*ما هو منهج التفسير لديكم؟
ـ المنهج التفسيري عندي، هو أنني أحاول أن أدرس القرآن من خلال إيحاءاته، أي أنني أعتبر أنَّ الآية تنطلق في أكثر من أفق، وهذا هو الذي استوحيته من كلام الإمام الباقر(ع): «إنَّ القرآن يجري كما يجري اللّيل والنّهار، وكما يجري الشمس والقمر»، أو من تفسيره(ع) قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة:32)، عندما سأله أحدهم: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال: «ذاك تأويلها الأعظم». فقد استوحى الإمام(ع) من الحياة المادية الحياة المعنوية، وهكذا هو أسلوب التفسير المنهجي الذي انطلقت فيه. فأنا أحاول أن أفهم الحياة من خلال الأجواء التي يعيشها القرآن، ومن خلال أن القرآن هو كتاب الحركة الإسلامية والدعوة الإسلامية. فالله سبحانه وتعالى لم ينـزل القرآن جملةً واحدةً، بل أنزله على دفعات {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}(الفرقان:4)، وذلك لأنّ الله سبحانه كان يركّز الحركة الإسلامية من خلال القرآن، وعندما كان المسلمون يعيشون أيّ مشكلة في حرب أو سلم، كان القرآن ينـزل حتى ينقد التجربة، كما في «معركة أحد»، فأغلب سورة «آل عمران» مخصَّص لنقد تجربة المسلمين في «واقعة أحد» وترشيدهم وبيان الخطوط التي انطلقوا فيها على مستوى الأخطاء بعيداً عن النبي(ص)، والخطوط التي عصوا أوامره فيها.
كذلك أنا أفهم أن القرآن لا يمكن أن نقرأه ككتاب له معنى لغوي، بل علينا أن نقرأه قراءة الحركة الإسلامية التي كانت تنطلق على مستوى الدعوة، وعلى مستوى الحرب، وعلى مستوى السلم، ونحاول أن نفهم القرآن بطريقة حركية. ولذا أقول أن القرآن لا يمكن أن يفهمه إلا الحركيون الذين عاشوا معنى الحركية الإسلامية في حيوية الإسلام، ذلك أنّ الإنسان الحركي يفهم القرآن بغير ما يفهمه اللغوي، وبغير ما يفهمه عالم النفس أو عالم الاجتماع. لذلك كان كتابنا (من وحي القرآن) محاولة في اتجاه استيحاء القرآن حركياً في الحاضر والمستقبل.