*كيف تسنّى للصديقة الكبرى الزهراء(ع) أن تصل إلى أكمل درجة إيمانية وصلتها امرأة، هل كان ذلك بسبب النسب والوراثة أم اللطف الإلهيّ وحده أم أن هناك عوامل مشتركة؟
ـ كيف عاشت الزهراء(ع)؟ لقد عاشت طفولتها مع الوحي الذي ينزل على أبيها رسول الله(ص)صباحاً ومساءاً فكانت تتحسس أجواء الوحي في الصباح وفي المساء. وكانت تعيش مع رسول الله(ص)فتتعلم منه في كل ما كان يتحرك فيه في بيته، وكانت تعيش أخلاقه وروحانيته وابتهالاته في الليل والنهار وكانت كما تحدثنا سيرتها تخرج مع رسول الله، وكانت تبكي في طفولتها الأولى عندما كانت ترى بأم عينها كيف كانوا يضعون الأوساخ على ظهره، وكانت تأخذ منه حناناً وتعطيه حنانا، وتأخذ منه أخلاقاً ويتمثل ذلك في أخلاقها، لذلك عاشت الزهراء(ع) في بيت رسول الله كل روحية رسالته وكل مفرداتها، ولم نعرف أن الزهراء تعلمت عند معلم أو قرأت عند شخص فكل ثقافتها كانت من رسول الله وكل تربيتها في أحضان رسول الله فلقد أعطاها الله لطفاً من ألطافه ورحمة من رحماته فتكاملت لها الصورة من جهدها ومن بيتها ومن لطف الله بها كما يلطف الله بأوليائه وعباده الذين انفتحوا عليه بكل ما عندهم من عمق، لذلك كان لها جهدها عندما تعلمت من رسول الله، وهكذا انتقلت من بيت رسول الله العائلي إلى البيت الثاني لرسول الله وهو بيت علي(ع) الذي عاش مع رسول الله في الليل والنهار، وعاشت مع علي(ع) روحانيته وفكره وصبره وجهاده وانفتاحه. واستطاعت أن تحقق لعلي أعلى نموذج للبيت الإسلامي الذي يتنفس فيه الروحانية والجو الإسلامي كله.
وهكذا كانت صورة من رسول الله وانفتاحاً من علي وكانت لها خصوصيتها التي كانت تعيش مع الله سبحانه وتعالى حتى أن ولدها الإمام الحسن(ع) كان يحدث عنها أنها كانت تقوم الليل حتى تتورم قدماها وكانت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها، فقال لها: يا أماه لمَ لا تدعين لنفسك؟! فقالت يا بني «الجار ثم الدار» وهو قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}(الحشر:9). هذه هي فاطمة في سمّوها الروحي والفكري إنسانة تعيش الطهر كله والنقاء كله والعصمة كلها.