*حول مسألة فهم القرآن والنصوص، توجد نظرية تدّعي أنّ فهم الإنسان للقرآن غير ممكن، لأنه فهم بشري وليس كما أراد القرآن، فما هو المقياس الثابت في فهم النص بما هو؟
ـ إنَّ من الصعب جداً أن نفصل الجانب الذاتي عن الجانب الموضوعي في فهم أيِّ نص من النصوص، وإن من يقول إنّه لا يمكن له أن يستوعب الإسلام كله كمن يقول إنّه لا يمكن أن يفهم الماركسية من خلال النص الذي كتبه (ماركس)، أو لا يمكن أن يفهم القومية من خلال النص الذي كتبه منظرو القومية. صحيح أن الإسلام هو وحي الله، لكنَّ الله أنزل القرآن باللغة العربية، أي أنَّ الله أعطى هذه المفاهيم بهذه اللغة القرآنية، على أساس أن يفهم الناس ذلك، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}(النساء:82)، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(محمد:24). ومعنى ذلك أنَّكم تستطيعون إذا تدبرتّم القرآن وتعمقتم فيه وكانت لكم ثقافة قرآنية، أن تتفهموا القرآن لتردّوا على الشبهات التي تقول إنّه هو صنع رسول الله(ص) وليس وحياً من الله. ولذا فنحن نستطيع أن نفرّق بين القول إنّ هناك أناساً لا يفهمون القرآن، وبين أن نقول إنّ البشر غير معصومين، فالذي يفسِّر لنا القرآن، إذا كان معصوماً كالنبي(ص) وكأئمة أهل البيت(ع)، فهو التفسير المعصوم، لكن ليس معنى ذلك أنَّ الناس الآخرين إذا فسّروا القرآن فإنهم لا يستطيعون أن يفهموا الإسلام. نعم، إن فهمي للقرآن هو وجهة نظر في فهمه، ويمكن للآخر أن تكون له وجهة نظر أخرى في فهمه، وبالبحث والنقاش يمكن لنا أن نكتشف الخطأ هنا والصواب هناك.