تجربة الرضا السياسية:
*كيف نتعقل خصوصية تجربة الإمام الرضا(ع) السياسية في إطار الإيمان بوحدة الهدف للأئمة جميعاً؟
ـ نحن نفهم أن حركة الإمام فيما أراد الله لها أن تنطلق هي حراسة المفاهيم الأصيلة للإسلام في العقيدة وفي الشريعة وفي مفاهيم الحياة وحركة الحياة، ولذلك فإنهم يستفيدون من كل فرصة توسّع الواقع أمامهم من دون أن يقدموا أي تنازل من حقهم ومن موقفهم، ولذلك فإن الإمام الرضا(ع) قبلَ الموقع الذي وضع فيه وموقعه في العمق أكبر وأغنى، وهو لا يحتاج إلى من يوليه ولاية العهد لأن العهد له، لكن الإمام قَبِل ذلك لكي يفتح له الساحة كلها وأن يبين فيها كل ما يرى أن من الضروري أن يعرفه الناس مما تنازع فيه المتنازعون لتكون الحقيقة بين الناس. ونحن نجد أن الأئمة(ع) استفادوا من كل الثغرات التي كانت موجودة وكان يمكن أن ينفذوا منها من أجل الوصول إلى النتائج الكبرى في حركة الرسالة، وليس عندهم إلا الإسلام فهم أئمة الإسلام وقد جاء عن الإمام «زين العابدين»(ع) «أحبونا حبَّ الإسلام» وقد جاء عن سيدهم وأبيهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) أنه قال «لأسلّمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جو إلاّ عليَّ خاصة».
دروس من تجربة الرضا:
*ما هي الدروس التي نتعلمها من هذه التجربة عن خط العمل التغييري في حلبة الصراع السياسي خاصةً؟
ـ إننا نعتقد بأن من الضروري للعاملين ولكل المسلمين أن من يملك فكرةً يعطيها للآخرين، ومن يملك تجربة يقدمها للآخرين من أجل الإسلام، وأنّ علينا أن نعمل على أن نكون في الساحة دائماً فلا مجال لأن ننعزل عن الساحة، ثم أن لا نكون الحياديين الذين يجلسون على التلّ بل أن نقتحم الواقع، لا نقول بالفوضى، ولكن أن ندرس كل إمكانات الواقع لنواجه كل مشكلة بالحل المناسب فلا مجال لأن تكون حياديّاً، أن لا تكون مع الحق، وأن لا تكون مع الباطل كذاك الذي قال: (الصلاة خلف عليًّ أتمْ) وكان يصلي خلف عليّ و(الطعام عند معاوية أدسم) فكان يتغدى عند معاوية و(الجلوس على التل أسلم) وكم هم الذين يجلسون على التل؟ جاء في حديث الإمام موسى الكاظم(ع) أبِ الإمام الرضا(ع) أنه قال لأصحابه: «أبلغ خيراً وقل خيراً ولاتكن إمّعةً فإن رسول الله(ص) نهى أن يكون المرءُ امّعةً» قال وما «الأمّعة؟» قال أن تقول أنا مع الناس وأنا كواحدٍ من الناس إنّما هما نجدان نجدُ خيرٍ ونجدُ شرٍ فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير» أن تكون لك كلمتك، وأن يكون لك موقفك وأن يكون لك رأيك: وان كانت المسألة قد تفرض عليك أن تحرك الكلمة بطريقة دبلوماسية أو بطريقة قوية أو بغير ذلك، فلكَ حرية أن تختار الأسلوب وعليك أن تبقى مع الإستراتيجية ولك الحرية في التكتيك الذي لا يبتعد عن الإستراتيجية.
إن مشكلتنا أيها الأحبة في كل واقعنا الإسلامي هو الأكثرية الصامتة التي شعارها مالنا وللدخول بين السلاطين اتركوهم يظلموننا، اتركوهم يقهروننا، اتركوهم يعملون لنا ما يعملون والله تعالى يقول {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}(آل عمران:104). والبني الأكرم(ص) يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، كن الرافض دائماً، كن الرافض في قلبك حتى وإن منعك الناس أن تتكلم فرفضك في قلبك يتمثل في عينيك. قد لا يستطيع لسانك أن ينطق ولكنّ العينين قد تنطقان بطريقتهما في مواجهة المنكر أو فاعل المنكر بأبلغ ما يمكن. لذلك أن تكون مسلماً أن تعيش إسلامك كلمةً وموقفاً ووعياً وانفتاحاً في كل المجالات.