الأسئلة والأجوبة
التاريخ والسيرة / مظلومية الأئمة

*ألا تعتقدون أن الاستمرار في التركيز على مظلومية الأئمة من خلال المجالس الحسينية باعتبارها أكثر انتشاراً والتركيز أيضاً على استثارة الدموع يسي‏ء إلى شخصية الأئمة لأنهم كانوا في الواقع يمثلون رموزاً للثورة والتقوى والعلم والورع؟


 ـ إننا عندما ندرس الأئمة بهذه الطريقة فلا نثير سوى العاطفة في النفوس في الوقت الذي ينبغي أن ندرسهم دون الوقوف عند حدّ العاطفة فحسب، بل في كل أبعادهم فعلينا أن ندرسهم في مجال الروح والإيمان والعلم والتقوى والجهاد. وعندما ندرس مآسيهم فإن علينا أن ندرس هذه المآسي في مواقعنا وهي أنهم كانوا يواكبون المأساة في خط جهادهم في سبيل الله ولم يواجهوها من موقع ضعف، ولكنهم واجهوها من موقع قوة. وعندما تتحرك مأساة ما من موقع التحدي فإن الذي يتحمل المأساة يكبر بها ولا يتحجم أو يتقوقع في داخلها.
 
ولذلك عندما نبكي مأساة الأنبياء والأئمة والمجاهدين فإن علينا أن نبكي مأساتهم بعمق فرحنا بجهادهم، ولا نحاول أن نستأنس الدمعة لنسقط الشخصية لنرى أنها شخصية تتحدث بأسلوب الضعف، إن البعض يتطرفون في ذلك فيحاولون من أجل استدرار الدمعة أن يختاروا الكلمات التي تصور لك أن صاحب المأساة ضعيف الشخصية يخاف على نفسه ويخاف على حياته. وتلك ليست صورة الأئمة(ع) فيما نعرفه من سيرتهم. نحن لا ننكر العاطفة في تذكرنا لكل تاريخنا الإسلامي، فالعاطفة تغني الفكرة وتغني الخط ولكن العقل قبل العاطفة ودور العاطفة أن تسير مع العقل لتتزاوج مع العقل فلا تسقطنا العاطفة أمام المأساة ولا يزهدنا العقل بالمأساة. إنها مأساة رسالية وليست مأساة ذاتية، والمشكلة أن الكثيرين يخلطون بين حب الذات وحب الرسالة وهناك كلمة مروية عن الإمام زين العابدين(ع) تحدّد لنا الموقف «أحبونا حب الإسلام» فلم يقل؟ أن حبكم لنا هو حبّ ذاتي إنما هو حب في الإسلام. أي حب لمن يحمل الرسالة عندما يتحرك في خط الرسالة.