الأسئلة والأجوبة
التاريخ والسيرة / ما لحق النبي من أذى

*قال رسول الله(ص) «ما أوذي نبيُّ مثلما أوذيت» فما رأيكم في هذا الحديث مقابل نبي الله أيوب وإبراهيم(ع) في ذبح ابنه واذى كثير من الأنبياء؟


 ـ هناك الأذى الروحي الذي تعرض له نبيّنا(ص) فصحيح أن إبراهيم(ع) قد أُلقي في النار، وقال الله: {يا نارُ كوني برداً وسلاماً على إبراهيم}(الأنبياء:69). ونبي الله أيوب(ع) أصيب بأهله وأصيب بجسده وقد فرّج الله عنه، أمّا نبي الله محمد(ص) فقد قُوبِلَ بالاتهامات.. فافرض أن شخصاً من الناس جاء ليضربك ويقول عنك بأنك مجنون، وساحر وكاهن وشاعر ويقول عن القرآن أنه {أساطير الأولين إكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلاً}(الفرقان:54). ثم أنه(ص) كان عندما يعرض نفسه على القبائل في "مكة" يهرع "أبو لهب" ليقول وراءه لا تصدقنَّ ابن أخي إنه مجنون، وأيضاً عندما خرج للطائف لاحقه الناس بالحجارة حتى دميت رجلاه، وقد تعرض إلى ما تعرض له ولقد تآمروا في مكة على قتله حتى أضطر إلى أن يخرج بشكل أو آخر في ليلة الهجرة، وما واجههُ بعد ذلك من عدوان المشركين ومن عدوان المنافقين وعدوان اليهود عليه.
 
فلو أردنا أن نجمع كل المشاكل التي عاشها النبي(ص) والأذى الذي لحقهُ لرأينا أنه لم يستطع أن يستقر لحظة واحدة منذ أن بعثه الله عز وجل بالرسالة، حتى اختاره إلى جواره، فنجد أنه ليس هناك نب أوذي كما أوذي(ص) فاستقرأ حياة الأنبياء وخذ مثلاً عيسى(ع) وموسى(ع)، ستجد أنّ التحديات المتحركة التي واجهت النبي محمد(ص) جعلته لا يرتاح لحظة واحدة أي كانت حياته كلّها حركة دعوة وحركة تربية وحركة تعليم وحركة حرب وحركة سلم وصراع ومواجهة، وما إلى ذلك. ولم يعهد لأي نبي أنه عاش مثل هذا التنوع الحركي القاسي الذي يخرج فيه النبي من مشكلة ليدخل في أخرى أو تنتهي المعركة في موقع لتبدأ في مواقع أخرى وبهذا كانت الآلام الروحية والجسدية والاجتماعية تتحدى صبره فلا يسقط أمامها، بل يزداد قوة وعزيمة واستمراراً في الدعوة والجهاد واحتضان الناس، فقد كان كل الناس يعيشون في داخل عقله وقلبه فيحمل كل همومهم ويتألم لكل تعبهم ويحرص عليهم ويرأف بهم ويرحمهم ويحمل كل الأذى الذي يعانونه في قلبه وحياته فهل نرى نبيّاً أوذي مثلما أوذي نبينا محمد(ص)؟
بل لقد أُبتلي في داخل بيته فالله سبحانه وتعالى أنزل سورة يؤنب فيها بعض نسائه بطريقة أو أخرى، لذلك عندما ندرس مجموع الأذى الذي أصاب كلّ الأنبياء نجد أن أذى كل واحد منهم كان جزئياً أما أذى محمد(ص) فقد كان متنوعاً في كلِّ مواقعه، وفي كلِّ مجالاته.