعير والصحراء، قالوا له: كيف تستدلّ على وجود الله؟ قال:  «(البعرة تدلّ على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، لا تدلان على اللطيف الخبير»؟!
ويقول الشاعر:
وفي كل شي‏ء له آية                تدلُّ على أنه واحد
وقد سئل الإمام الصادق(ع) من قبل شخص أراد أن يدلّه على الله، فقال له ما مضمونه: هل ركبت البحر من قبل وانقطعت بك السفينة وبقيت على خشبة بحيث لا سفينة تنجيك ولا أرض تحويك وليس لديك أي شي‏ء، ألم يتعلق قلبك بشي‏ء، قال له طبعاً، قال له: ذاك هو الله .
فأنت تعلم لا شعورياً بوجوده ما دام قلبك ينبض وينطلق نحو الله بالفطرة. يقول أحد الشعراء في هذا المعنى
يقولون بالبرهان آمن معشر            وما نفعُ إيمانٍ يجي‏ء ببرهـان
فما أنا فيما يدركُ العقلُ مؤمن            ولكنما من فوقِ عقلي إيماني
ولما قضى الوجدانُ بالدين للورى        طرحتُ دليلي واقتنعت بوجداني
فيا ساحل البحرِ الذي أنا غارق        بلجّتهِ لا بدَّ من ساحلٍ ثانِ
إن الإسلام دين الفطرة، ولذلك فمعرفة الله لا تحتاج إلى أدلة، وكل الأدلة التي تقام على ذلك تنطلق من خلال محاولة تقريب الفطرة بالدليل.