الأسئلة والأجوبة
التاريخ والسيرة / الخطابة الحسينية

دور المنبر الحسيني:
*
عندما ندقق النظر في الأسلوب الثقافي والفكر الذي يتبناه أصحاب المنبر الحسيني نجد أنهم لم يتطرقوا إلى الفكر السياسي، مما يربي الكثيرين على هذا النمط، ونحن بحاجة إلى المنبر الثقافي والفكري والسياسي، فبماذا تفسرون ذلك؟


 ـ أنا مع السائل في أن المنبر الحسيني على صاحبه أفضل التحية والسلام هو منبر دعوة وهو منبر توعية، وهو منبر حركة، وهو منبر ثورة، وهو منبر الإسلام كله، لأن الحسين(ع) كان مسلماً وكان إمام الإسلام وكان داعية له وللإسلام، ولأن الحسين كان ثائراً يريد أن يصلح أمة جده رسول الله(ص)ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لأن الحسين(ع) كان العزيز الذي رفض الذل ويريد للناس أن يكونوا الأعزة الذين يرفضون الذل. وكربلاء بالتالي هي قيمة ثقافية فيما هي ثقافة الإسلام وقيمة سياسية فيما هو عنوان السياسة من حيث العدالة والحرية. وفي كل مفرداتها المنطلقة في الواقع الإنساني.
 
وكربلاء بعد ذلك قصة المأساة الإنسانية التي تتطلع إلى كل المآسي المماثلة التي تنطلق في التاريخ، إن كربلاء تمثل الإنسانية في كل مضامينها وهي تمثل وتجسد أعلى نموذج للإنسان إن في شخصية الحسين(ع) و إن في شخصية أهل بيته وأصحابه وإن في حركة هذا التفاعل الإسلامي بين المرأة وبين الرجل، وهي تمثل في الوقت نفسه حركة الطفولة في بطولتها وفي إنسانيتها.لذلك فإن مشكلتنا أننّا جمّدنا الحسين(ع) دمعة وجمدناه مأساة وجمدناه حيث عزلناه عن الواقع، لأن الذين يقيمون المنبر الحسيني في الغالب يشترطون أن لا يتكلم الخطيب في السياسة، وأن لا يتجاوز المأساة، وأن لا يلامس القضايا الحية التي تثير حساسية المجتمع، وأن لا يناقش المفاهيم القلقة التي انطلق الناس فيها على أساس خاطى‏ء، بعملية تصحيح، لأن الناس لا يرضون. وهكذا جمدت كربلاء وكفّت إلا في المواضع الحيوية من حركيتها كما لاحظنا ذلك في انطلاقة الإمام الخميني(رض) عندما قال «كل ما عندنا من عاشوراء».
لقد جُمّدت كربلاء وأصبحت وسيلة من وسائل التجميد والبعد عن الواقع، ونحن نعرف من منطقة الاحتلال الإسرائيلي في "جبل عامل" و"البقاع الغربي" في لبنان أن الصهاينة يأتون إلى مجالس الحسين في عاشوراء ليجاملوا الطائفة الشيعية باعتبار أنها تحولت إلى تقليد يتحرك في قضايا التاريخ، ولا يمكن أن ينفتح على الواقع. أنا لا أقول أن كل النماذج كذلك على الإطلاق فنحن نعرف أن هناك نماذج كانت تحرك قضايا كربلاء في خط الحرية وفي خط العدالة، وكنا في «النجف» نلتقي ببعض الخطباء الذين كان الناس يتهمونهم باليسارية أو الشيوعية وهم ليسوا كذلك، ولكنهم كانوا ينقدون الحكم والحاكم وينقدون كل الواقع السي‏ء. لكن الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية اجتمعت على أساس أن تجمد قضية الحسين(ع). إن القضية الحسينية تمثلها كلمة للإمام الصادق(ع): «أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا».
وأهل البيت(ع) لا أمر لهم إلا الإسلام، والأئمة(ع) كما في (أصول الكافي) كلّهم موقف واحد «من كان ولياً لله فهو لنا ولي ومن كان عدواً لله فهو لنا عدو، واللهِ لا تنال ولايتنا إلا بالورع». فالقصة هي هذه «رضا الله رضانا أهل البيت»، وليس معناها إن لم نرضى فلا يرضى الله، بل بالعكس وإن كان بعض الناس يفهمونها هكذا.. والمقصود نرضى بما يرضى الله، فالأئمة(ع) ليس لهم إلا الإسلام، وليس لهم إلا المسلمون «لأسالمنّ ماسلمت أمورُ المسلمين» قالها الإمام علي(ع): «فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً»، إحياء أمر أهل البيت لا يكون إلاّ بإحياء الإسلام لأن أهل البيت عاشوا للإسلام وماتوا في سبيله كما كان جدهم(ص).
 
لذلك فلا بد لنا أن ننطلق في عاشوراء التي تجمع الناس كما لم تجمعهم مناسبة أخرى، إن اجتماع الناس في عاشوراء مسؤولية المنبر وصاحب المنبر لأنه لم يجد هناك فرصة يستطيع بها أن يعمق من خلالها الوعي الإسلامي، وأن ينقد الأوضاع اللاإسلامية ويثير الوعي ويحرك الانفتاح على القضايا العامة، وأن يقارن بين المأساة التي كان قد عاشها أهل البيت(ع) وبين المأساة التي تتحرك في الواقع مثل مأساة (البوسنة) والمأساة التي تعيش في أكثر من بلد إسلامي.
عند ذلك يشعر الإنسان وهو يستمع إلى مأساة الحسين انه لا يريد أن يتمثل المأساة في الماضي لأنك عندما تربط بين مآسي الحاضر وبين مأساة الإمام الحسين(ع) في خط معين فإنك تستطيع أن تتمثل تلك المأساة في هذه المأساة.
أنا أقول دائماً إن علينا أن نخرج المنبر الحسيني من هذا القمقم الذي حبسناه فيه، فيما بعض الناس يقولون أن قضية الحسين(ع) تنتشر بالتطبير وبالسلاسل، أبداً، فليست هذه هي قضية الحسين(ع)، إن قضية الحسين هي المتمثلة بالوعي الإسلامي وبالالتزام بمبادئ الحسين، وبأن تعيش على أساس العزّة «ألا وأن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة»، هذه الشعارات الثورية بإمكاننا أن نوجهها «لكل طاغية» و»لأمريكا» وإلى كل إنسان يظلم أو يتجبّر.
 
وحتى الأساليب يمكن أن تتطور، فعندنا مثلاً شعر للسيد «حيدر» والسيد «جعفر الحلي»، إنهم عاشوا زمنهم وعاشوا ذهنية زمنهم في المأساة وعاشوا مفردات زمنهم في هذه القضايا، أما الآن فقد أصبح العالم يتمثل المأساة بأساليب جديدة، الأشياء التي كانت تُبكي سابقاً لا تبكي الآن ولست أقول فرقوا مأساة الإمام الحسين(ع) عن العاطفة، إنّا نعتبر العاطفة أساسية جداً، فقضية الحسين(ع) ليست ثورة فقط، إنها مأساة والمأساة هي التي حركت الثورة. والعاطفة في القضية الحسينية هي التي شاركت في امتداد القضية الحسينية، أنا مع العاطفة ولكن للعاطفة أساليبها، ربما كان في السابق أسلوب معين، ونحن الآن لنا أساليب معينة، دعوني أسألكم هل نحن نمارس أساليب أجدادنا في كل الملبس والمأكل؟ أليس لدينا الآن أساليب في التحية غير تلك التي كانت قبل مائتي سنة؟!
فلقد تطورت التحية كما تطورت أساليب اللبس والعلاقات الاجتماعية، وعلينا أن نطور أساليب التعبير عن المأساة، علينا أن لا نتكلم بلغة مائتي سنة، ففي الأسلوب الأدبي الذي كان يتمثله «الهمداني» في مقاماته ومقامات «الحريري» والسجع كله أصبحت مقبّحات بديعية لا محسّنات بديعية.
فإذا أردتم أن تخلّدوا قضية الحسين(ع) حتى تدخل الجامعة وتنطلق في المجالات التي يلتقي فيها المسلمون وغيرهم علينا أن نطورها، نطور عرضها، نعُقلّ الكثير من الأشياء التي تعتبر أشبه بالخرافة، حتى نستطيع أن نجعلها تمتد في الناس ويكون هذا المنبر هو منبر الإسلام بكله، وينطلق الحسين فيه كإمامٍ للإسلام في كل مجالاته.


أول مجلس عزاء:
*
متى كان أول مجلس عزاء على الإمام الحسين(ع) ومتى بدأت رحلة اللطم والمواكب؟


 ـ يبدو أن الأئمة(ع) هم أول من فتح هذا الباب ووجهوا الناس إليه من أجل أن يعطي الامتداد لهذه الذكرى في أول التاريخ، أما ظاهرة اللطم فليست لها تاريخ بشكل دقيق نستطيع أن نذكره بالتحديد.


الحاجة للعاطفة:
*
تقولون بأن الدمعة ليست كل شي‏ء والعواطف دون الوعي لا حاجة لها، في حين أننا نعتقد بأن الدمعة والتفاعل العاطفي مع مأساة الحسين(ع) أم ضروري، وعلى ذلك ففي تصوري إننا محتاجون بأن نسمع منكم ما يوجهنا ويدفعنا بشدّة للدمعة المتعاطفة مع المأساة الكربلائية ثم بعد ذلك نقول توّجوها بالوعي؟


 ـ كنت أريد أن أقول أن لا تكون الدمعة تقليدية، فبعض الناس يعرف المأساة فقط بطريقة بيان السيرة فبمجرد أن يبدأ الخطيب بالنعي ولاسيما إذا كان صوته جيداً وحنوناً وموسيقياً بحيث يحرّك المشاعر، فإن البعض ينخرط بالبكاء.
أمّا قضية العاطفة فهي أن الإنسان عندما يكون واعياً للمأساة فلا يمكن إلا أن يبكي، فقضية الحسين(ع)عندما تصور بصورتها الحقيقية وبأسلوب فنّي مميّز لابد أن تستثير العاطفة إذ تكون الدمعة حارة تنطلق من القلب والشعور وتثير مشاعر الحزن والأسى، لذلك فعلينا أن نعي المأساة لتنطلق من عمق قلبك ولا تنطلق من خلال عينك! أو من خلال ألحان النعي التي تسمعها.


الخطيب النموذجي:
*
كيف نتصور النموذج الأكمل للخطيب الحسيني من ناحية ثقافته وأفكاره ومن ناحية اهتماماته وأهدافه، وهل يؤثر ذلك على وظيفته؟


 ـ إنني أتصور بأن قيمة المنبر الحسيني هي أنه منبر دعوة قبل أن يكون منبر دمعة وهو منبر للإسلام كله لأن الحسين(ع) ليس مجرد شخص نقدسه ونحبه في التاريخ ونبكي على مصابه ولكنه إمام للمسلمين عاش همّ الإسلام بكل عقله وفي كل قلبه، وتحرّك من أجل إصلاح الواقع المنحرف على مستوى القيادة وعلى مستوى المنهج العلمي وعلى مستوى الانحرافات السلوكية هنا وهناك. ولذلك ليس لكربلاء في كل أبطالها وفي كل شعاراتها وفي كل امتداداتها ليس لكربلاء خصوصية ذاتية بل أنّ خصوصيتها الإسلام، وعندما نعرف أن الحسين(ع) كان لا يعيش الانتصار المادي في حجم اللحظة التاريخية التي عاشها بل كان يعيش الانتصار المستقبلي على مستوى انتصار الإسلام وعلى مستوى خروج الواقع الإسلامي من حالة الانحراف إلى حالة الاستقامة ومن واقع الظلم إلى واقع العدل، فإن همّ الحسين(ع) كان مستقبلياً حيث كان يريد أن يمنع الانحراف في مدى الزمن وكان يريد للناس من خلال تعمّقهم في مأساته أن يثوروا على الذين صنعوا المأساة في الماضي ليثوروا على الذين يصنعون المأساة في الحاضر وفي المستقبل.
فلو قدّمنا ألف احتجاج على ما قاموا به من صنع المأساة فلن يقدم ذلك شيئاً ولن يؤخر، لأنهم انتهوا مع الزمن ولكن أن نحوّل نماذج الخير هناك إلى نماذج الخير بكافة أنحاء الحياة، نستوحيها، ونستلهمها، وننصرها ونقف معها وأن نحوّل نماذج الشر هناك إلى نماذج الشر في مدى الزمن لكي نلعنها، ونحتج عليها، ونبعدها عن ساحاتنا، ونمنعها من أن نصنع المأساة في إنسان جديد من خلال ذلك كله، لابد للإنسان الذي يرتقي المنبر الحسيني لا أن يفهم الثقافة الإسلامية من مصادرها الأصلية فحسب بل لابد أن يكون واعياً لكل مفردات الثورة الحسينية في خطواتها المتوازنة فكرياً والمتوازنة روحياً بحيث لا يخلط بين الغث والسمين. وأن لا تكون مهمته أن يثير الدمعة بل يدرس السيرة دراسة شمولية لينتقي منها ما ينفع عقل الإنسان الجامعي والمثقف ويرتاح إليه.
ولابد أن يحرز الثقافة الواقعية المستوعبة لأوضاع المجتمع والأوضاع السياسية، و أوضاع السلم والحرب على مستوى كل الواقع الإسلامي حتى يدخل في مقارنة بين المجتمع هناك والمجتمع هنا، وبين حركة الحياة هناك وحركة الحياة هنا، والمشاكل التي تعيشها أمام الاستقلال بكل مفرداته حتى يستطيع أن يرجع الناس إلى كل كربلاء تتمثل في العصر تحمل قضاياها وتعيش مأساتها وحتى ينتج من خلال الوعي كربلاء جديدة في أكثر من موقع، إن مهمة المنبر الحسيني هي مهمة تنطلق في خط الدعوة إلى الله، وفي خط الوعي للواقع وفي خط تربية عباد الله من أجل أن تكون حياتهم أعزّ وأكثر استقامة ووعياً.


استغلال الموقع الخطابي:
*
هل يمكن لنا أن نتصور حرمة قراءة بعض الخطباء، وفي أي حال؟ علماً أن ذكر الحسين(ع) حسن على كل حال؟ وهل يجوز الحضور في مجالس يساء فيها للعلماء والمؤمنين؟


 ـ على أي خطيب سواء كان خطيباً منبرياً حسينياً أو خطيباً واعظاً أن لا يستغل موقعه الخطابي في الإساءة إلى قيم الإسلام ولا التهجم على المسلمين وعلى المؤمنين بما يثير الفتنة، كما إن على الخطيب أيضاً سواءً أكان حسينياً أو مرشداً أو واعظاً أو ما إلى ذلك، عليه أن يعرف إن ما يقوله سوف يدخل في عقول الناس، بما في ذلك التخلف الفكري والخرافة وما إلى ذلك.
فلابد للإنسان الخطيب أن يتحسس مسؤوليته في كلماته، فنحن نريد أن نقدم الحسين(ع) للناس من خلال الإسلام المنفتح على الحقائق والمنفتح على كل ما يرفع من مستوى الإنسان في كل مجالاته.


الإشراف على الخطابة:
*
لماذا لا يكون هناك لجنة تشرف على خطباء المنبر الحسيني وعلى نشاطاتهم حتى نستطيع أن نراقب الخطيب ونحاسبه؟


 ـ إن المشكلة هنا هي مشكلتنا في طبيعة المجالس الحسينية في الواقع الاجتماعي، والمشكلة الأولى هي ثقافة الخطيب، وذلك أن الكثير من الخطباء قد يعطون أنفسهم فرصة ليأخذوا بأسباب الثقافة إن من ناحية اللغة العربية أو من ناحية المفاهيم الإسلامية، أو من ناحية الواقع التاريخي، هذه جهة. والمشكلة الثانية هي الجمهور الذي لا يحب للخطيب أن يكون صريحاً معه، لذلك فإن الخطباء وربما بعض العلماء أيضاً يقلدون العوام ويتحركون مع العوام، في الذهنية الساذجة البسيطة المنفتحة على القضايا المتصلة بعاشوراء في تفاصيلها المأساوية أو غيرها من الشؤون العامة أو الخاصة. فالعامة هي التي أصبحت تضغط على الخاصة، ولذلك نجد أن الكثيرين من الناس لا يقفون من بعض الانحرافات سواء كانت تاريخية أو مفهومية موقفاً حاسماً، أولئك يقول عنهم علي(ع) «همج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور الحق ولم يلجأوا إلى ركن وثيق» ويقال أن (الملاّ صدرا) صاحب (الأسفار) كان ينسب إليه وحدة الوجود، ووجود الله كله واحد بطريقة فلسفية طبعاً ومفهوم الوجود لا حدود له، لكنه عندما قال بوحدة الوجود فهمه الناس بطريقة سلبية وقيل أنه سمع شخصاً يسبّه فيقول «اللهم العن ملا صدرا، اللهم العن ملا صدرا» فقال له لماذا أنت تلعن ملا صدرا؟ قال لأنه يقول بوحدة واجب الوجود، فقال له انه يستأهل فالعنه أكثر لأنه لا يفرّق بين وحدة الوجود وبين وحدة واجب الوجود وهو الله.


خطباء المنبر والروايات:
*
نراكم تستدلون ببعض الروايات أو القصص التي قد لاتصل إلى المستوى المطلوب سنداً وطريقاً، وإن كانت تؤدي الغرض دلالةً. ولنا اعتراض على خطباء المنبر الحسيني في سلوك مثل هذه الطريقة في التبليغ والخطابة، فما هو تعليقكم؟


 ـ إن قضية الوثاقة يمكن أن نستفيدها من نفس المضمون ولاسيما إذا كان مجرى الخبر منسجماً مع مفاهيم إسلامية صحيحة أو مع خطوط عامة إسلامية صحيحة. ولذلك فنحن قد نستدل ببعض الأخبار التي قد تكون بحسب المصطلحات الروائية ضعيفة، ولكن نرى إن الحديث قوي من خلال مبنانا في حجة الخبر، وهو إن الخبر الموثوق نوعاً هو الحجة. ومن الطبيعي لابد أن ننظر إلى مضمون الخبر، ونحن نأخذ على كثير من الخطباء أو العلماء في مواعظهم أنهم لا يدققون في مضامين الأخبار، فقد يقرأون الفكرة غير الدقيقة، وقد يتحدثون عن أشياء ليس لها أساس، لذلك نقول لابد أن يدقق الخطيب في سند الخبر بما يوجب الوثوق به وفي دلالة الخبر معاً، لأن كثيراً من الأخبار بالإمكان تدقيقها من خلال مضامينها، ولابد من دراسة طبيعة هذه المضامين حتى إذا كان السند موثوقاً.


فتوى بتحقيق الأحاديث:
*
من الضروري إلزام أي خطيب أن لا يتحدث بأي حديث إلا بعد التأكد من صحته، هل يمكن إصدار فتوى بهذا المضمون؟


 ـ لقد أصدر العلماء فتاوي عديدة بأنه لا يجوز أن ينسب أي حديث إلى النبي أو إلى الأئمة ما لم يوثق من صحة المصدر، فإذا قال الراوي شيئاً فعلى الخطيب أن يلاحظ هل أن مضمون هذه الرواية صحيح ينسجم مع العقيدة والشريعة أو لا فبعض الخطباء يقول قال الراوي وهو يتصور أنه إذا نقل عن الراوي فإنه يعفي نفسه من المسؤولية طبقاً لمقالة «على ذمة الراوي» ولذلك، فإن على الخطيب عندما يحدث الناس بالأحاديث أن يتجنب الحديث الذي يسي‏ء في مضمونه إلى العقيدة وإلى التصور العام وإلى الثقافة الصحيحة.


منافاة عفة أهل البيت:
*
في الزيارة المعروفة (وخرجن ناشرات الشعور لاطمات الخدود) فكيف يمكن لبنات الرسالة أن يخرجن ناشرات الشعور؟


 ـ أولاً: إن هذا المقطع هو من «زيارة الناحية» وهي زيارة موضوعة من قبل بعض العلماء لم يثبت لدينا صدورها عن الإمام الحجة(ع) فلم يثبت سندها عنه، ولذلك فهي زيارة مفجعة تثير الشعور، ولكنها لا تمثل كلام الإمام خصوصاً وأن مسألة خروجهن ناشرات الشعور شي‏ء لا يمكن تصديقه في هذه القصة، وإنما ذكرت إثارة للجّو بلسان الحال، أي أنهن لولا وجود الرجال الأجانب لنشرن شعورهن.