*بوصفكم من مفسِّري القرآن المعاصرين، ما هو رأيكم في المجالات التي يتناولها التفسير؟
ـ إن القرآن الكريم هو التفسير الذي يمكن أن ننطلق فيه من خلال إيحاءات القرآن نفسه. فالكلمة القرآنية ليست مجرد كلمة لها معنى في القاموس، بل تحمل الكثير من الإيحاءات. ولذلك أنت تستطيع في كلمة واحدة أن تكتب ما شاء الله، لأن إيحاءات الكلمة غير معنى الكلمة، لذلك فأنا أعتقد أنه يجب أن نستوحي القرآن كما كان الأئمة(ع) يفعلون، فالإمام الباقر(ع) يقول في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}: «تأويلها الأعظم من نقلها من ضلال إلى هدى»، وليس معنى ذلك أن الإمام فسَّر كلمة «الحياة» بالهدى، وفسَّر كلمة «الموت» بالضلال، بل إنه استوحى ذلك، فإذا كانت الحياة المادية تعطي إيحاءً أنك إذا أحييت إنساناً من ناحية ماديّة، أو أنقذته من الموت، كنت كمن أحيا الناس جميعاً، لأنك ركّزت مبدأ الحياة، فيمكن أن تستوحي من فضل الحياة المادية فضل الحياة المعنوية، فيكون أيضاً من نقلها من الضلال إلى الهدى فكأنما هدى الناس جميعاً.
ولذلك، فكما قال الإمام الباقر(ع): «إنّ القرآن حيّ لا يموت، والآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا، ماتت الآية، لمات القرآن، ولكني هي جارية في الباقين كما جرت في الماضي. وإن القرآن حيّ لا يموت، وإنّه كما يجري اللّيل والنّهار، وكما يجري الشمس والقمر».
لذلك أقول: لا تفهموا القرآن من خلال القاموس، وإن كان للقاموس دوره في فهم القرآن، بل افهموه من خلال حركة الحياة، واجعلوا القرآن يتحرك في أسواقكم، وفي صالوناتكم، وفي نواديكم، وفي بيوتكم، حتى تجدوه يمشي كما تمشون من خلال مفاهيمه المتصلة بالحياة، فبقدر ما نتحرّك بالقرآن في الواقع، نستطيع أن نرتفع بالقرآن، أما إذا تجمّدنا عند حدود الكلمة، لنسأل ما هو معناها، ولم نتجاوز ذلك إلى الحياة، فنكون قد حوَّلنا القرآن إلى شيء جامد.