مسائل قرآنية
دروس للعاملين في حقل التربية الإنسانية
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُون} قد نستوحي من اختلاف النتائج الطيبة في البلد الطيب والخبيثة في البلد الخبيث في الوقت الذي يستويان فيه في نزول المطر عليهما، أنَّ نزول المطر لا يكفي في الإنتاج الطيِّب وفي الخصب المثمر، بل لا بد من أن تكون الأرض صالحةً قابلةً للخير بحسب خصائصها الذاتية التي تنفتح على الرحمة الإلهية، فإذا كانت الأرض سبخةً مالحةً، فلا يزيدها المطر إلا ملوحةً من دون أية فائدة، وإذا كان للمطر دورٌ في بعض الإنتاج، فلن يكون إلا شوكاً وحنظلاً لا غناء فيه ولا لذّة. وهكذا…
المتفلسفون وتطبيق الآية على نسبة الهدى والضلال إلى الله تعالى
{فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ} وقد حاول المتفلسفون أن يجعلوا من هذه الفقرة في الآية دليلاً على أن عملية الهدى والضلال من الله، لأنها نسبت حالة انشراح الصدر للإسلام إلى إرادة الله الهداية لهذا الشخص، فهو الذي يلقي في قلبه الحالة الروحية الفكرية التي يواجه فيها الهداية براحةٍ وطمأنينة، كما نسبت حالة الضيق والحرج للصدر إلى إرادته الإضلال، فهو الذي يخلق ـ في داخله ـ الأزمة الروحية التي تمنعه من قبول الدعوة الإسلامية. وقد تتوضح الصورة في معنى هداية الله بطريقة أقرب إلى السنة الإلهية…
إشكالية نسب ابن البنت إلى الجدّ
وهنا مسألة أثارها المفسرون في استيحاء قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} حيث ذكر عيسى(ع) من ذرّية إبراهيم(ع)، مما يدل على أن ابن البنت هو من ذرّية الجدّ، فلا ينحصر النسب بالقرابة الحاصلة من جهة الأب. وقد انطلق التدقيق في هذه المسألة من خلال الجدل الذي دار حول انتساب الحسن والحسين(ع) إلى رسول الله(ص)، باعتبار أنهما ابنا ابنته فاطمة(ع). فقد جاء في تفسير العياشي عن أبي حرب عن أبي الأسود قال: "أرسل الحجّاج إلى يحيى بن يعمر قال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي تجدونه في كتاب الله، وقد قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجده.…
الارتباط بالرسالة لا بالشخص
{ومـا محمَّدٌ إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبلِـهِ الرُّسُـلُ أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يَضُرَّ اللّه شيئاً وسيجزي اللّه الشَّاكرين} وهكذا نجد القاعدة الإسلامية التي تربط الإنسان المؤمن بالرسالة ولا تربطه بالشخص إلاَّ من خلال الرسالة، فلا تموت الرسالة بموته، ممثّلة في بعض النماذج المؤمنة في ذلك الوقت. وقد وقف القرآن الكريـم موقفاً حاسماً ـ كما أشرنا إلى ذلك ـ وأكّد أنَّ الرَّسول محمَّد (ص) هو أحد رسل اللّه، جاء على فترة من الزمن، وجاهد في سبيل تبليغ هذه الرسالة حتّى يربط النَّاس باللّه من خلالها؛ فإذا مات ميتة طبيعية، أو قُتل في…
حكم الزنى في الإسلام
{الزَّانِيَةُ والزاني فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} لأنهما انحرفا عن القاعدة الاجتماعية التي أراد الله أن يخضع لها نظام العلاقات الجنسية، بما يكفل ضبط نوازع الغريزة وتلبية حاجتها، ويؤمّن الإيحاء الداخلي الطاهر بأنها حاجة لتنمية الحياة في اتجاه هدفٍ متوازن، وليست قيمةً تتجمع في داخلها طموحات النفس.. ولهذا فإن عملية التنظيم والتخطيط في هذا المجال قد تحمل بعض سلبيات التحديد والتقييد، ولكنها تمنح الإنسان إيجابيات التوازن والاستقامة والتركيز، تماماً كما هي حاجات الحياة الأخرى في داخل الجسد وخارجه، التي لا يريد الله لها أن تموت، لأنها جزءٌ من حركة الحياة في وجوده، ولا يريد لها أن تطغى في أجواء…
التقية
أسلوب التقية في الخط الإسلامي الحركي {إِلاَ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} وذلك بإظهار الانسجام معهم في الالتزام بما يريدونه ويفرضونه من أوامر ونواهي وتعليمات وأوضاع، والإيحاء لهم بأنهم معهم في خطهم الفكري والعملي، وذلك تحت ضغط التهديد الخفي أو المعلن، والتعسف السلطويّ الذي يمارسونه ضدّهم في أساليب الظلم والعدوان التي يوجهها المستكبرون ضد المستضعفين، فإن الله قد رخّص للمستضعفين الذين {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [النساء: 98]، أن يدرسوا ظروفهم الموضوعية في عملية مقارنة بين واقعهم الضعيف وموقع الأقوياء الظالمين القوي، ليتعرفوا المواقف التي تفرض عليهم إظهار الالتزام بما يريده المستكبرون، مع الرفض لهم في العمق الخفي من شخصيتهم،…
القرعة: عبادة وابتهال
وقد جاءت الأحاديث عن أئمة أهل البيت(ع) لتجعل للقرعة معنى دينياً في أسلوب دعائي ابتهالي، يرجع فيه المقترعون إلى اللّه، طالبين منه أن يلهمهم الصواب ويخرج لهم الحقّ، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق(ع) في الصحيح في رواية الفضيل بن يسار المروية في الكافي والتهذيب، قال: سألت أبا عبد اللّه(ع) عن مولود ليس له ما للرجال ولا ما للنساء؟ قال: يقرع الإمام أو المقرع يكتب على سهم (عبد اللّه) وعلى سهم (أمة اللّه)، ثُمَّ يقول الإمام والمقرع: اللّهم أنت اللّه لا إله إلاَّ أنت عالـم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك ما كانوا فيه يختلفون، فبيّن لنا أمر هذا المولود…
من هدي القرآن الكريم البركة في التصوّر القرآني
السيد محمد حسين فضل الله لقد جاء في الآيات الشّريفة كلمة {مُبَارَكٌ} وصفاً للقرآن، وقد أثير الحديث حول طبيعة هذه البركة، هل هي حسية خاضعة للأسباب والمعطيات العاديّة في علاقة المسببات بأسبابها، بمعنى الزيادة والنمو المادي والنّفع العملي، كما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً}[مريم:31]، أي نفاعاً للناس، أو هي معنويّة روحيَّة تنفتح على الجانب الروحي للإنسان، من خلال الله سبحانه الَّذي يفيض الخيرات والبركات على النّاس من لطفه ورحمته، كما في قوله تعالى حاكياً عن الملائكة في حديثهم مع إبراهيم: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ}؟! والظّاهر أنّ الله يفيض البركة على الحياة وعلى عباده بالخيرات المتنوّعة في الجانب الماديّ…
كيفية مواجهة المرأة لنشوز الزوج
السيد محمد حسين فضل الله قد تلمح المرأة في حياتها مع الزوج تغيّراً في معاملتها وتمرّداً على حقوقها وإعراضاً عنها بوجهه، وربما كان ذلك نتيجة كِبَرٍ أو ميلٍ إلى زوجة أخرى أو غير ذلك من الأسباب... فكيف تواجه المرأة هذا الموقف؟ من الطبيعي أن الإسلام لم يرخص للرجل في ذلك فقد أراد الله له أن يعاشر زوجته بالمعروف، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ رخّص له في الطلاق، عندما تموت العاطفة في الروح، ويتبدل الجو الطيّب إلى حالةٍ من النفور. وقد لا تحب الزوجة أن تفارق زوجها، بسبب بعض المؤثرات الذاتية، فلها أن تدخل معه بالمفاوضات التي تنتهي إلى الصلح،…