الأسئلة والأجوبة
القرآنية والحديثية / تفسير القرآن بالقرآن

*ورد في الحديث المأثور عن أهل البيت(ع): «من ضرب القرآن بعضه ببعض فقد كفر»، وقال الشيخ الصدوق في شرحه لهذا الحديث: «من فسّر آيةً بتفسير آية أخرى فقد كفر». والسؤال: هل تتفقون مع هذا الرأي؟ وهل يدلُّ هذا الحديث على أنه لا يجوز تفسير القرآن بالقرآن؟


ـ لكي نؤكِّد هذا المفهوم في مسألة تفسير القرآن، لا بدَّ من أن ندقق في صحة الحديث، وعلى تقدير الصحة، لا نتصوَّر أن معنى الحديث هو ما ذكره الشيخ الصدوق «رحمه الله»، فإن المتشابه في القرآن الكريم في أكثر من آية قد يفسَّر بالمحكم، ثم إن تفسير القرآن بالقرآن من أرقى أنواع التفسير، باعتبار دلالة الآية على معنى آية أخرى، خصوصاً في التفسير الموضوعي الذي ينطلق القرآن في تنوّعِ آياته ليتحدَّث عن موضوع معين، فقد عالج الله سبحانه وتعالى هذا الموضوع بطريقة معينة في سورة، وبطريقة أخرى في سورة ثانية، ويمكن أن تكون المعالجة في هذه الآية مثلاً تفسر المعالجة في الثانية.
وهكذا نجد مثلاً في قصص القرآن الكثير من القضايا التي يجملها القرآن في قصة هذا النبي أو ذاك، مما يمكن أن نأخذ تفاصيله من سور أخرى فصّل الله فيها القصَّة. لذلك، لا يمكن أن يكون الحديث، أنّ من فسّر القرآن بالقرآن فقد كفر، فربّما يكون هناك نوع من أنواع إيقاع التناقضات، كما لو أن الإنسان يحاول أن يضرب آيةً من القرآن بآية أخرى. وعلاقة الموضوع بالكفر، معناه أن هذا العمل يؤدي إلى الكفر، فما علاقة أن يفسِّر الإنسان آيةً من القرآن بآية أخرى، بالكفر؟ لهذا إذا أردنا أن نجعل هناك تناسباً بين الموضوع وبين الحكم، لا بدَّ من أن نقول إن المقصود من ذلك أن يضرب بعضه ببعضٍ، أي يجعل بعضه مضادّاً للبعض الآخر، من قبيل ما يفهمه الناس أحياناً من أن هناك تناقضاً في القرآن، فبينما يتحدث الله عن حرية الإرادة: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}(الإنسان:3)، ونراه في المقابل يقول: {فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}(إبراهيم:4). وكذلك {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى}(الأنفال:17). وقد يبدو في آية أن لله وجهاً ويداً وجسماً، بينما في آية أخرى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}(الشورى:11) وما إلى ذلك، فربما يكون المقصود بهذا الحديث، على تقدير صحته، هذا المعنى الذي أشرنا إليه.