*ألا ترى أننا كإسلاميين مشدودن إلى الماضي بكل امتداده العميق حتى إننا ننطلق من حل إشكالات الحاضر بآليات قديمة تحت شعارات أصبحت فضفاضة وغير واقعية أهمها السوء في تطبيق الشريعة، ألا ترى أن البحث العميق في الشريعة يكون أجدى خاصة في ظروفنا التي هي غاية في التشويش؟
ـ هذا صحيح، فهناك من يحاول حل إشكاليات الحاضر بالكثير من مفردات الماضي، ولقد قلنا إن الماضي عندما يكون رسالة الله فهو ليس ماضياً إنما هو حقيقة، لأن هناك أشياء في التاريخ لا يمكن أن يلغيها التاريخ ولا يمكن أن يحاصرها التاريخ لأنها لم تنطلق من التاريخ وإنما انطلقت من عمق الحقيقة. فالصدق لا عمر له، والأمانة لا عمر لها، والإيمان لا عمر له، فهي الحقيقة وحسب. لذلك عندما نريد أن نحل مشكلة من مشكلات الماضي بما بقي لنا من رسالتنا الإسلامية فإننا لا نحل مشكلات الحاضر بمفردات الماضي، لأن الرسالة ليست ماضياً بل هي حقيقة تشمل الحياة كلها، ومن الطبيعي عندما نريد أن نحل مشاكل الحاضر لابد لنا أن ندرس طبيعة حركة هذه المشاكل في الحاضر وطبيعة العناوين الثانوية التي يمكن أن تغير الحكم في موضوع ما إلى حكم آخر. فلا بد أن نعالج مشاكل الحاضر حتى من خلال المفردات الشرعية بطريقة معاصرة، حتى يمكن لنا أن نُلبس المشكلة ثوب الإسلام ولكن بطريقة جديدة من دون أن ننتقص من الإسلام شيئاً. ومن الطبيعي فإنّ علينا أن نحافظ على الإسلام في جانب النظرية والتطبيق معاً.