*ذكرتم أنه لا حجة ملزمة بآراء العلماء السابقين ولكن نحن نعلم بأن كثيراً من كتب الشيعة أحرقت، وربما ذهبت كثير من الأحكام المدونة في تلك الكتب، ولكن بقيت إيحاءاتها وإيماءاتها عند هؤلاء العلماء وخاصة تلك الأمور التي يجمعون عليها؟
ـ عندما ندرس فتاوى العلماء وآراءهم فإنما ندرس الحجة التي احتجوا بها والأجواء التي انطلقوا فيها، فلذلك عندما نقول لا حجة في ذلك على أساس أنّ ما قدّموه من أدلة لا تثبت أمامه وحتى ما أجمعوا عليه فإن الإجماع إنما يكون حجة إذا كان كاشفاً عن قول المعصوم وفعله وتقريره، أما إذا قلنا بأن المجمعين انطلقوا من خلال حديث هنا أو قاعدة هناك فإنها لا تكون كاشفة عن قول المعصوم أو فعله، ولا تكون حجة حتى على من يقول بأن الإجماع حجة، لذلك فإن الحجة عندنا تقوم بما يصل إلينا عن أهل البيت وأما العلماء فليسوا معصومين، وإذا لم يكونوا معصومين (هم رجال ونحن رجال) ولذلك ما يقدموه لنا إن اقتنعنا به فنحن نؤمن ونفتي به ونلتزم به، وإذا لم نقتنع به فتكون لنا قناعاتنا التي هي حجة علينا أمام الله فلا تقليد في الفقه، يعني أن العلماء ليس لهم أن يقلدوا بعضهم البعض ذلك لأن التقليد حجة على غير العلماء، أما العلماء فإن عليهم أن يستنبطوا ويجتهدوا فإذا كان كلام العلماء يشتمل على حجة فإنهم يأخذون به، وما لم يشتمل على حجة فإنهم يرفضونه.
وكما أن العلماء السابقين يرفضون آراء بعضهم البعض فترى عندما تقرأ كتاب «تصحيح الاعتقاد» «للشيخ المفيد» أنه ينقد «الشيخ الصدوق» حتى يقول له في بعض كلماته، إن هذا الموضوع الذي تعالجه ليس من اختصاصك فعملك نقل الحديث لا أن تتكلم بالفلسفة، والشيخ الطوسي يختلف مع الشيخ المفيد وكذلك السيد المرتضى، وهكذا، فلماذا يجوز لأولئك أن يختلفوا مع بعضهم البعض ويرفضوا آراء بعضهم البعض ولا يكون لنا الحق في أن نختلف معهم ونرفض بعض أرائهم؟! فنحن نقول بأن مجرد القدم لا يعطي القديم قداسة فقداسة الرأي هي الحجة، نعم قداستنا فيما قال الله والقداسة فيما قاله النبي(ص) وفيما قاله أهل البيت(ع) ممّا صحّ عنهم وعن النبي، وأمّا قداسة العلماء فليس لدينا دليل بأنّ العلماء مقدسون فليس علينا أن نخضع لأرائهم بل إنّ تعظيمنا لهم هو أن نناقش آراءهم.