الأسئلة والأجوبة
القرآنية والحديثية / شكّ أم يقين؟

*يقول تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآَفِلِينَ}(الأنعام:76). في هذه الآية تأكيد أن سيدنا إبراهيم لم يصل إلى الإيمان بالله إلا بعد سنتين من الشكّ والتحرك. فما مصداقية هذا الكلام؟ وكيف نفسِّر الآية؟


ـ كان إبراهيم(ع) من أروع الأنبياء في أسلوب الهداية وأسلوب الحوار والمناقشة، فمثلاً، حينما رأى بعض القوم يعبد النجوم، وبعضهم يعبد الشمس، وبعضهم يعبد القمر، لم يرد أن يواجههم بالقول: لا تعبدوا هذه الأشياء، ولو فعل ما كان ليحصل على نتيجة، لكنه وقف على مسمع ومرأى منهم في وقت كان القمر بازغاً، وكانوا مجتمعين تحت ضوئه، وقف وصرخ: {هَذَا رَبِّي}، وقد ارتاح القوم لقوله، وعندما غاب القمر، ثمّ طلعت الشّمس بعد ذلك، {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي}(الأنعام:88)، وفي النهار قال: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ}(الأنعام:77). فلقد بيّن بأسلوبه أن هذا كله ضلال، فهو أسلوب عمليّ للتوعية، بحيث إنك تقف وتحاور نفسك وتحاول أن تتبنى بعض الأفكار التي ترفضها، حتى تناقشها بينك وبين نفسك، وبذلك تأمن من ردِّ الفعل. ولقد قلنا في كتاب «الحوار في القرآن» إن على العاملين بالإسلام أن يتعلّموا هذه الأساليب، فنحن علينا أن نطوِّر أساليبنا، بحيث ندعو إلى الإسلام عن طريق المسرح، والسينما، والقصة، وغيرها، لأن المهم أن ننطلق من عمق النفس الإنسانية، وأن نحاول أن نكتشف ما هي الأساليب التي يمكن أن تتأثر بها هذه النفس، حتى نستطيع أن نلامس نقاط الضعف فيها.