الأسئلة والأجوبة
القرآنية والحديثية / مفهوم أهل الكتاب

*هل يمكن أن توضحوا لنا مفهوم أهل الكتاب بما يعنيه القرآن بذلك؟ وهل يوجد تناقض بينهم وبين أهل الكتاب الموجودين في عصرنا الذين يعيشون الشرك بأشكال مختلفة؟ وهل يمكن للمؤمن أن يتزوّج منهم أو أن يأكل من ذبائحهم؟


ـ المراد بأهل الكتاب، وحسب الظاهر من القرآن، ليس الذين يلتزمون الكتاب التزاماً عملياً دينياً أو عقيدياً وبحقائق الكتاب كلّها، إنما هم الذين ينتمون إلى «التوراة والإنجيل»، اللذين يعتبران عنواناً في التديّن، فالمراد بهم الذين يقولون بالكتاب، وإلاّ فإن القرآن يتكلَّم عن الذين يقولون إن المسيح ابن الله، وأن عزيراً ابن الله، أو إن الله ثالث ثلاثة أو ما إلى ذلك.
أما قضية طهارتهم والزواج منهم، فالله سبحانه وتعالى تحدث في القرآن عن جواز الزواج من المحصَّنات من الذين أوتوا الكتاب. وإن كان هناك خلاف بين المجتهدين، فمنهم من يجيزون ذلك، ومنهم الذين لا يجيزون ذلك بلحاظ دلالة بعض الآيات الأخرى، كقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ}(الممتحنة:10)، إضافةً إلى وجود بعض الأحاديث من السنّة النافية لذلك. ونحن نجيزه، لأننا ناقشنا دلالة الآية والأحاديث، ورأينا دلالة الآية المثبتة. وأما الذباحة، فالمشهور بين المسلمين أنه لا بد من أن يكون الذابح مسلماً، وهناك وجهة نظر تقول بأن الكتابي إذا سمّى فيمكن إن تؤكل ذبيحته، ولكن هذا القول خلاف المشهور، بل ادّعى بعضهم بالإجماع على خلافه. ونحن نرى أنه لا مانع من الالتزام بالحلّية إذا تحققت التسمية، لأن الذبيحة اسم، ولا يؤمن عليها إلا مسلم، كما جاء في حديث أئمة أهل البيت(ع)، فإذا حصل الأمن بتسمية غير المسلم، جاز أكل الذبيحة. وقد ذهب إلى هذا الرأي بعض الفقهاء المتأخّرين، كالسيد الشهيد الصدر «قدس سره» في رأيه الفقهي، وكالسيد (محمد صادق الروحاني) في كتاب «فقه الصادق»، وقد سبق للشهيد الثاني في «المسالك» أن تبنى هذا الرأي من الناحية العلمية الفقهية. أما الطهارة، فإن الرأي الأقرب الذي ذهب إليه كثير من الفقهاء المتأخرين، وفي مقدمتهم المرجع الكبير السيد (محسن الحكيم)، هو طهارتهم.